زيارة لافتة لسلام إلى السعودية في الفطر… وضع مشدود جنوباً و”الحزب” يزايد

زيارة لافتة لسلام إلى السعودية في الفطر… وضع مشدود جنوباً و”الحزب” يزايد

المصدر: النهار
30 آذار 2025

رغم بدء عطلة عيد الفطر التي تمتد لثلاثة أيام حتى منتصف الأسبوع الطالع يبدو ان قنوات الاتصالات الديبلوماسية لن يصيبها جمود العطلة لان الوضع الماثل غداة جولة التصعيد الواسعة الجمعة الماضي التي بلغت نيرانها الضاحية الجنوبية للمرة الأولى منذ اعلان اتفاق وقف النار في ٢٦ تشرين الثاني الماضي لا يحتمل انتظارا وقد يكون جاهزا للتفجر مجددا في أي لحظة. وفي الواقع فان الساعات الأخيرة شهدت تكثيفا للإتصالات الديبلوماسية الجارية بين المسؤولين اللبنانيين والعواصم المعنية مباشرة برعاية وقف النار ولا سيما منها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وقيادة قوة اليونيفيل على خلفية التأكيدات اللبنانية الرسمية برفض لبنان الاختراقات المشبوهة المتمثلة باطلاق صواريخ من الجنوب في اتجاه شمال إسرائيل وتكثيف جهود ملاحقة من يمكن ان يكون وراء هذه الممارسات المشبوهة علما ان توقيفات حصلت لأشخاص مشتبه فيهم بعد احداث الجمعة الماضي. ويسود المناخ الرسمي عموما اقتناع بان الجهات المتورطة في اطلاق الصواريخ المجهولة المصدر والهوية إنما هي الطرف الخادم لإسرائيل في هذه المعادلة التي تحاول حشر السلطات اللبنانية الجديدة في خانة المحاصرة والتعجيز لإبقاء لبنان ساحة مفتوحة ما بين المطرقة الإسرائيلية والسندان المشبوه في الداخل أيا يكن من يقف وراءه ويحركه . ولذا تعتقد أوساط معنية بان تبريد الأجواء مجددا وتجنب جولات جديدة من التصعيد سيغدو اكثر الحاحا قبيل عودة الموفدة الأميركية مورغان اوتاغوس للتحرك بين لبنان وإسرائيل بعد منتصف الأسبوع المقبل ، كما تردد عن موعد عودتها، وترقب ما يمكن ان تقوم به وتحمله من اتجاهات علما ان اقتراحها للمفاوضات السياسية والدبلوماسية بين لبنان وإسرائيل صار معروفا وسيكون موضع جدل وتركيز مرتقبين في المرحلة الطالعة.

وبرزت مفاجأة مهمة ليل امس اذ توجه رئيس الحكومة نواف سلام مساء الى المملكة العربية السعودية لأداء صلاة عيد الفطر الى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المسجد الحرام في مكة المكرمة. وهي الزيارة الأولى التي يقوم الرئيس سلام للمملكة بعد تشكيل الحكومة وتتخذ مشاركته الصلاة مع ولي العهد السعودي دلالات لافتة للغاية.

وغداة زيارته لباريس أكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون امس خلال تهنئته اللبنانيين بعيد الفطر “أننا دخلنا اليوم في مرحلة جديدة من تاريخ وطننا، بعد عقود من العنف والحروب والأزمات الاقتصادية والمالية وترهل كيان الدولة، وأن لا عودة إلى الوراء لمن يحسب أن همتنا ستتراخى، وعزمنا سيلين، لتحقيق ما عاهدت نفسي واللبنانيين على تحقيقه، بالتكاتف والتعاضد مع الحكومة والمجلس النيابي وقوى المجتمع المدني”. وعبَّر عن “ايمانه الراسخ بأن ما يميز لبنان هو التمسك بقيم الوحدة والتعاضد والترفع عن الأنانيات والمصالح الشخصية التي تدعو اليها الأديان السماوية”. وقال: “لا خلاص للبنان إذا لم نعش وفق هذه القيم، التي تشكل السبيل الوحيد، إلى جانب تنفيذ القوانين واحقاق العدالة،  لمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات البنيوية في مؤسساتنا الوطنية والنهوض بلبنان لمجاراة التطور والحداثة في العالم”.

من جانبه، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إعتذاره عن عدم تقبل التهاني بعيد الفطر “بسبب الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة جراء مواصلة إسرائيل إعتداءاتها على لبنان وجنوبه وتماديها في خرق إتفاق وقف اطلاق النار وبنود القرار ١٧٠١ وإستمرار حرب الإبادة التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية”.

 

وفي ما بدا مزايدة على الدولة لحشرها حاول الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم احراج الدولة في خانة مواجهة إسرائيل عسكريا ملوحا بخيارات أخرى فقال في كلمته مساء امس لمناسبة “يوم القدس العالمي”: “ليكن معلوماً أن لبنان على لائحة الضم الإسرائيلي، بالحد الأدنى جنوب لبنان، ضماً واستيطاناً، ولدينا تجربة سابقة مع جيش عملاء لحد لإنشاء شريط محتل كجزء لا يتجزأ من الكيان الإسرائيلي هذا الهدف لا يزال موجوداً، إسرائيل تريد أن تحتل وأن تضم أرضاً لبنانية ويريدون التوسع”، وأضاف “ألم نسأل أنفسنا لماذا لم يخرجوا من لبنان عام 2000 إلا بالمقاومة على الرغم من وجود قرارات دولية؟ ببساطة لأنهم يريدون الاحتلال”، وقال “نحن واضحون في موقفنا أن إسرائيل عدو توسعي ولن يكون لديها حد، ومقاومتنا حق مشروع وحق دفاعي والمقاومة يجب أن تستمر، صحيح أن المقاومة لا تمنع الاعتداء، ولكن يمكنها أن تحبطه وتمنعه من تحقيق أهدافه”. وأشار قاسم إلى أن “هناك قدرة استطاعت أن تمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها، فذهبت إسرائيل إلى وقف إطلاق النار”، وأكد “نحن في حزب الله التزمنا بالاتفاق بشكل كامل لكن إسرائيل لم تنسحب ولا تزال تعتدي على لبنان في كل يوم”، وتابع “لا يمكن أن نسمي اليوم ما تقوم به إسرائيل خروقات بل هو عدوان تجاوز كل حد وكل التبريرات لا معنى لها ولا يُمكن أن نقبل بالتطبيع”. ورأى أن “على الدولة اللبنانية أن تتصدى وما زال الوقت يسمح بالمعالجة السياسية والدبلوماسية”، وشدد على أن “مسؤولية الدولة أن تخرج عن الدائرة الدبلوماسية في لحظة معينة لمواجهة الاحتلال”. وشدد  على انه “إذا لم تلتزم إسرائيل وإذا لم تقم الدولة بالنتيجة المطلوبة فلن يكون أمامنا إلا العودة إلى خيارات أخرى”، واضاف “لتعلم إسرائيل أنها لن تأخذ بالضغط لا من خلال احتلال النقاط الخمس أو عدوانها المتكرر ما تريده”، وتابع “لن نسمح لأحد أن يسلبنا حياتنا وأرضنا وعزتنا وكرامتنا ووطنيتنا”، واكد “لسنا ضعفاء في مواجهة مشاريع أمريكا وإسرائيل”.

 

وعلى الصعيد الميداني تفقَّدَ قائد الجيش العماد رودولف هيكل قيادة قطاع جنوب الليطاني في ثكنة بنوا بركات – صور حيث التقى الضباط والعسكريين، مؤكدًا أن عناصر الوحدات المنتشرة، ضباطًا ورتباء وأفرادًا، يؤدون دورًا أساسيًّا لخدمة الوطن والمساهمة في صموده، وأن واجب المؤسسة العسكرية حماية لبنان وأبنائه على اختلاف انتماءاتهم، وأضاف: “الجيش يبذل جهودًا جبّارة لتنفيذ مهماته في الجنوب، الأمر الذي أكدتْه قيادة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار . نحن ملتزمون بتنفيذ القرار ١٧٠١ واتفاق وقف إطلاق النار دون أي تباطؤ وفق توجيهات فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبناءً على التزام الحكومة اللبنانية، ومستمرون في التعاون والتنسيق وتنفيذ المهمات المشتركة مع اليونيفيل”.

أضاف: “العائق الوحيد أمام استكمال انتشار الجيش نهائيًّا وتثبيت وقف إطلاق النار هو وجود العدو الإسرائيلي في النقاط والمواقع المحتلة داخل الأراضي اللبنانية، فضلًا عن اعتداءاته المتكررة على لبنان وخروقاته للسيادة الوطنية، وسعيه للبحث عن ذرائع من أجل توسيع أعماله العدائية ضد وطننا”. كما اعتبر أن “عمليات إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة تخدم العدو، لافتًا إلى أن الجيش يُجري التحقيقات اللازمة لكشف الفاعلين، وقد أوقف عددًا من المشتبه فيهم قيد التحقيق”. وتفقّد قائد الجيش مركز مارون الراس التابع لفوج التدخل الخامس، حيث اطّلع على الوضع العملاني ضمن قطاع مسؤولية الفوج.
وأفيد عن مداهمات ليلية نفذتها مخابرات الجيش في الجنوب والبقاع الغربي بحثاً عن مشتبهين في إطلاق صواريخ من الجنوب، وأن التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات هذا التطور الخطير.
كذلك برز اعتداء إسرائيلي طاول اليونيفيل وأعلن الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي، في بيان، ان “جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل أفادوا أن الجيش الإسرائيلي أطلق عليهم طلقات تحذيرية من سلاح رشاش عبر الخط الأزرق، وذلك عند العصر خلال قيامهم بدورية استطلاعية مقررة قرب بلدة رميش في جنوب لبنان، في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701. ولحسن الحظ، لم يُصب أحد بأذى”. أضاف: “وفي حادث منفصل اليوم، أفاد جنود حفظ السلام التابعون لليونيفيل بأن دورية تابعة للجيش الإسرائيلي وجّهت الليزر نحوهم، مستهدفةً أجسادهم وأعينهم”.وتابع : “إن أي عمل يُعرّض سلامة جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة للخطر أثناء قيامهم بالمهام المنوطة بهم هو أمر غير مقبول”. وشدد تيننتي على أن “أمن جنود حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونُذكّر جميع الأطراف بالالتزام باحترامه، ونحن نتابع هذه الأمور مع الجيش الإسرائيلي”.