صراع الرهبان والزيتون وآل فرنجية في بصرما… هل فات الأوان؟

صراع الرهبان والزيتون وآل فرنجية في بصرما… هل فات الأوان؟

الكاتب: نوال نصر | المصدر: نداء الوطن
29 آذار 2025

بصرما في الجغرافيا، تقع في قضاء الكورة، وفي التاريخ، بلدة زيتون واسترخاء وجمال، أما في الواقع، فهي تحتضن دير سيدة النجاة الذي تأسس في العام 1877، وخصصت له أملاك دير مار أنطونيوس قزحيا، ويسكنه اليوم ثمانية رهبان وريّس دير هو الأب طوني حدشيتي. حتى الآن، كل شيء جميل – أو كان جميلاً – قبل أن يطلّ قبل ثمانية أعوام، في العام 2017 بالتحديد، مشروع إقامة منطقة صناعية في جنبات الدير. جنّ جنون الأهالي يوم أطلّ المشروع الذي لا يُشبه لا بيئة المكان ولا تطلعات ناسه. المشروع استحصل عليه طوني سليمان فرنجية وساعده في الحصول على الإذن باقتلاع 3500 شجرة زيتون رئيس الدير السابق الأب باخوس طنوس. الاتفاق باستئجار الأرض جرى باسم مؤسسة work smart association ومدته 27 عاماً.

ومنذ ذاك الحين وأصوات رهبان الدير والأهالي وكل من يبالي حقاً بالبيئة تصدح. في المقابل، مصادر النائب فرنجية ظلّت تكرّر أن المشروع قادر على توفير فرص عمل لشباب الجوار. حُكي الكثير، بين أخذ وردّ، بين الكهنة وآل فرنجية، بين من يدعون أنها أرض سليخ وبين من يرددون مقولة عمر أبو ريشة: لا يلام الذئب في عدوانه/ إذا كان الراعي عدو الغنم. فماذا في جديد زيتون بصرما ومشروع المنطقة الصناعية؟

أصحاب المشروع مصرون على المتابعة. في 2023 وضعوا إشارات زرقاء حددوا فيها الأرض وتجددت “معركة الزيتون” في ظلِّ تأكيد راسخ أن شباب الجوار – أو من بقي منهم في البلدات ولم يهاجروا بعد – لا يشتغلون عادة في منطقة صناعية. فهل تبنى المدينة الصناعية للأغراب؟ للنازحين السوريين مثلاً؟ توقف المشروع وعاد وانطلق وعاد وتوقف وها هو اليوم يعود بقوة. فماذا في جديد بصرما؟ يتكلم كهنة الدير عن غياب فاقع لرئيس الدير الأب طوني حدشيتي عن القتال لأجلِ بيئة المكان. في ظل إصرار القيمين على المشروع على متابعته. “بكركي اعترضت عليه لكن لا سلطة مباشرة لها على الرهبنة والرئيس العام الأب هادي محفوظ يبدو وكأنه غير مبال”. الفاتيكان دخل على الخط. وحضر زائر رسولي هو رجل علماني يدعى حليم العليه ووضع تقريره بعدما تكلم مع الرهبان فرداً فرداً وسجل اعتراضهم. والتقرير اليوم أصبح في الفاتيكان الذي يفترض أن يعطي الإجابة – الفصل. لكن، وكما تعلمون أن الفاتيكان يأخذ وقتاً في قراراته. في هذه الأثناء يحاول القيمون على المشروع الإنطلاقة مجدداً به. وصلت آليات وبدأ العمل. الصور واضحة. التراكتورات تحفر. الزيتون يُقتلع والأرض تتحول فعلاً إلى سليخ. لكن، ماذا لو صدرت إجابة الفاتيكان بعد أن يكون قد فات الأوان؟

المتابعون لسير المشروع يعتبرون أن “أصحابه يتقصدون التصرف قبل أن يفوت أوانهم هم حتى إذا جاء قرار الفاتيكان يُصبح دفع التعويضات عن الأعمال التي أنجزوها ضخمة وغير ميسرة” بمعنى أن يقولوا في حال ألغي المشروع “نحن تكبدنا ودفعنا وعليكم السداد”.

هي لعبة الوقت تمارس اليوم في بصرما. الرهبان يتحدثون عن قيمة العمل في الزيتون ومردوده الذي يعطي الدير أكثر بكثير من سعر تأجير الأرض. لكن، من عقد الاتفاق استسهل الموضوع. ويستذكرون هنا ما حصل يوم أراد أحد الزعماء السياسيين (جبران باسيل) استئجار تلة مار يوسف البرج، فوق اللوحات والمعالم الأثرية على نهر الكلب. هو أراد بناء بيت لـ “التيار الوطني الحرّ” في المكان. لكن تدخل السفارة الأميركية يومها واعتبار المشروع أنه يتيح التجسس عليها علّقه ثم ألغاه. الآن في بصرما لا سفارة أميركية قريبة بل إيمان بأن الفاتيكان سيعطي رأيه الصريح ويوقف المشروع لكن قد يكون الأوان قد فات”.

هل يجوز القضاء على القطاع الزراعي بحجة تطوير القطاع الصناعي؟

يبدو أن لبنان يستمر، وحتى إشعار آخر، البلد الوحيد في العالم الذي تأتي مشاريعه على حساب ناسه. فبناء مدينة صناعية يفترض أن يكون في منطقة بعيدة عن المساكن، لا أن يحوّل بلدة هانئة، بيئية بامتياز، إلى مشروع صناعي.