
خاص- هدى شديد… الصحافية التي قاومت بصمت ورحلت بإيمان
في رحيلها، لم تختر هدى شديد ضجيج العناوين الكبرى ولا صخب العبارات الرنانة، بل فضلت ان ترحل كما عاشت، بصمت، حاملةً معها سنوات من العطاء الإعلامي، والكفاح الصامت ضد مرض خبيث لم ينجح في كسر إيمانها ولا سلبها ابتسامتها الواثقة.
هدى، التي كانت لعقودٍ صوتًا صادقًا في الإعلام اللبناني، حملت المذياع بقوة المهنة ونقاء الرسالة. لم تكن مجرد مراسلة أو صحافية تغطي الأحداث، بل شاهدًا على لحظات فارقة في التاريخ اللبناني، نقلت الخبر بحياد، حملت الأسئلة بشجاعة، ورسمت بالكلمات ملامح الحقيقة كما هي، بلا زيف ولا تزويق.
سنوات طويلة أمضتها في تغطية الشأن السياسي، واقفةً أمام قصر بعبدا أو في قلب الحدث، بكل ما يتطلبه الأمر من دقة، مهنية، وموضوعية.
لم تخضع لموجات الشعبوية، ولم تنزلق إلى الاستعراض، بل ظلّت وفيّة لمبادئها، قريبة من الناس، بعيدة عن الاصطفافات.
لكن المعركة الأقسى لم تكن أمام الكاميرات، بل خلفها، حين هاجمها السرطان الخبيث، الذي قاومته بصمت المؤمنين وصبر المتيقنين.
لم تستسلم، ولم تسمح للمرض بأن ينال من كبريائها، بل واجهته بجرأة، ظهرت أمام جمهورها بلا كسوةِ رأس، لتقول إن المرأة أقوى من أي مرض، وإن الكرامة ليست في المظهر بل في الروح التي لا تنكسر.
صحيح انّ اليوم، يودّعها زملاؤها، أصدقاؤها، ومحبوها، بقلوب مثقلة بالحزن. لكن رحيلها ليس نهاية، بل بداية لحكاية ستُروى للأجيال القادمة عن صحافية لم تخذل مهنتها، وإنسانة لم تخذل نفسها.
هدى شديد، رحلت بالجسد، لكن صوتها سيبقى صدًى في ذاكرة الإعلام اللبناني، يذكّر الجميع أن الصحافة ليست فقط مهنة، بل التزام، وأن المقاومة ليست فقط في الساحات، بل في مواجهة الألم بالصمت، والصبر بالإيمان.
وداعًا هدى… كنتِ قوية في الحياة، وبقيتِ عظيمة في الرحيل.