تحذيرات من تجدّد الغارات على الضاحية والمحيط

تحذيرات من تجدّد الغارات على الضاحية والمحيط

الكاتب: الان سركيس | المصدر: نداء الوطن
19 آذار 2025

تتصدّر جبهة الجنوب واجهة الأحداث من جديد، عقب الغارات الإسرائيلية المكثفة جنوب الليطاني وشماله والتي يستهدف بعضها عناصر من “حزب اللّه”، إذ لا يكاد يمرّ يوم إلا وتسقط فيه ضحية لـ “الحزب”، وما يرفع منسوب الخوف، هو تجدّد الحرب في قطاع غزة.

لا يستطيع أحد تحديد اتجاه البوصلة الأمنية، وإذا كانت تل أبيب مستمرة بخرق وقف إطلاق النار، إلّا أن نشاط “حزب اللّه” واستمراره في نقل الأسلحة والذخائر يمنحان إسرائيل مبرّر الاستهداف ويعطيان صورة بعدم قيام الدولة اللبنانية بواجباتها وبسط سيادتها.

يخشى دبلوماسيون من وصول الاستهدافات والاغتيالات والغارات الإسرائيلية إلى الضاحية الجنوبية ومحيطها. إذ لا أمان مع إسرائيل، ومحاولة “حزب اللّه” إعادة بنيته العسكرية، ستعيد إدخال لبنان في المجهول.

بحسب المعلومات المسرّبة، لإسرائيل نية في استهداف “حزب اللّه” أينما تحرّك وليس فقط في جنوب الليطاني، وإذا كانت الدولة اللبنانية تحاول التذاكي على المجتمع الدولي، والتنصّل من الاتفاقات أو عدم تطبيقها، فهذا يعني تعريض الدولة اللبنانية إلى الخطر. وقد وصلت رسائل تحذيرية إلى الدولة تفيد بأن تساهلها مع نشاطات “الحزب” سيؤدي في نهاية المطاف إلى اعتبارها شريكة لـه في أعماله.

وتثبت التصريحات الواردة من الولايات المتحدة الأميركية جديّة التهديدات، وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بالتحرّك متى شعرت بخطر داهم. فالموقف الأميركي ليس بجديد، يهدف إلى حثّ الدولة على فرض سلطتها وسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وتطبيق بنود خطاب القسم والبيان الوزاري والقرارات الدولية.

يأتي الموقف الأميركي المتشدّد في ظل وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. وتثبت الوقائع عدم مراوغة ترامب في مطالبه وما فعله في اليمن، دليل دامغ على الجدية في التعاطي مع النفوذ الإيراني في المنطقة عموماً وفي لبنان خصوصاً.

لا تضغط واشنطن في الوقت الحالي في اتجاه التطبيع بين لبنان وإسرائيل كما يروّج البعض، وما تريده في هذه المرحلة، حلّ النزاعات والمشاكل بالطرق الدبلوماسية، وهذا ما يفسّر تشكيل لجان المتابعة الثلاث بين لبنان وإسرائيل.

تطمح واشنطن إلى حلّ سلس ينتج عنه استكمال ترسيم الحدود البرية وإنهاء المشاكل الحدودية بين لبنان وإسرائيل، وتطبيق القرارات الدولية ونزع السلاح غير الشرعي في جنوب الليطاني وكل لبنان، لتباشر بعدها بالمرحلة الثانية، وهي تقوية الجيش اللبناني ومساعدة الدولة للوقوف مجدداً في وجه التحديات.

ربما لم يتعلّم “حزب اللّه” من تجارب الماضي، فحين قرّر دخول “حرب الإسناد”، زار لبنان عشرات الموفدين الأوروبيين والأميركيين ليقنعوا المسؤولين بعدم جدوى الحرب، والطلب من “الحزب” التراجع 7 كيلومترات عن الحدود وتطبيق القرار الدولي 1701، بسبب جدية التهديدات الإسرائيلية، فأتى الرفض من “الحزب” ومن أمينه العام السيد حسن نصراللّه الذي أكّد، أن تغيير مجرى نهر الليطاني إلى الحدود مع إسرائيل أسهل من انسحاب “الحزب” من جنوب الليطاني.

خاض “حزب اللّه” المغامرة القاتلة وخسر أمينه العام وقيادات الصف الأول والثاني والثالث والعدد الأكبر من مقاتليه ولم يتّعظ، ما زال يتحرك جنوباً وبقاعاً وعلى الحدود مع إسرائيل وسوريا، وما وقع به في الأمس قد يكرّره اليوم مع فارق جوهري، أن إسرائيل في حربها الأخيرة حيّدت الدولة اللبنانية، وعند أول خطأ من “الحزب” سيكون تحت مرمى الضربات وهذه المرة بغطاء أميركي ولن تستطيع الدولة فعل شيء لأن فترة السماح من الأميركيين والمجتمع الدولي تكون قد انتهت.