
الخصخصة خاسرة في لبنان… والحل في الشراكة؟
أمام حكومة العهد الأولى سنة واحدة فقط، لتنفيذ وعودها بإنقاذ الاقتصاد والبلاد من الهوة التي يقبعان فيها. من هنا يتزايد الهمس والتساؤل، عن مدى جدية الحكومة وقدرتها على السير بالخصخصة، وتعميمها على المصالح والمؤسسات ذات الطابع الخدماتي كافة، للتخفف من “همّ” إدارتها مباشرة، وتحمل أعباء التشغيل والتمويل والنتائج السلبية بمعظمها.
إلى ذلك، ثمة التباس يسود لدى غالبية متابعي مشاريع الخصخصة. هناك من يعتبرها بيعا لأصول الدولة وممتلكاتها كليا، فيما يرفض آخرون البيع جملة وتفصيلا، ويرون أن الحل الوحيد هو في تلزيم القطاع الخاص، وفق دفتر شروط دقيق الشفافية، إدارة الأصول والمؤسسات ذات الطابعين الخدماتي والإنتاجي.
ويعزو هؤلاء رفضهم البيع والإصرار على الاستثمار بالتلزيم أو بالإشغال، إلى أن البيع هو إفقاد الدولة نهائيا، دورها مستقبلا في تحديد أسعار الخدمات وجودتها، وتركها مصالح المواطنين عرضة للجشع والاستغلال. أما تلزيم الإدارة والتشغيل لآجال عادلة استثماريا، فيزيح “همّ” الإدارة عن كاهل الدولة، ويضمن جودة الخدمات، ويعود على الخزينة بما يمكن أن يساعد في حل الأزمة المالية، وتحديدا مشكلة الودائع التي يرى كثيرون أنه يجب أن تخصص عائدات بعض القطاعات “المخصخصة” مستقبلا لمعالجة سدادها.
لكن الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك يشكك في قدرة الحكومة على تحقيق ما ورد في البيان الوزاري عن الشراكة والخصخصة، إذ إن الأمر يتطلب الكثير من الوقت للتمكن من استعادة ثقة المستثمرين بالبلاد ومستقبلها.
وعدا عن مسألة الثقة- علما أن الحكومة لا تملك سوى سنة لإنجاز مهماتها- ثمة أمور بديهية وفق حايك تتعلق بالمجلس الأعلى للخصخصة الذي يفترض فيه مراقبة المشاريع التي يجب أن تمر عبره. إذ لا موظفين فيه، وتاليا حتى لو أنجزت التعيينات، فإن سد الشغور يحتاج إلى وقت، وهو ما لا يمكن الحكومة أن تنجزه في وقت قصير. ويؤكد ضرورة أن تستعجل الحكومة التعيينات في المجلس الأعلى للخصخصة والهيئات الناظمة، أو على الأقل، تأسيس أرضية لـ LibanTelecom وكهرباء لبنان، مع تطبيق آلية الخصخصة في الشركات الجديدة، وهو أمر لا يمكن إنجازه في عمر الحكومة القصير”.
وإذا افترضنا أن الامور سارت وفق المخطط، يبقى السؤال: من أين يجب أن يبدأ العمل؟ من البديهي، كما يقول حايك لـ”النهار”، أن “العمل يجب أن يبدأ من قطاع الكهرباء. فوفق المفهوم العام، الخصخصة هي بيع أصول الدولة، وتاليا إذا أردنا بيع معمل دير عمار أو معمل الزوق، وبسبب سوء وضعهما والتلوث الناتج منهما، علينا أن ندفع للمستثمر وليس العكس، لكونه سيتكبد كلفة عالية للتنظيف والتطوير، تفوق إنتاجيتهما”.
أمام هذا الواقع، يرى حايك أن “فكرة بيع أصول الدولة ليست واردة، والأفضل الدخول في مبدأ الشراكة، أي إنشاء معامل جديدة والبحث عن مستثمرين”.
وفي حين يدعو البعض إلى بيع بعض الشركات التابعة للدولة مثل شركة “إنترا” أو كازينو لبنان، وشركة طيران الشرق الأوسط، لحايك رأي مغاير باعتبار أن “بيع هذه الشركات لن يرفد مالية الدولة بالشكل المطلوب، فيما يمكن إجراء اكتتاب عام IPO على شركة طيران الشّرق الأوسط ومنح عموم الناس فرصة لشراء أسهم في الشركة”.
واللافت أن حايك لم يؤيد الخصخصة يوما، على الرغم من ترؤسه المجلس الأعلى للخصخصة، ويقول: “عند تسلمي مهماتي في المجلس الأعلى للخصخصة أبلغت الرئيس فؤاد السنيورة آنذاك أننا لا نملك أي قطاع يمكن خصخصته”. عدا عن ذلك، يرى حايك أن عملية الخصخصة والشراكة لا يمكن تفعيلهما في فترة الحكومة الحاليّة، وجل ما يمكن القيام به هو مباشرة التعيينات وتحضير القاعدة لشركة LibanTelecom وكهرباء لبنان. وبذلك تستطيع الحكومة المستقبلية وضع خريطة عمل وتنفيذها لكل هذه المشاريع”.
ويختم حايك بالإشارة إلى أن “المعنيين الذين يفكرون بطريقة مغايرة لما ورد أعلاه لا يتمتعون بالخبرة (نصف الوزراء الحاليين تقريبا)، ويعتقدون أن في استطاعتهم إنجاز هذه الأعمال ضمن مهلة قصيرة، وهو أمر مغاير للواقع”.