
مراجعة 1701 غداً في مجلس الأمن: الواقع الهشّ
يعقد مجلس الامن غدا الاثنين جلسة مشاورات مغلقة حول أحدث تقرير للأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس في شأن بشأن تنفيذ القرار 1701 بعدما عُمم على أعضاء المجلس في 11 آذار الجاري حيث يتوقع أن يُقدم الإحاطة كلٌ من المنسقة الخاصة للبنان جانين هينيس-بلاسخارت ووكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا. وهذه الجلسة التقويمية للمجلس تأتي بعد دخول وقف النار حيز التنفيذ بين لبنان واسرائيل في وقت يشهد تطبيق الاتفاق تحديا كبيرا على نطاقات متعددة ليس واضحا تماما اذا كان بامكان المجلس معالجتها في ظل اعتبارات كثيرة .
يغطي التقرير المدة ما بين تشرين الأول 2024 اي قبل دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ و20 شباط اي بعد يومين من الموعد المفترض لتنفيذ اسرائيل الجزء المتعلق بها من الاتفاق بعدما تم تمديده من 26 كانون الثاني الى 18 شباط . السؤال المهم في هذه المراجعة الدورية التي لا تدخل عادة الشيء الكثير الى تطورات تنفيذ القرار 1701 منذ اقراره في صيف 2006 كيفية قراءة الدول المؤثرة لمعطيات الارض بعد التغييرات الكبيرة التي طرأت. اذ ان هناك شبه حصرية كاملة للولايات المتحدة في ادارة الوضع جنوبا مع رعاية لجنة مراقبة وقف النار والدفع في اتجاه مفاوضات بين لبنان واسرائيل لحل الاشكالات المتمثلة في بقاء اسرائيل في خمس نقاط مهمة في الجنوب بالاضافة الى كل النقاط الخلافية على الخط الازرق في ظل دفع اسرائيل في اتجاه مفاوضات سياسية وليس امنية فقط مع لبنان . في كانون الأول 2024 وكانون الثاني الماضي ، ناقش أعضاء المجلس إمكانية إرسال بعثة ديبلوماسية إلى لبنان، بقيادة الجزائر، ايدها معظم الأعضاء ، لكن الولايات المتحدة لم تتحمس لها خشية ان تقوض في رأيها التقدم نحو تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية.
يقدم تقرير الامين العام بحسب الامم المتحدة تفاصيل تشرح الواقع الذي تبالغ اسرائيل في تكبيره تبريرا لتجاوزاتها فيما لا يكشف لبنان الرسمي عن التحديات التي يواجهها . فاذ يرحب الأمين العام في تقريره ب “استمرار صمود وقف الأعمال العدائية… رغم التحديات” ، يشير الى أنه منذ 27 تشرين الثاني 2024، رصدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) 12 “مسارًا” لإطلاق الصواريخ من شمال الخط الأزرق و617 من الجنوب، بالإضافة إلى 19 غارة جوية شنها جيش الدفاع الإسرائيلي. ويشير التقرير إلى أن حرية تنقل اليونيفيل “مُحترمة في معظم الحالات”. لكنه يصف أيضًا العديد من الحوادث التي قُيّدت فيها حرية تنقل البعثة أو أُعيقت من قِبل جيش الدفاع الإسرائيلي و”أفراد” عرّفوا أنفسهم في إحدى المرات على أنهم أعضاء في حزب الله.
ويسجل التقرير تقدمًا نحو الهدف المحدد في اتفاق وقف الأعمال العدائية المتمثل في انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق ونشر القوات المسلحة اللبنانية. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن “الوضع لا يزال هشًا” وأن جيش الدفاع الإسرائيلي “لم ينسحب بالكامل بعد من الأراضي اللبنانية، حيث بقي في خمسة مواقع، وحدد منطقتين بما يسمى “المناطق العازلة” على طول الخط الأزرق”. يشير التقرير إلى أن هذا القرار اتُخذ “رغم عرض اليونيفيل وضع ترتيبات أمنية في تلك المواقع”. ويفيد التقرير كذلك ان الجيش اللبناني انتشر في حوالي 100 موقع جنوب نهر الليطاني، مقارنةً بعشرة مواقع مُقدّرة في 27 تشرين الثاني 2024. وخلال الفترة المشمولة بالتقرير اي حتى 20 شباط الماضي اكتشفت اليونيفيل، سواءً بشكل مستقل أو بالتنسيق مع الجيش اللبناني، 194 مخبأً للأسلحة “يُعتقد أنها تابعة لحزب الله”، بالإضافة إلى ستة مخابئ “يُعتقد أنها تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي”. كما سهّلت اليونيفيل ونسقت أنشطة مدنية وإنسانية، مثل نقل الإمدادات الطبية وإصلاح البنية التحتية المدنية.
في تقويمه للوضع الجنوبي ، يعتبر الأمين العام في تقريره أن وجود جيش الدفاع الإسرائيلي شمال الخط الأزرق يُعد انتهاكًا لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وللقرار 1701 كما يقوض جهود السلطات اللبنانية لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، تماما كما احتفاظ جماعات غير حكومية بأسلحة خارج سيطرة الدولة يُعد انتهاكًا للقرار 1701، ويقيد قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وسلطتها الكاملة على أراضيها.
التغييرات الكبيرة في الجنوب تثير تساؤلات كبيرة على خلفية ان المجلس غالبا ما كان يشهد انقساما لا سيما ازاء مقاربة موضوع ” حزب الله” الذي دافعت روسيا عن واقعه في الجنوب في مواجهة التصنيف الاميركي والبريطاني له باعتباره ارهابيا بشقيه السياسي والعسكري فيما ان متطلبات عودة الدولة وموقف هذه الاخيرة من حصرية السلاح لها وللجيش اللبناني ، تفترض مقاربات مختلفة تطرح في ضوئها واجبات لا بل مسؤولية المجتمع الدولي ولا سيما الاعضاء الدائمين في مجلس الامن تقديم الدعم للقوات المسلحة اللبنانية حتى تتمكن من تنفيذ جانبها من اتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701 بشكل فعال. ما هو على المحك كذلك يتصل بتقديم اخراج بدفع اساسي من لبنان ومساعدة من فرنسا وسواها من اجل ضمان انسحاب اسرائيل من المواقع الخمسة التي لا تزال تحتلها وما اذا كان يفترض تعزيزا لقوات اليونيفيل من اجل تقديم الضمانات في هذه المواقع ومهماتها في الجنوب بما يضمن فاعليتها والثقة بها على غير ما تم الاعتراض عليه سابقا في الاعوام السابقة من حيث تعديل مهام هذه القوة . هذه المرحلة يعتقد البعض انها تسبق التمديد السنوي للقوة الدولية في آب المقبل وما يمكن ان يدخل من تعديلات على مهماتها تبعا للتطورات في الجنوب والمساعدة التي تقدمها للجيش اللبناني لا سيما في انتظار استمرار الحاجة الى تقديم الدعم للجيش اللبناني وتعزيز قدراته لتنفيذ القرار 1701 ، فيما يعتقد كثيرون ان لبنان والجنوب تحديدا قد يستمران في التعرض لضغوط اسرائيلية كبيرة ربطا بمجموعة ملفات لا تتصل بلبنان فحسب والافق السياسي لاعادة بناء الدولة ومؤسساتها بل بملفات اقليمية اخرى .