لبنان ينأى عن التفاوض المباشر مع إسرائيل

لبنان ينأى عن التفاوض المباشر مع إسرائيل

المصدر: الراي الكويتية
14 آذار 2025

بين «التدارُك» الإسرائيلي لأضرار «تثقيلِ» مسارِ التفاوض غير المباشر مع بيروت الذي أعلنتْ عنه واشنطن بعنوانِ «التطبيع»، وبين محاذرة لبنان استدراجه عبر «مجموعات العمل الديبلوماسية» الثلاثية التي أكدت الولايات المتحدة إطلاقها لبتّ ملفات الأسرى اللبنانيين والتلال الخمسة التي أبقتْها تل أبيب تحت الاحتلال والنقاط البرية الخلافية الـ 13 على الخط الأزرق، إلى تسليمٍ مسبقٍ ومبكّر بـ «نهائياتٍ» في ما خص الصراع مع اسرائيل تبقى رهْناً باعتباراتٍ داخليةٍ كما بالسقفِ الذي سيعتمده العرب عندما «تدق الساعة»، ارتسمتْ مَلامحُ «حقلِ الألغامِ» السياسي الذي يحوط بـ «بلاد الأرز» في تَلَمُّسها طريق طيّ صفحة الحربِ التي أنْهَكَتْها وتريدها «آخِر الحروب».

وفي الوقت الذي انطبع ملف «مثلث التفاوض» الثلاثي البُعد بضجيج مكتوم في بيروت أمس، وسط غياب موقف رسمي لبناني من الإيحاءات الاسرائيلية كما من مجمل ما أعلنت عنه تل ابيب وواشنطن في ما خص دبلوماسية التفاوض على القضايا العالقة، من الحرب الأخيرة وما قبْلها، أعطتْ جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس إشارةً ضمنيةً إلى ثبات لبنان على مبدأ التفاوض غير المباشر مع اسرائيل من دون الغوص في تفاصيل المسار الذي أطلقتْه الولايات المتحدة لحل النزاعات عبر مجموعات العمل التي لا يُعرف بعد كيف سيكون شكلها والتمثيل فيها وهل ستضع «قبعة» ما فوق أمنية وفنية، أي دبلوماسية، رغم الانطباع بأنها أشبه بلجان متفرّعة من «اللجنة الأم» الخماسية المولجة مراقبة تطبيق اتفاق وقف النار (27 نوفمبر) وتنفيذ القرار 1701.

ولم يكن عابراً تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في مستهل الجلسة أنه «تمّ الإفراج (الثلاثاء) عن أربعة أسرى لبنانيين كانت إسرائيل قد احتجزتهم خلال الحرب الأخيرة، واليوم (أمس) أُطلق سراح الأسير الخامس، وذلك نتيجة المفاوضات غير المباشرة»، في حين، نقلت صحيفة «النهار» عن مصادر رسمية «أن لبنان لم يتلقَّ أي طلب من الولايات المتحدة بشأن إجراء مفاوضات مباشرة مع اسرائيل» بالتوازي مع تقارير تقاطعتْ عند أن بيروت ترفض ما بدا محاولة من تل أبيب لمقايضة تحديد الحدود البرية والانسحاب من التلال الخمس باتفاق تطبيع، وأن سقف الموقف الرسمي يبقى التمسك بتطبيق القرار 1701 من دون إسقاط أهمية إطلاق مسار التفاوض حول النقاط العالقة.

وفيما رحّب الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بالتقارير التي تفيد أن لبنان وإسرائيل سيبدآن محادثاتٍ تهدف إلى حل دبلوماسي لقضايا عالقة بينهما، أفيد بأن بيروت لم تتلق أي طلب من واشنطن حول مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وأن «بلاد الأرز» تَعتبر أن اللجان هي تحت سقف القرار 1701 ولا تعني إرساء تفاوض مباشر، وذلك بالتوازي مع ما نقلتْه صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مصدر مطلع من أنه «لا توجد حالياً أي مناقشات حول التطبيع بين إسرائيل ولبنان» في ما بدا تخفيفاً مما كان أبلغه مسؤول سياسي إسرائيلي للصحافيين الأربعاء من أن «المناقشات مع لبنان بشأن الحدود البرية هي جزء من خطة واسعة وشاملة. نريد مواصلة الزخم وتحقيق التطبيع مع لبنان، وهذا ممكن (…) وكما أن للبنان مطالبات تتعلق بالحدود، كذلك نحن أيضاً. سنناقش هذه الأمور».

وقال المصدر المطلع على تفاصيل المحادثات بين البلدين لـ «جيروزاليم بوست»، «إن تصريحات إسرائيل حول التطبيع تضر بفرص التوصل إلى اتفاق حول الحدود البرية. منتقدو الحكومة اللبنانية سيستخدمون هذه التصريحات لمهاجمة الإدارة الأميركية، وبالتالي فإن مثل هذه التصريحات تضر بفرص التقدم في أي شيء».

وفي سياق متصل، أعلن الجيش اللبناني في بيان مقتضب أمس أنه تسلّم العسكري زياد شبلي عند معبر رأس الناقورة (جنوب لبنان) وذلك بعد 4 أيام من خطفه من داخل بلدة كفرشوبا الحدودية، علماً أنه كان من المفترض إطلاقه مع الأسرى المدنيين الأربعة ولكن أرجئ تسليمه بسبب ما ذُكر عن خضوعه للعلاج.

وأعلن الجيش اللبناني أن شبلي نُقل إلى إحدى المستشفيات لاستكمال علاجه جرّاء إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي.

التعيينات العسكرية والأمنية

ولم يحجب هذا العنوان البالغ الأهمية الأنظار عن إقرار مجلس الوزراء بند التعيينات العسكرية والأمنية التي شملت تعيين العميد رودولف هيكل قائداً للجيش بعد ترفيعه الى رتبه عماد (كان قائد قطاع جنوب الليطاني اعتباراً من 1 /3 /2023 ومدير العمليات في أركان الجيش للعمليات اعتباراً من 10 /6 /2024)، والعميد حسن شقير مديراً عاما للأمن العام بعد ترفيعه إلى رتبة لواء والعميد ادغار لاوندس مديراً عاماً لأمن الدولة بعد ترفيعه إلى رتبة لواء والعميد رائد عبدالله مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي بعد ترفيعه إلى رتبة لواء والعميد مرشد الحاج سليمان نائب مدير عام أمن الدولة.

وجاء هذا التطور بعد أخذ وردّ شمل خصوصاً منصب المدير العام للأمن العام الذي كان الرئيس نبيه بري يفضّل أن يتولاه العميد مرشد الحاج سليمان ولكن رئيس الجمهورية لم يحبّذ اختيارَه، ليرسو الأمر على شقير، وسط إدارة هذا الملف بما وازَنَ بين الاعتبارات الداخلية التي لم تُقصي المكوّن الشيعي عن أن يكون له رأي في تعييناتٍ من الصف الأول وبين العين الخارجية اللصيقة على كيفية التعاطي مع خطواتٍ من هذا «العيار» كونها مؤشراً رئيسياً إلى بدء مسار الإصلاح وتفكيك «تمكين» حزب الله في مفاصل السلطة في لبنان.

الطيران المدني

وفي إطار متصل، برز إصدار وزير الأشغال والنقل فايز رسامني مجموعة قرارات عدّل بموجبها بعض التكليفات في المديرية العامة للطيران المدني، فكلّف أمين جابر بمهام المدير العام للطيران المدني، وكمال ناصرالدين بمهام رئيس المطار ومحمد سعد بمهام رئيس مصلحة صيانة الأجهزة وماهر شهاب بمهام رئيس دائرة الإرشادات. وأبقى على فادي الحسن ضمن مهامه كمهندس متعاقد مع الوزارة.

وبدت هذه القرارات من ضمن إرساء ترتيباتٍ في مطار رفيق الحريري الدولي تعزّز مناعته تجاه أي «خروق» يعاينها الخارج عن كثب، خصوصاً أن موضوع المرافق الجوية والبحرية والبرية يُعتبر من عناوين الإصلاح كما يطل على البُعد الأمني من بوابة اتفاق وقف النار (ضبط مرور الأسلحة والأموال إلى «حزب الله»).