
الضغوط السياسية تطرق باب عضوية لبنان في “العدل الدولية”
فمع نهاية شهر آذار الحالي، يفترض أن يقدّم لبنان، عبر اللجنة الوطنية اللبنانية، ترشيح شخصيتين لبنانيتين تملكان المؤهلات اللازمة لتبوّؤ هذا المنصب.
في 28 كانون الثاني، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين، أنّه بناء لتوجيهات رئيس الجمهورية جوزاف عون، تقرّر ترشيح سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب، لعضوية محكمة العدل الدولية.
ولكن تبيّن أنّ هناك اسم مرشح آخر وصل إلى اللجنة الوطنية، هو الدكتور نضال الجردي الذي تقدّم رسمياً بترشيحه في الخامس من شباط الفائت.
في هذا الإطار، علمت “نداء الوطن” من مصدر قضائي متابع لملف الترشيحات إلى محكمة العدل الدولية، أنّ هناك مخالفات جسيمة تحيط بهذا الاستحقاق، حيث لمس المتابعون لملف عضوية لبنان في محكمة العدل الدولية، انحيازاً من الحكومة السابقة لأديب في ظلّ تهميش واضح للجردي، حيث كشف المصدر القضائي أنّ “اللجنة الوطنية، التي تسلّمت ملف ترشيح الجردي من وزارة العدل اللبنانية للبتّ فيه، ترفض حتى كتابة هذه السطور، إبداء الرأي فيه وفق الأصول، كونها تتعرّض، بحسب المعلومات، لضغوط سياسية مباشرة من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق رشيد درباس، بهدف السير بترشيح أديب وسحب ترشيح الجردي”.
من جهة أخرى، أشار المصدر القضائي لـ “نداء الوطن” إلى أنّ المادة الثانية من نظام محكمة العدل الدولية، تنصّ على ضرورة أن يكون المرشح لهذا المنصب صاحب خلفية قضائية أو درس القانون.
ويعتبر المصدر القضائي نفسه أنّ “السفير مصطفى أديب، الذين نكنّ له كل الاحترام والتقدير، لا يتمتّع بأي من هاتين الصفتين، ما يجعل ترشيحه غير قانوني ويُفقد لبنان حظوظه بالفوز بعضوية المحكمة. كما أنّ ترشيحه لم يمرّ عبر اللجنة الوطنية اللبنانية، ما يجعله غير موجود من الناحيتين الدولية والقانونية. في حين أنّ نضال الجردي متخّصص في الشأن القانوني، وسبق وعمل في الأمم المتحدة ويعمل حالياً مع المحكمة الجنائية الدولية، وهو أحد المستشارين الأساسيين لرئيسها القاضي كريم أحمد خان، كما كان ممثلاً للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا”، مشيراً إلى أنّ ذلك يمنحه حقّ الحصول على دعم رسمي لترشيحه، ومن دون أيّ تحيّز.
ليس المطلوب، بحسب المصادر المتابعة، التصويب على السفير مصطفى أديب الذي ترك بصمة دبلوماسية لافتة في المهام التي تولّاها، ولكن من الضروري إبعاد شبح التدخّلات السياسية عن هذا الاستحقاق. فلبنان يحقّ له تقديم أكثر من مرشح، وعلى قاعدة فليربح الأفضل، من الضروري أن تسلك الترشيحات مسارها الطبيعي من دون حصرها بشخص واحد، ولا بدّ أنّ تخضع الترشيحات لتقييم اللجنة ومن ثم محكمة العدل الدولية، التي ستكون لها الكلمة النهائية في تحديد هوية الفائز بهذا المنصب، إذا ما اقتنعت بملف أحد المرشحين.
ما هي محكمة العدل الدولية؟
هي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، تأسست العام 1945 بهدف حلّ النزاعات بين الدول، وتتّخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقرّاً لها. أمام محكمة العدل حالياً قضايا عدة، أبرزها تلك التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل على خلفية اتهامها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. كما تدرس المحكمة قضية ثانية بين موسكو وكييف على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا. ويشار إلى أنّه قبل أيّام، انتُخب القاضي يوجي إيواساوا، رئيساً جديداً للهيئة المؤلفة من 15 عضواً، وسيكمل ولاية الرئيس السابق نواف سلام التي كان يفترض أن تنتهي في 5 شباط 2027. |