خاص- أرواح ضحايا البراميل تعانق ضحايا المرفأ

خاص- أرواح ضحايا البراميل تعانق ضحايا المرفأ

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: beirut24
4 آذار 2025

أرواح ضحايا تفجير مرفأ بيروت ندهت، فلبت أرواح ضحايا البراميل المتفجّرة في سوريا النداء.

مع انطلاق المحقّق العدلي طارق البيطار بثبات وتمهّل مجددًا في تحقيقاته في تفجير مرفأ بيروت منهيًا المرحلة الأولى من جلسات الاستجواب، على ان يبدأ المرحلة الثانية بعد السابع من آذار، تاريخ الانتهاء من التحقيق مع مجموعة من موظفي المرفأ وعدد من ضباط الأجهزة الأمنية، على أمل إنهاء قراره الظني في نيسان المقبل، باتت الكرة في ملعب المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار ليقرر مساعدة البيطار في مسار تحقيقاته أو رفض التعاون بشكل واضح، ما يعني استمرار العرقلة القضائية المدفوعة سياسيًا لمسار التحقيق.

وفي انتظار المرحلة الثانية من التحقيق التي خصصت للشخصيات الأمنية التي سبق أن ادعى عليها البيطار في المرحلة السابقة، ومن ضمنهم المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا وغيرهم، من المتوقع أن تخصص المرحلة الأخيرة للاستماع إلى الشخصيات القضائية والسياسيّة، وهي المرحلة الأكثر حساسية في مسار القضية. ولدى الانتهاء من كل جلسات الاستجواب سيختم البيطار تحقيقاته ويحوّلها الى النيابة العامة التمييزية للمطالعة، ومن ثم يصدر القرار الظنيّ الذي يحوّل الى المجلس العدلي.

وفي انتظار تطوّر موقف النيابة العامة التمييزية من القضية، برز عامل جديد قد يعيد التحقيق الى المربع الأول، ليوجهه باتجاهات أخرى حاسمة ومثبتة بالأدلة والأسماء. فقد تحدثت وسائل إعلام سورية عن تطورات مهمة جدًا في قضية تفجير المرفأ، وقالت إن السلطات القضائية السورية سلمت نظيرتها اللبنانية ملفات أمنية بالغة الخطورة، وتوقعت ان تحدث صدمة في كل من بيروت ودمشق. وأضافت أن هذه الملفات كانت بحوزة النظام السوري المخلوع، وهي تتضمّن معلومات دقيقة وأسماء شخصيات أمنية سورية ولبنانية وإيرانية مسؤولة عن استيراد كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم الى لبنان تمهيدًا لنقلها الى سوريا واستخدامها في تصنيع البراميل المتفجّرة التي كانت بمثابة سلاح دمار شامل.

التحقيقات السورية أكدت أن النظام السوري البائد كان متورطًا، بالتعاون مع ميليشيات لبنانية مدعومة من إيران، في استيراد وتهريب نيترات الأمونيوم التي استخدمها النظام عبر مزجها مع الوقود لإنتاج متفجّرات منخفضة التكلفة وعالية القدرة التفجيرية. وأوضحت المصادر أن التحقيقات تعتمد على شهادات ضباط سوريين سابقين أكّدوا مشاركتهم في عمليات استخدام هذه المادة.

كما كشفت الشهادات أنّ ضبّاطاً في النظام السوري، بالتنسيق مع جهات لبنانية، كانوا يشرفون على نقل الشحنات الواردة عبر مرفأ بيروت، بناءً على تعليمات مباشرة من ماهر الأسد. وقد أدت هذه المواد الى مقتل الآلاف من المدنيين وتدمير مساحات واسعة في سوريا. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تم إلقاء نحو 50,000 برميل متفجّر خلال سنوات الحرب. كما أكدت منظمة العفو الدولية في تقاريرها أن القوات السورية لجأت إلى استخدام هذه البراميل يومياً على مدار سنوات، مستهدفة بشكل خاص المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، مثل حلب وإدلب والغوطة الشرقية.

إذا صحت هذه المعلومات تكون الكارثة التي تسبّب بها النظام السوري المخلوع قد بدأت معالمها تتكشف بفضل النظام السوري الجديد. إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة كشف جميع فصول القضية لبنانيًا. فإذا سلمنا جدلا بإمكانية إدانة نظام بشار الاسد وايران و”حزب الله” وبعض أركان المنظومة اللبنانية، لجهة استقدام النيترات وتخزينه في مرفأ بيروت ونقله الى سوريا واستخدامه في صناعة البراميل المتفجّرة واستعمالها ضد المعارضة السورية، تبقى حلقة أساسية مفقودة ولن يكون من المسموح لأحد حلها. من فجّر النيترات في مرفأ بيروت؟ الكل يعرف أن اسرائيل هي الفاعل، ولكن هل ثمة من يجرؤ على اتهامها في ظل غياب الدليل، وخاصة بعد رفض الدول الكبرى تزويد لبنان بصور الأقمار الاصطناعية التي يمكن ان تكشف أدلة معيّنة قد تدين إسرائيل؟

انطلاقًا من ذلك بات واضحًا أن قضية تفجير المرفأ ومعه نصف بيروت أكبر من أن تُكشف بكل تفاصيلها، الّلهم إلا اذا اكتفى القضاء اللبناني بمحاسبة مواطنيه عن مسؤوليتهم في العملية، ومثله فعل القضاء السوري لجهة محاكمة مسؤولين في النظام السابق، لتبقى اسرائيل بالتالي كعادتها بعيدة عن كل محاسبة.