
مقدمات نشرات اخبار الليلة
مقدمة تلفزيون “المنار”
بينَ اعظمِ قادةٍ واشرفِ ناس، مشهدٌ وطنيٌ امميٌ تاريخي، لا يقوى عليهِ وصفٌ ولا شرحٌ ولا كلُّ معاجمِ الكلمات.. بعِمّتينِ جليلتينِ وارواحٍ تطوقُ شوقاً للقاء، مشت النعوشُ فوقَ القلوب، وحُفِظَت العهودُ بينَ الجفون، وسابقَ الدمعُ الكلمات، فطافَ بحرٌ بشريٌ في بيروتَ وضاحيتِها بلغَ اعاليَ تاريخِ لبنان ..
مشهدٌ لعزيزينِ سَجَدَت لهيبتِهما الايام، اجتمعَ على اسمَيهما المُحبّونَ من كلِّ جهاتِ الارض، فكان مشهداً مَهيباً رتّلتهُ الساعاتُ الثقالُ بكلِّ لغاتِ الارضِ والوانِها..
مشهدٌ فوقَ كلِّ تَعدادٍ او سجالٍ او خلافٍ او اختلاف، لم يَسبِق ان عاشَه وطنُنا الجريح، مَهّدَت له الارضُ وعانقتهُ السماء .. فكانَ لبنانُ الذي نُحِبُ ونحيا.. وطنَ الفداءِ والاوفياء..
حانت لحظةُ الوداع، حضرَ الحزنُ المؤجّلُ لاشهرٍ بينَ الضلوع، واستسلمَ الجمعُ الصبورُ لامرِ الله ، وظهرَ السيدُ وخليلُه بينَ الجموع، مستمعاً هذه المرةَ لا خطيباً بليغاً، قد اتمَّ جهادَه واَصدَقَ قِيلا..
واصطفَّ اهلُّ الحبِّ والوفاءِ الذين سابقوا شمسَ الصباحِ الى اللقاءِ فكانوا كعادتِهم فجرَ لبنان. لم يُعِقْهُم طقسٌ ولا تضليلٌ ولا توهين، ولا طائراتُ العدوِ الخائباتُ التي ما هَزَّت لهم جَفناً ولا حُبّاً لسيدِهم الابقى وقائدِهم الاسمى، وما هَمُّهُم وقد قَدَّمُوا كلَّ غالٍ ونفيسٍ واَتَوا ليَرفعوا الى السماءِ اغلى عزيز..
مشهدٌ من عزِّ لبنانَ صنَعَهُ اهلُ المقاومةِ من جديدٍ ومعهم جمعُ المحبينَ الذين اتَوا عارفينَ بحقيقةِ القائدِ الامميِّ وصَفيِّهِ الهاشمي، وسَمِعوا معَ السامعينَ قولَ الشيخِ الامين، الذي جددَ العهدَ وحَفِظَ النهج، وتلا على مَسمعِ الوطنِ والعالمِ ثابتةَ الجُموعِ بأنَ المقاومةَ خِيارٌ ايمانيٌ سياسيٌ لن نتخلى عنه ما دامَ هناك تهديدٌ او احتلال، وحقٌّ نؤدِّيهِ بالتوقيتِ الذي نراهُ مناسباً والطريقةِ التي نراها ملائمة، فلا تُفسِّروا صبرَنا واولوياتِنا خطأً كما قالَ الامينُ العامُّ لحزبِ الله سماحةُ الشيخ نعيم قاسم على مسمعِ الحاضرين. فبقاءُ العدوِ على ارضِنا احتلالٌ وكلُّ تطاولٍ عدوان، ولن نتخلى عن دعمِ الحقِ الفلسطينيِّ ولا عن الشراكةِ في بناءِ الدولةِ اللبنانيةِ القويةِ العادلة، وما لم يأخُذْهُ العدوُ الصهيونيُ وسيدُه الاميركيُ بالحرب، لن يَأخذوهُ بالسياسة، حسم الشيخ الامين.
**************
مقدمة تلفزيون “أل بي سي”
إنها اللحظة الأقسى, تلك الفاصلة بين الحياة والموت, عندما وصل الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله، ومعه الشهيد السيد هاشم صفي الدين في نعشين أمام حشود ضخمة، لتبدأ لحظةُ الوداع.
ليس المهمُ تعدادَ حضور التشييع، بل فهمُ مضامينِه، وهي تكاد تكون اثنتان:
الأولى مرتبطة بالحشد، وما أراد حزب الله ايصالَه من أن الحرب التي شنتها اسرائيل ضده لم تقض على مناصريه, وأن كل محاولة لمحاصرته صعبٌ تمريرها. أما الثانية والأهم, فهي في السياسة وفي ما أرسله الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم من رسائل.
فمن الطبيعي أن يتحدث الشيخ قاسم أمام الحشود عن المقاومة ووجودِها عددا وعدةً وشعبا، وعن نصرها الحتمي، لكنَّ الأهمَ في ما قاله هو التأكيدُ على متابعة حزب الله تحرك الدولة دبلوماسياً لطرد الاحتلال لنبني بعد ذلك على النتائج ونناقش لاحقا استفادة لبنان من قوته عند مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، اضافة الى التأكيد على قرار مشاركة حزب الله في بناء الدولة تحت سقف اتفاق الطائف، اعادة الاعمار بالتزام سياسي واضح، واقرار خطة الانقاذ والنهوض الاقتصادية في أسرع وقت ممكن.
الرسالةُ من النقاط الأربعة التي حددها الشيخ قاسم, الذي لم يأت على ذكر كلمة السلاح ولو مرة في خطاب الوداع، تركت الباب مفتوحا لمحادثات جدية تعيد ادخال حزب الله الى كنف دولة متكاملة المعالم.
رسائل الحزب تمحورت اذا حول الدولة، في وقت كان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يؤكد أمام الوفد الرسمي الايراني الذي شارك في التشييع وأعلن أن “ايران تدعم أيَ قرار يتخذه لبنان بعيدا عن أي تدخل اجنبي”، أن حريةَ أي بلد واستقلاليتَه ووحدتَه لا تتجزأ، وأن لبنان تعبَ من حروب الآخرين على أرضه، قائلا: “أوافقكُم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الاخرى”.
في الثالث والعشرين من شباط، يوم الوداع، رسائل بالجملة اذا، دخلت على خطها إسرائيل عندما حلقت على علو منخفض فوق بيروت ونقاط التشييع، لتسمع صراخ الحاضرين: “انا على العهد يا نصر الله”.
**************
مقدمة تلفزيون “أم تي في”
خلف نعشين لأمينين عامين سابقين سار جمهور حزب الله. فبعد حوالى خمسة اشهر على اغتيال حسن نصر الله وهاشم صفي الدين تقرر التشييع اليوم. ولأن السيد حسن نصر الله تسلم قيادة الحزب اكثر من 32 عاما، فان التشييع لم يكن تشييعا لرجل فقط، بل بدا تشييعا لمرحلة تاريخية كاملة. في الشكل، المشهد كان متوقعا بشكل أو بآخر. اي ان العدد لم يتجاوز سقف التوقعات وبالتالي لم يكن مليونيا كما روج البعض, فالجميع يعرف ان الحزب يملك قاعدة جماهيرية كبيرة، يستطيع تحريكها متى شاء. لكن اللافت ان التمثيل السياسي كان ضعيفا. حتى ان حلفاء سابقين للحزب آثروا النأي بانفسهم عن مراسم التشييع، فيما بدا تمثيل بعض القوى السياسية والاحزاب وكأنه لرفع العتب لا اكثر ولا اقل. اما الوفود التي قيل إنها ستأتي من كل العالم للمشاركة في التشييع فلم يظهر منها الا وفود من ايران والعراق واليمن و من فلسطين.
مقابل الحضور الرسمي والشعبي لحزب الله على الارض فان اسرائيل حضرت في الجو على مراحل ، ان فوق مدينة كميل شمعون الرياضية او فوق الضاحية, ووفق وزير الدفاع الاسرائيلي فان القصد من ذلك نقل رسالة واضحة بأن من يهدد بتدمير اسرائيل ويهاجمها هكذا ستكون نهايته, كما حضرت اسرائيل بقوة من خلال غارات على الجنوب والبقاع. لكن بمعزل عن التصعيد الاسرائيلي قولا وفعلا ، فان خطاب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جاء محملا بالايجابيات. صحيح ان النبرة الخطابية طغت ، وان كلمة قاسم تضمنت شعارات شعبوية ومبالغات حماسية وذلك للتأثير في الجماهير.. وصحيح ايضا ان قاسم جدد البيعة بشكل او بآخر للولي الفقيه علي خامنئي.. لكن الصحيح ايضا ان قاسم تحدث عن استمرار المقاومة ولم يتحدث عن الاحتفاظ بالسلاح، بل ربط الامر بوجود استراتيجية دفاعية للبنان. والاهم ان قاسم قال إن لبنانَ وطنٌ نهائي لجميع ابنائه، وإن حزب الله من ابنائه . وانطلاقا من هذه المسلمة اعلن قاسم ان الحزب سيسشارك في بناء الدولة القوية وذلك تحت سقف الطائف، وان الحزب حريص ايضا على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي. لذلك ختم كلمته، في الشق السياسي منها ، بأنه في البلد لا يوجد لا رابح ولا خاسر وان على الجميع التنافس لخير البلد. فهل يكون الثالث والعشرون يوما تأسيسيا بالنسبة الى حزب الله، بحيث يطوي فيها صفحة أليمة اثرت على علاقته بمعظم اللبنانيين وبالمجتمعَين العربي والدولي؟ وهل نحن امام حزب بخيارات وتوجهات جديدة وتكتيكات مختلفة؟ الإجابة للأيام المقبلة.
****************
مقدمة تلفزيون “أن بي أن”
هو يوم الوداع الكبير… حضروا…في عيونهم غَـيمٌ كثيف يُـمطِـرُ على الخدود وفي صدورهم كلماتٌ ذابلة لأنها لم تُسٍقَ بماء البَـوْح قبل الوداع…
برودةُ الطقس لم تحجُبْ حرارةَ القلوب…في بيروت ليس كل مغيب غروب…
عربدة الطيران الحربي الإسرائيلي في سماء المراسم لم يرفّ له جفن من جفون المشيعين على الأرض. كما أن هديلَ الحَـمام لا يعني السلام وكما أن العَزاءَ ليس خاتِـمةَ الأحزان كذلك فانَّ الصمتَ في حضرة الإستشهاد لا يعني انحسارَ الصوت الذي سيَبقى يَصْدَحُ بنَبرة حرة أبية في صحراءِ ظلم كلِّ طاغوت: هيهات منا الذلة.
طُوفانٌ بشري شهدته العاصمة في يوم تشييع الأمينين العامين لحزب الله السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين
وهناك وقف رئيس مجلس النواب نبيه بري ولسانُ حالِه للسيد نصرالله: ثلاثةٌ وثلاثون من العُمرِ سويّاً…انتَ منا ونحن منك ولم يَحُلْ بينَنا أثقالُ جبال…
الرئيس بري حضر بالأصالة عن نفسه وممثلاً أيضاً رئيس الجمهورية جوزاف عون فيما تمثل رئيس الحكومة نواف سلام بوزير العمل محمد حيدر.
أما الحشود الشعبية فجمعت المدّين الأصفر والأخضر وفجرت حزنها المؤجّل مشاركة كثيفة وزحفاً في كل جهات لبنان… من الجنوب والبقاع والشمال والجبل ومن العاصمة وضاحيتها الجنوبية.
وقد ضاقت بالحشود الطرقات والساحات والمساحات داخلّ مدينة كميل شمعون الرياضية وخارجها. وأحيطت فعاليات التشييع الضخم بإجراءات مشددة اتخذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية على الأرض شاركت فيها طائرات مسيّرة.
أما العدو الإسرائيلي الذي لا يقيم وزناً لحرمة الموت فقد مارس بائساً سياسة التشويش والترهيب للحؤول دون المشاركة الواسعة في تشييع السيدين نصرالله وصفي الدين. وفي هذا السياق أرسل طيرانه محلّقاً على علو منخفض في سماء العاصمة والضاحية الجنوبية فيما كانت مناطق في الجنوب والبقاع وجرود الهرمل أهدافاً لغارات معادية.
وخلال التشييع أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة باقية واشار إلى أن عدم انسحاب العدو الإسرائيلي من المواقع الحدودية الخمسة هو احتلال وقال إننا سنمارس المقاومة بالأساليب والتوقيت بما ينسجم مع المرحلة.
*************
مقدمة تلفزيون “أو تي في”
هو اليوم الاكثر حزناً بالنسبة للمقاومة وبيئة المقاومة خصوصاً، وللبنانيين عموماً. أحبوا السيد حتى كذَبوا الموت وما صدقوا خبر استشهادِه.
التزموا معه ، فضحوا بالغالي والنفيس: شهداء وجرحى ومهجرين. هم الذين اعتادوا المجيء للاستماع الى خطاباته ونبرته ، أتوا اليوم ليلقوا على نعشه نظرة الوداع الاخيرة.
اليوم ودّع هذا الجمهور العريض قائدَه. بدموعهم من عيون مطفأة ودّعوه. بقبضات مع اصابع مبتورة جراء انفجارات البايجر ، ودعوه. بصيحات الروح ودعوه. بأطفالهم، بنسائهم ، برجالهم، وبشيوخهم ، ودعوه ، مؤكدين البقاء على العهد!
أحببت السيد نصرالله ام لا، وافقت على ادائه ام لا ، لكن لا احد يمكنه ان ينكر استثنائية الرجل ولا احد يستطيع ان يقفز فوق حجم الفراغ الذي تركه السيد الشهيد بغيابه.
ولكن الى جانب هذا المشهد العاطفي الوجداني الذي يعجز عنه كل ُ لسان لا بد للسياسة من ان تحضر… فأين سيكون حزب الله بعد هذا اليوم؟ هل ينجح برسم فصل جديد من الفصول ام تبدأ مرحلة جديدة له مختلفة كلياً عن السابق؟ كيف ستكون شبكة علاقاته الداخلية والخارجية؟ واين سيتموضع؟ والاهم ما مصير السلاح؟
*************
مقدمة تلفزيون “الجديد”
موجُ الناس لم يَأبهْ لعدّادِه وارقامِه فعلى ارتفاعِ شعبٍ أَحبَّ السيد.. شاركَ السادة الحضور، وشكّلوا سلسلةً بشريةً وفيّة وَدّعت الأمينين العامين لحزبِ الله السيدين الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. فاضتِ الجموعُ عن مدينةِ كميل شمعون الرياضية وحَلّقت في الشوارعِ والمَساربِ المحيطة، ولَفّت النعشين من قُربٍ وبُعد، ولامست لحظةَ المصير ويقينِ الاستشهاد. وفي الدقيقة التي رُفِعَ فيها نعشُ السيد نصرالله تَعلوه عِمامتُه.. انطلقَ سَيلانُ العيون، والذي جاءَ متأخراً خمسةَ اشهرٍ عن لحظةِ الاغتيال.
كان أحداً لا يُشبهُ الآحاد.. عَقد فيه المُناخُ صفقةً معَ التشييع فأَعارهُ شمساً للمناسبة.. وتّكفلت حرارةُ الناس بإلغاءِ برودةِ الطقس وتعطيلِ مفاعيلِها لساعات نَجحتِ المقاومةُ والشعبُ والجيش في تأمينِ مراسِمَ جاءت بتنظيمٍ عالٍ وحشودٍ قالت إنها شهود انضباطٌ لأكبرٍ تجمّعٍ من نوعِه.. وتنظيمٌ لم تَخرُقْة ايٌ من حوادثِ الشغب.. وجيشٌ معَ قُوى امنية طَوقّت كلَ المداخل وحَلّقت أسرابُها في السماء وحدّهُ العدوُ الاسرائيلي خرقَ التشييعَ بطائراتٍ حربية لامستِ المدرّجات، وفَعَلها على مرتين اثنتين كانَ الهدفَ إرهابُ الحاضرين الذين نَظروا الى الاسرابِ المعادية بعزيمةِ البقاء وتابعوا مَسارَ حزنِهم دونَ حتى الصلاة على الجثمانين ولمّا لم تنفعُ محاولةُ الارهابِ الاسرائيلية أَقدمَ جيشُ العدو على نشرِ مقاطعَ مصوّرة قال إنها للحظةِ اغتيالِ نصرالله ومعَه قائدُ جبهةِ الجنوب علي كركي وقادةٌ آخرون داخلَ مَقرِ القيادة التابعِ لحزبِ الله وهي المشاهدُ التي احتَفظ بها العدو خمسةَ اشهر، لكنه نَفّذ بها اليوم غارةً وهميةً على المشيعين من حضورٍ شعبيٍ ورسمي. إذ حَضرَ رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري بصفةٍ شخصية وممثِلاً رئيسَ الجمهورية العماد جوزيف عون، فيما مَثّل وزيرُ العمل محمد حيدر رئيسَ الحكومة نواف سلام, اضافةً الى مشاركةِ رئيسِ مجلسِ الشُورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزيرِ الخارجية عباس عراقجي.
وابتعدت عائلةُ السيد نصرالله عن الخطوطِ الامامية, فجَلست زوجتُه وابنتُه معَ النساء على المدرّجات. وبعدَ نهارٍ كانَ موصولاً بليلٍ طويل، ووُري الشهيد حسن نصرالله الثرى في ريفِ ضاحيتِه الجنوبية خَرجَ نصرالله اليوم الى المَرقدِ الاخير.. سيرتاحُ فيه جسداً وتطوفُ روحُه قائداً هَزم مرةً اسرائيل.. ووَقف مرابضاً مقاوماً ثم شهيداً لاجلِ فِلسطين لاحقه عدُوه حتى يوم وداعه .. واشرف على النظرة الاخيرة لكنه وجد ان خلف نصرالله شعبا امينا على العهد وهو نفسُه الشعب الذي سيكون امينا على عهد بدأه لبنان ..وقوامُه الدولة.