![العريني بدر تكليف سلام في دائرة الخطر!](https://www.beirut24.org/wp-content/uploads/2025/02/العريني-بدر.png)
تكليف سلام في دائرة الخطر!
لم تَعد الأسماء في حكومة نوّاف سلام العتيدة ذات أهمّية بقدر ما ستؤسّس التشكيلة الوزارية، حين تصدر مراسيمها، لمشكل داخلي في أكثر من باب: شيعي، حتى لو أوحى كثيرون بأنّ “الثنائي” راضٍ ويضع “رِجلاً فوق رجل” بانتظار إرضاء الآخرين، وسنيّ ومسيحي، و”خناقات” داخل البيت المُعارض. لكن قبل ذلك، التكليف نفسه دخل دائرة الخطر.
صحيح أنّ أقلّ من عامٍ ونصف يَفصل عن تحوّل حكومة العهد الأولى إلى حكومة تصريف أعمال فور إعلان نتائج الانتخابات النيابية، إلّا أنّ القوى السياسية، بما في ذلك “التغييريّون”، يتعاملون مع ولادتها كأنّها معركة مصير، وأقرب إلى تكسير رؤوس مع الرئيس المكلّف.
في المحيط القريب من نوّاف سلام شخصيات نيابية وغير نيابية تثير استياء الجميع تقريباً. من الضاحية، إلى عين التينة، ومعراب والبيّاضة، وصولاً إلى القوى السنّية. تشعر هذه القوى، من منطلقات مختلفة، أنّ سلام، بمؤازرة من بعض الفريق المحيط به، يشتغل ضدّها.
حتّى “مَكرمة” سلام في القبول بياسين جابر وزيراً للمال، وبتسمية “الثنائي الشيعي” لوزراء الطائفة الأربعة ومنح موافقتهم على الخامس، لا تحجب هواجس “الثنائي” من مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، بدءاً من البيان الوزاري والتعيينات وهلمّ جرّ.
ثمّة من “يُحاضر” في الخلفيّة “المُقاوِمة” للرئيس المكلّف، التي لم يتردّد في إظهارِها علناً في محطّات سابقة، لكنّ الأمر غير كافٍ بالنسبة لهذا الفريق كي يَطمئنّ إلى خيارات نوّاف سلام.
نَدَم على التّسمية
“الكلام الكبير” يُسمَع بوضوح في الكواليس السنّية والمسيحية والأرمنيّة. سريعاً بدأت تتكوّن جبهة سنّية عريضة لمواجهة “مشروع سلام الإقصائي”، وحطّ بعض أعضائها في القصر الجمهوري ودارة سلام من أجل تسجيل الاعتراض والتلويح بعدم منح الثقة إذا صدرت “تشكيلة الإقصاء”. بدا واضحاً أنّ هذه الجبهة تزاحم “القوات اللبنانية” على “بَرش” أسلوب سلام في التعاطي مع الأحزاب والقوى السياسية التي سمّته.
الحملة التي بدأها النائب وليد البعريني استأنفها أمس النائب نبيل بدر حيث قال قبل لقائه الرئيس المكلّف لقناة “الجديد” بلهجة حادّة، متحدّثاً باسم نحو 13 نائباً سنّيّاً: “نحن يلّلي سمّيناه. سلام لا يمثّل كلّ السنّة، ولا رئيس الجمهورية يمثّل كلّ المسيحيين. وسيسقط، كما سقط نجيب ميقاتي، إذا اعتبر أنّه يمكن أن يضع كلّ السنّة بجيبه. نحن لن نمنح الثقة لمن لا يعي جيّداً التركيبة اللبنانية، وسنذهب عندها نحو تسمية رئيس حكومة جديد، وبالإذن من الرعاة الدوليين لخيار سلام”.
لم يتوانَ بدر، الذي سمّى سلام، عن وصفه بـ”النازل بالباراشوت. ولو كان زعيماً سنّياً، أو صاحب كتلة نيابية، لتفهّمنا تصرّفاته. لكن أن يعطي محور الممانعة كلّ ما يريد، ولا يقف عند خاطر الكتل التي سمّته فهذا أمر مرفوض. متل ما أخذوا الشيعة يللي بدّهم ياه، كذلك السنّة لازم ياخدو يللي بدّهم ياه”.
لا ثقة؟
مسيحياً، باستثناء “حزب الكتائب”، الواعد نفسه بالمحامي عادل نصّار لوزارة العدل، فتح حزب “القوات” و”الطاشناق” و”التيار الوطني الحر” الباب لمُشكلة حقيقية مع الرئيس المكلّف، بسبب هُزال عروض الحقائب، وتطنيش سلام عن الأسماء المقترحة من قبل “ممثّلي” الطائفة.
حتى يوم أمس، كانت الثقة السنّية والمسيحية محجوبة عن “حكومة الإنقاذ”. وبعدما روّج حزب “القوات” طويلاً أنّ العقدة عند الشيعة “بسبب إصرارهم على المالية ورفض سلام لذلك”، وجد نفسه أمام خصم حقيقي “يستهدف القوات وتمثيله، ولم يقدّم لنا أجوبة واضحة حول رؤية الحكومة لملفّات أساسية ومصير سلاح “الحزب”.
أمّا جبران باسيل فقد أصدر قراراً بعدم إدلاء قيادات “التيّار” بأيّ موقف من الشأن الحكومي إلى حين انعقاد المجلس السياسي أمس.
عملياً، أبقى باسيل الباب مفتوحاً مع الرئيس المكلّف، لكنّه أشار “إلى مخالفات كثيرة لا يمكن تأليف الحكومة في ظلّها، ولا يمكننا القبول بها، لجهة عدم الالتزام بوحدة المعايير والاستنسابية في استعمالها”. كما أكد عدم جواز “تجاوز مكوّنات أساسية بحجم تمثيلها”، رافضاً شيطنة وزراء الأحزاب. وقال، قاصداً الفريق الشيعي: “لا يجوز إعلاء هذا المكوّن ومنحه ما لا يُعطى لغيره تعويضاً له عن الخسارة”!
اللافت إعلان باسيل، بالرغم من عدم رضاه عن تشكيل الحكومة، بقاء التيار “داعماً لرئيس الجمهورية وعهده، وبالتالي للحكومة ورئيسها، ولا يمكن لنا أن نطيّر حكومة العهد الأولى”.
كباش بين “التشرينيّين”
أكثر من ذلك، تدور مواجهات، لم تعد صامتة، بين أعضاء الفريق النيابي “التشرينيّ” اللصيق به أو المؤيّد له، الذي أخذ مداه إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
“سيلفي” الثلاثي ميشال الدويهي ووضّاح الصادق ومارك ضو من القصر الجمهوري، مُعلناً الانتصار بتسمية نوّاف سلام و”الاتّفاق معه على حكومة مصغّرة من دون محاصصة حزبية”، رَسَت على كباش حادّ بين زميلَي “تحالف التغيير” امتدّ ليشمل باقي النواب المستقلّين والتغييريّين.
لوّح نائب زغرتا ميشال الدويهي بعدم منح حكومة سلام الثقة بسبب عدم اقتناعه “بالطريقة التي يعتمدها، والتنازلات المتتالية تحت عناوين الواقعية السياسية، والبحث عن ثقة مجلس النواب، وازدواجية المعايير والتسليم بتوزير مرشّح الثنائي في الماليّة”.
بعدها بساعةّ ردّ عليه نائب الشوف مارك ضو مقدّماً سيرة ذاتية لياسين جابر مطمئِنة، برأيه، إذ “لديه مواقف مُعلنة ضدّ “الحزب” موثّقة في ويكيليكس، وأُبعِد عن لوائح حركة أمل عام 2022، وثروة عائلته خارج لبنان، وعرضة لعقوبات دونالد ترامب بأيّ لحظة، وصاحب خبرة تشريعية ومالية وعلاقات خارجية”، داعياً الدويهي من دون أن يُسمّيه إلى “عدم تنغيص الفرحة بهواجس من مرحلة سابقة”.
لا اعتذار
تشير آخر المعطيات إلى أنّ الرئيس المكلّف لن يعتذر، وفي نهاية المطاف سيقدّم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية. وبعد صدور مراسيمها، سيكون الامتحان الأكبر. يقول سلام أمام زوّاره: “لن تَمثل حكومتي أمام مجلس النواب لتسقط، وحتى اللحظة الأخيرة سأعمل بقناعاتي والمعايير التي وضعتها، محاولاً التوفيق بين المطالب، لكن ليس على حساب حكومة الإصلاح”.