ترامب: سنسيطر على غزّة ونحوّلها الى ريفييرا الشرق الأوسط
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحاته حول سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” استهجانا دوليا واسعا وصدمة.
وأدلى الرئيس الأميركي بهذه التصريحات الثلاثاء بعد استقباله في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي اعتبر أن من شأن هذه الخطّة أن “تغيّر التاريخ”.
وقدّم ترامب اقتراحه وسط استهجان ظاهر بين الحضور خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتانياهو.
وفي خطة تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية نقل أكثر من مليوني فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترامب إنه سيجعل القطاع المدمّر بسبب الحرب، مكانا “مذهلا” من خلال إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصاديا.
وأضاف “الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة وسنقوم بعمل هناك أيضا. سوف نمتلكه”.
– “صبّ الزيت على النار” –
وأثارت هذه التصريحات سيلا من ردود الفعل المستنكرة، من حركة حماس والسلطة الفلسطينية إلى الصين وأستراليا، مرورا بفرنسا وبريطانيا وتركيا وألمانيا.
وقال الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في بيان “الموقف الأميركي العنصري يتماهى مع موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف في تهجير شعبنا”، مؤكدا أن تصريحات ترامب “محاولة يائسة” لتصفية القضية الفلسطينية.
وأكّدت الحركة في بيان أن تصريحات ترامب الأخيرة “عدائية لشعبنا ولقضيتنا… لن تخدم الاستقرار في المنطقة وستصبّ الزيت على النار”.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وصل صباح الأربعاء إلى الأردن للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، فأعرب عن “رفض شديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم”.
وأكّدت وزارة الخارجية الفرنسية من جهتها أن مستقبل غزة يكمن في “دولة فلسطينية مستقبلية” وليس في سيطرة “دولة ثالثة”.
وقالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما الأربعاء إن هذه التصريحات “تهدّد الاستقرار وعملية السلام”.
وأوضحت أن “فرنسا تعارض تماما تهجير السكان. نحن متمسكون بسياستنا وهي: عدم تهجير السكان والبحث عن وقف موقت لإطلاق النار نحو عملية السلام وحل الدولتين”.
واعتبر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن مشروع الرئيس الأميركي “غير مقبول” و”لا حاجة حتّى لمناقشته”.
وقال وزير خارجية بريطانيا إنه يجب أن يكون الفلسطينيون قادرين على “العيش وتحقيق الازدهار” في غزة والضفة الغربية.
وأكّدت ألمانيا، ردّا على ترامب، أن قطاع غزة “ملك للفلسطينيين”.
“دفن” فكرة الدولة الفلسطينية –
وخلال المؤتمر الصحافي مع الرئيس الأميركي، أشاد نتانياهو بترامب، ووصفه بأنه “أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق”، معتبرا أن خطته للسيطرة الأميركية على قطاع غزة يمكن أن “تغيّر التاريخ”.
ولم يستبعد نتانياهو عودة الحرب مع حماس أو مع أعداء إسرائيل الآخرين في المنطقة، بما في ذلك حزب الله اللبناني وإيران.
وقال نتانياهو “سننهي الحرب بكسبها”، متعهّدا في الوقت نفسه ضمان عودة جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس.
وأعرب عن ثقته في قدرته على التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية، قائلا لصحافيين إنه ملتزم بجعله حقيقة.
وقال “أعتقد أن السلام بين إسرائيل والسعودية ليس ممكنا فحسب، بل أعتقد أنه سيتم”.
وسارعت السعودية الى الرد بأنها لن تطبّع مع إسرائيل بدون إقامة دولة فلسطينية، وفق ما أفاد بيان عن وزارة الخارجية.
وجاء في البيان “السعودية لن تتوقّف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”، مضيفة “أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون ذلك”.
كما جدّدت الرياض رفضها “تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”.
وتعهّد الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأربعاء العمل على “دفن” فكرة الدولة الفلسطينية “الخطيرة بشكل نهائي”.
– “شعب متجذّر بأرضه” –
وليست هذه المرّة الأولى التي يتطرّق فيها الرئيس الأميركي إلى نقل الفلسطينين من غزة. وكان دعا في تصريح سابق بعد تسلمه الرئاسة، الى نقلهم الى الأردن ومصر.
ويستقبل ترامب هذا الأسبوع العاهل الأردني في البيت الأبيض.
وأثارت تصريحاته غصبا أيضا بين الفلسطينيين على الأرض.
وقال حاتم عزام، أحد سكان مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، “يجب أن يفهم ترامب ونتانياهو حقيقة شعب فلسطين وشعب غزة، الشعب متجذر بأرضه، لن نرحل ولن نهاجر تحت أيّ مسميات وخدع كاذبة”.
وتزامنت تصريحات ترامب الأخيرة مع استئناف الجولة الثانية من المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة التي أعلنت حماس انطلاقها الثلاثاء.
وأسفرت المرحلة الأولى من الهدنة حتى الآن عن إطلاق سراح 18 رهينة من غزة ونحو 600 معتقل فلسطيني لدى إسرائيل، فضلا عن وقف الأعمال لاتقالية، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ويفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن آخر الرهائن الأحياء من غزة وإنهاء الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
واحتجز 251 شخصا رهائن في هجوم حماس الذي تسبّب بمقتل 1210 أشخاص في الجاني الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ردّا على الهجوم والذي تواصل أكثر من 15 شهرا، إلى مقتل 47518 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، تنفّذ إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضد مجموعات فلسطينية مسلحة في شمال الضفة الغربية المحتلة، تسببت بدمار وبمقتل العشرات.