الحكومة بالأسماء وتوزيع الحقائب: ولادة متعثرة.. ولكن قريبة

الحكومة بالأسماء وتوزيع الحقائب: ولادة متعثرة.. ولكن قريبة

الكاتب: غادة حلاوي | المصدر: المدن
3 شباط 2025
تكررت المرات التي يطلب فيها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من الرئيس المكلف نواف سلام تسريع وتيرة تشكيل الحكومة. ما يقارب الشهر على انتخابه والرئيس ينتظر إعلان التشكيلة الحكومية كي ينطلق عهده فعلياً. تلك التشكيلة التي ارتفع منسوب التفاؤل بقرب الإعلان عن وزرائها، على أن يتم ذلك في غضون يومين أو ثلاثة أيام على أبعد تقدير. وهذا ما بقي مستبعداً من قبل بعض القوى الأساسية الممثلة فيها.

وعلى ضفة التفاؤل، كان الرئيس المكلف يستأنف مشاوراته الحكومية. ويتلقى مزيداً من الانتقادات حول الأسماء المقترحة للتمثيل السنّي الذي حصر اختيار ممثليه به مباشرة باستثناء وزارة الداخلية التي سمّى المرشح لتوليها بالتشاور مع الرئيس عون.

التفاهم مع الثنائي
وبينما خيمت أجواء التفاهم بين سلام والثنائي الذي سلم أسماء مرشحيه مع الحقائب، وترك لرئيس الجمهورية تسمية المرشح للحقيبة الخامسة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، عاد الحديث عن اعتراض سلام على مرشح حزب الله لوزارة العمل أمين الساحلي. فاقترح الحزب اسماً بديلاً، وبذلك يكون هذا هو الاسم الثالث الذي يعترض عليه سلام بعد أسمي طلال عتريسي وعبد الحليم فضل الله.

على مستوى التمثيل السني، فالرئيس المكلف متهم “بالتشكيل على ذوقه ومن دون أي منطق”. في اجتماعه مع كتلة التوافق الوطني، سأله أحد النواب: “كيف ستشكل حكومة من أهل الاختصاص بلا سياسة، ومن سيتحدث في السياسة في الحكومة؟” كان جواب سلام: “أنا أتحدث في السياسة”. وهو ما فهم على أنه رغبة منه في اختصار الحكومة بشخصه.

متهم الرئيس المكلف بتقاطع الموقف بين القوات والسنّة، في أن من يسمي الحكومة بالنيابة عنه هم التغييريون، و”كلنا إرادة” و”كل مين إيدو إلو”. متفقون في مأخذهم عليه بالسعي إلى شيطنة الأحزاب والحزبيين والتيارات السياسية، “وهذه موجة خطيرة”.

يستغرب نائب سنّي كيف أن أسماء السنّة كانوا محسومين من اليوم الأول بينما تتعرض بقية الأسماء للأخذ والرد.

العقدة الأصعب مسيحية
في الحقائب الدرزية، تعرض سلام لانتقاد الفريق الدرزي من خارج الاشتراكي. حسب رأي هؤلاء لا يفترض اقتصار التمثيل على الاشتراكي، ويجب اقتسام الحصة بينه والآخرين. في وقت يهدد الاشتراكي بالانسحاب من الحكومة اذا ما اقتصر تمثيله على حقيبة وزارية واحدة.

كل تلك العقبات لا تستوقف سلام، ولا يعتبرها عائقاً لإعلان حكومته، بقدر ما تعترض مساعية مسألة الاتفاق مع المسيحيين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية. يتفاوض مع القوات ويميل إلى استثناء التيار الوطني الحر. لا يزال الخلاف قائماً مع القوات المتمسكة بتولي حقيبة سيادية هي الخارجية، التي يعتبرها عون من حصته ويحتفظ لنفسه بتسمية المرشح لتوليها.

القوات استبقت اجتماعها معه ليلاً بإصدار بيان تصعيدي، وصفت فيه عملية التشكيل الحاصلة بالخطير، ومتهمة الرئيس المكلف بعدم اعتماد معايير موحدة في التشكيل، وطالبته باعتماد معيار التعاطي بالمثل في إشارة إلى منح المالية للثنائي.

بعبدا تشكك
إزاء هذه المعطيات بدأ التشكيك يتسلل إلى بعبدا من صعوبة المهمة. ولهذا لا يجد عون مانعاً من تذكير سلام بضرورة الإسراع في إعلان حكومته. بينما يتعاطى الأخير من منطلق أنه الوصي على الدستور وتطبيقه، وفي كون صلاحيات عون استشارية بالموضوع الحكومي وليست تقريرية.

أسماء التشكيلة الوزارية:
رغم كل هذه الاعتراضات والمعارضات، سجل تبدل جديد لبورصة الأسماء صعوداً وهبوطاً وفي آخر ما انتهت إليه التشكيلة حتى اليوم:

عن السنّة: نواف سلام، أحمد حجار- داخلية، ريما كرامي- تربية، عامر بساط- اقتصاد (استجدت مشكلة حول ترشيحه وقد يتبدل الاسم)، حنين السيد- الشؤون الاجتماعية. وعلم أن اعتراضات كثيرة تبلغها سلام بشأن ترشيحها، المصرية الجنسية قبل أن تتزوح من لبناني، كانت خبيرة أولى لشؤون التنمية البشرية والحماية الاجتماعية والعمل والتعليم والنوع الاجتماعي في “مجموعة البنك الدولي” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ثم تقدمت باستقالتها بسبب مشاكل اعترت عملها.

عن الشيعة: وافق سلام على تسمية ياسين جابر للمالية، ركان ناصر الدين للصحة، تمارا الزين للبيئة، فيما لم يوافق على الأسماء التي قدمها حزب الله لوزارة العمل حتى الآن. أما الاسم الخامس فبقي في عهدة رئيس الجمهورية وغير محسوم بعد.

عن الدروز: فايز رسامني للأشغال ونزار الهاني للزراعة، إلا في حال عاد سلام عن رأيه، وهذا مستبعد بالنظر لما تم الاتفاق بشأنه في الاجتماع الذي ضمه مع النائب السابق وليد جنبلاط ونجله النائب الحالي تيمور جنبلاط.

الارثوذكس: ميشال منسى للدفاع، طارق متري نائب رئيس الحكومة، جو صدي للطاقة، وهناك شخصية رابعة غير محسومة بعد.

الموارنة: كمال شحادة للاتصالات (إلا في حال أسندت للقوات)، ناجي أبي عاصي (للخارجية)، عادل أمين نصار للعدل، زياد الخازن للسياحة من حصة المردة (غير محسومة).

الكاثوليك: غسان سلامة للثقافة. الأرمن مارال توتاريان. ومن الأسماء المطروحة أيضاً إسم الفنان اللبناني العالمي غي مانوكيان لوزارة الشباب والرياضة (غير محسوم).

بقيت وزارات الإعلام والمهجرين والتنمية الإدارية من دون ترشيحات حتى الساعة. وقد تحسم بناء على مشاركة القوات اللبنانية، فقد تسند لها حقيبتان مع ثالثة سيادية. وحسب المعطيات، فالقوات، وان كانت تواصل مشاوراتها لتحسين تمثيلها قدر الإمكان في الحكومة، لكنها ضمناً تسعى للمشاركة، لأن الحكومة ستكون حكومة تعيينات وانتخابات.

حكومة بلا تيار
والمفارقة هي غياب التيار الوطني الحر عن هذه التشكيلة، التي وإن تبدلت فلن يكون التبديل فيها جذرياً، ما يؤشر إلى وجود نية بعرض حقائب غير ذات أهمية على التيار لدفعه نحو الاعتذار عن المشاركة، خشية وجود ثلث معطل في الحكومة.

أكثر من مصدر سياسي قال إن الحكومة ورغم كل المشاكل التي تعتري التشكيل، ستعلن في غضون اليومين المقبلين والكل سيرضخ، وأن الرئيس المكلف سيزور بعبدا مبدئياً اليوم لوضع رئيس الجمهورية في الأجواء.

تشكيلة أولية، قد تشهد تغيرات في الأسماء وليس في الحقائب، إلا في حال تغيرت الحقائب من حصة القوات (3 حقائب فقط) والتيار. وتتقاطع الآراء على أن إعلانها سيتم رغم الاعتراضات، اللهم إلا في حال برز ما هو غير قابل للحل.