السجناء السياسيون رهينة المساومات والمقايضات رسائل من خلف القضبان… فهل يحرّرهم الشرع؟

السجناء السياسيون رهينة المساومات والمقايضات رسائل من خلف القضبان… فهل يحرّرهم الشرع؟

الكاتب: مريم مجدولين اللحام | المصدر: نداء الوطن
1 شباط 2025

خلف قضبان سجون لبنان “لائحة انتقام” عبارة عن 200 معتقل سياسي سوري. سجناء عوقبوا على ثورتهم المسلّحة ضدّ طغيان الرئيس الهارب بشار الأسد، أُلصقت بهم تهم إرهاب، جرى طبخها لهم، فعانوا الأمرَّين خلال التحقيقات وبعدها، ومنهم من شاب داخل الزنزانة.

حاولوا رفع الصوت مراراً، وأحياناً نضالاً بالأمعاء الخاوية، فرِحوا لتحرير سوريا وتأمّلوا خيراً. رفاق قضية الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع، فهل يستردّهم من قبضة السجّان؟

الإرهاب كتهمة مُعلّبة

“منذ العام 2013، من كانت تجمعه صورة مع الرئيس أحمد الشرع كـ “أبو محمد الجولاني”، يُحاكم بالسجن لثلاث سنوات، لشبهة التورّط في أعمال ذات صلة بتنظيم “النصرة” ويُلوّن ملفّه القضائي بألوان الإرهاب.

أما اليوم فقد التقط رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صوراً رسمية ضاحكة مع الرئيس الشرع، وسبقه إلى ذلك وليد جنبلاط. أليس من السريالية والظلم أن يبقى من حوكم لمناصرته الثورة السورية خلف القضبان؟ هل من الطبيعي أن يُكمل أحكامه التي حوسب عليها لخلفية انضمامه إلى قوى مسلّحة معارضة للنظام السوري؟

أسئلة طرحها محامي المعتقلين السوريين في السّجون اللبنانية، محمد صبلوح، في حديث مع “نداء الوطن”. يضيف، “90% من الموقوفين السوريين في لبنان، سجناء سياسيون زُجّ بهم في السجون بسبب مواقفهم من الثورة السورية ومساندتهم لها، فيما كان عناصر “حزب اللّه” يقاتلون بالسلاح مساندة لنظام بشار الأسد الذي ارتكب الجرائم بحق شعبه، وعند عودتهم إلى لبنان كانوا يعاملون معاملة الأبطال لا كمقاتلين أو إرهابيين.

السؤال الأهم اليوم، هل ستكون هناك عدالة انتقالية تُنصف من ظُلم طويلاً؟

يتابع صبلوح “كانت تهمة الإرهاب معلّبة وجاهزة للتلفيق مع أي سوري معارض جاهر بمعارضته الأسد أو شكا من تدخّل “حزب الله” في ساحة الحرب السورية. دفعوا ثمن مواقفهم، اليوم وبعد سقوط النظام في سوريا وهروب بشار الأسد، من المهم أن تتضافر جهود الناشطين السياسيين والحقوقيين لبنانيين وسوريين وعرباً وحتى الحكومة السورية الانتقالية لتحرير هؤلاء السجناء وإنصافهم، ومن ثبت تورّطه في أي ملف آخر يُحاسب في بلاده”.

مسؤول حكومي خاص!

فيما يُشكّل السوريون 35% من السجناء في لبنان، دعت مطالبات حثيثة السلطات اللبنانية إلى التحرّك لتسليمهم بشكل عاجل للدولة الانتقالية السورية التي أبدت مرونة واهتماماً في هذا الملف، خصوصاً بعد زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى سوريا.

في سجن رومية المركزي، ساد جوٌّ من التفاؤل بعد الزيارة. يأمل الشاب السوريّ  أ. ف. بالحرية، وهو من أبناء بلدة القصير الذي سُجن وهو في العشرين واليوم يبلغ من العمر 30 عاماً، تهمته أنه شارك في أعمال أمنية ضد نظام بشار لصالح “النصرة”.

زميله في الزنزانة، سجين آخر، صحافي سابق، كتب لـ “نداء الوطن” رسالة ناشد فيها الرئيس السوري، واصفاً إياه برفيق الميدان والقضية، طالبه بتعيين مسؤول حكومي خاص لمتابعة ملفّهم، بهدف اختصار الوقت.  يضيف “لا يمكن لأمّهات المسجونين أن يتظاهرن أمام القصر الحكومي، رغبة منهن في عدم التشويش على الحكم الذي طال انتظاره وحارب أبناؤهم في صفوفه… ما زابطة، أمهاتنا بمثابة أمهات كل وزير في الحكومة الحالية ولا يمكن أن نطعن بعضنا، وثقتنا كبيرة بالرئيس وسنكون في أول سلّم الأولويات”.

سأل السجين الرئيس السوري “هل تعلم أننا كنا نُعامل بحسب المناطق الجغرافية التي وُلدنا فيها؟ ابن حمص والقصير يلقى حكماً مؤبداً، وابن الزبداني تُخفف عنه التهم والحساب… حاولوا زرع التفرقة بيننا مناطقياً وكان إيماننا بالحق أكبر”.

في المحصّلة، إن بقاء السجناء السياسيين رهينة المساومات والمقايضات بين لبنان وسوريا، يجعل من الأمر نوعاً من الانسلاخ عن الواقع الذي يفرض نفسه حقيقة: خسر محور إيران، تبدّلت القوى، وانتهى زمن اختصار السلطات ببندقية من ادّعوا “المقاومة”.