لو كنت مكان الرئيس المكلّف…

لو كنت مكان الرئيس المكلّف…

الكاتب: عماد الشدياق | المصدر: نداء الوطن
31 كانون الثاني 2025

ثمّة جدل يدور بين أوساط المثقفين والصحافيين حول التأخّر في تشكيل الحكومة. فريق يتّهم الرئيس المكلف نواف سلام بالتقصير، وآخر يطالب بمنحه المزيد من الوقت… وبين هذا وذاك ثمّة من يعترض من باب “المطاوعة” على أيّ تنويه أو ملاحظة تُوجّه لأداء القاضي الدولي. ويسأل: لو كنت مكانه ماذا كنت لتفعل؟

وعليه، لو كنت مكان الرئيس المكلّف نواف سلام، لوضعت خطة “كاملة – شاملة” للنهوض بالبلاد، ولشهرتها بوجه كل كتلةٍ نيابيةٍ تطالب بوزارة محدّدة، وقلت لها: الحكم مسؤولية وليس ترفاً أو امتيازاً لتجميع المناصب. هذه خطتي للوزارة الفلانية التي تطالبون بها. فهل مرشحكم يا سادة مستعدّ للسير بخطة وزارته والموافقة على تبنّي بنودها؟

لو كنت مكان الرئيس المكلّف، لطالبت رئيس الجمهورية جوزاف عون بالوقوف إلى جانبي أكثر، ولقلت له: فخامة الرئيس هذا عهدك وأنا أطلب شراكتك لأنّ نجاحي من نجاحك والعكس صحيح… ألا وقفت إلى جانبي أكثر كي نصدّ معاً طلبات الكتل التي لا تنتهي علّنا نخرج بتشكيلة حكومية قادرة على النهوض بالبلاد؟

لو كنت مكان الرئيس المكّلف، لصارحت ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” بالحقيقة المُرّة، ولقلت لهما: أنتما اتخذتما قرار الحرب ضد إسرائيل وكان قراركما خاطئاً، وها نحن اليوم ندفع ثمنه أجمعين. إن كنتما مهتمَين فعلاً، بـ”سِتِر” الطائفة الشيعية بعد أن شرّدتماها (مع التوكيد على صيغة المثنى) فـ”بدنا نروق”. إذ لا يمكنكما المطالبة بالتمثيل الشيعي داخل الحكومة كاملاً، وفي الوقت نفسه الإصرار في الحصول على 5 وزارات، وفوقها كلّها تصرّان كذلك على حقيبة المالية… سلّفوني واحداً مع هذه الشروط، كي أستطيع أن “أقابل وجه ربّي”، عساه يعينني على تأمين أموال إعادة الإعمار من المجتمع الدولي ومن أصدقائنا في الخليج.

لو كنت مكان الرئيس المكلّف، لرفضت منح ثنائي”حزب الله” و”حركة أمل” تمثيل الطائفة الشيعة كاملاً، على الرغم من أنّهما يمثلان البلوك الشيعي بـ27 نائباً. لأنّ اختصار الشيعة بـ”الثنائي” سيعطي انطباعاً خاطئاً للناخبين ويجعلهم يقولون في سرّهم يوم انتخابات 2026: طالما أنّ السلطة (أياً كان أركانها) تلهث لإرضاء “الحزب” و”الحركة” فلمَ كل هذا العناء؟… “منعطي يلّي منعرفو أفضل من يلّي منجهلو”.

لو كنت مكان الرئيس المكلّف، لما اختصرت التمثيل السنّي بوزراء من خارج الحدود، ولكنت “طعّمت” حكومتي بوزيرين أو أكثر، من “مناضلي الداخل”، من دون خوفٍ أو منّةٍ من أحد، فهؤلاء ينطبق عليهم كذلك ما ينطبق على المعارضة الشيعية، ويحقّ لمن احترف السياسة أن يوظف قدراته داخل الحكومة باعتباره كذلك، من الشخصيات المستقلة الحريصة على ازدهار لبنان… وإلاّ أصبح معيار التوزير لدى السُنّة هو الهجرة.

لو كنت مكان الرئيس المكلّف، لخرجت بمؤتمرٍ صحافيّ أمام اللبنانيين، يكون وقعه أشدّ صراحة وأكثر عمقاً في تناول “دَرْك” الأزمة. أعلن فيه أن تشوّهات “اتفاق الدوحة” قد ولّت إلى غير رجعة، بينما القاعدة الأساسية التي يجب أن ينطلق منها أيّ رئيس مكلّف هي “اتفاق الطائف”ـ بلا أي تعديلات وتشويه. ولأعلنت صراحة أنّ رئيس الحكومة ليس “محاسبجي” وظيفته إحصاء عدد النواب في الكتل، ثم تقريشها إلى حقائب وزارية. ولأخبرتهم أنّ القانون النسبي للانتخابات يتوخى صدق التمثيل الشعبي ودقته، لا شكل الحكومة، وذلك بناء على قاعدة “فصل السلطات”… وإلّا أمسينا في ظلّ “نظام مجلسي” مقنّع.

وأخيراً، لو كنت مكان الرئيس المكلّف، لوضعت التشكيلة التي ترضي ضميري وضمير شريكي في الحكم (رئيس الجمهورية) ولأقنعته بالتوقيع عليها، حتى لو لم تنل ثقة المجلس. أقله بذلك، أضمن أن تكون تلك الحكومة هي الجهة الصالحة لـ”تصريف الأعمال”، وذلك إلى حين تكليف رئيس آخر يستطيع التأليف واستكمال الطريق الذي بدأته.