إلى نواف سلام: المطلوب حكومة تأسيسية لا انتقالية
نواف سلام في اختباره الأهم في مسيرته المميزة نزاهة وعلماً وتاريخاً. فمع اقتراب موعد الاستحقاق الحكومي، تبدو الفرصة سانحة لتشكيل حكومة استثنائية تجمع بين الكفاءة والتوازن الوطني. نواف سلام، القاضي المرموق والدبلوماسي المعروف، يقف أمام تحدٍ كبير، حيث يتوقع أن تكون حكومته بنسبة عالية على صورة رجلين: نواف سلام نفسه، وجوزاف عون، القائد العسكري الذي أثبت نفسه كركيزة أساسية في الاستقرار الأمني.
الجانب الإيجابي في هذه المعادلة هو أن نواف سلام يتمتع بثقة محلية ودولية تؤهله لتشكيل حكومة لا تمس بالثوابت الوطنية، حكومة قادرة على إعادة توجيه البلاد نحو الاستقرار السياسي والمؤسساتي. لكن هذا المسار ليس مفروشاً بالورود، إذ تتصاعد التساؤلات حول قدرة سلام – وليس نيته – على الوفاء بوعوده، وأبرزها توزير شخصية شيعية معارضة قادرة على كسر احتكار الثنائية الشيعية لتمثيل الطائفة.
التحدي الأكبر الذي يواجه نواف سلام يكمن في طبيعة هذه الحكومة. هل ستكون انتقالية أم تأسيسية؟ هنا، التمني أن يتصرف سلام على أساس أنها حكومة تأسيسية، تأخذ على عاتقها مهمة وضع لبنان على سكة الدولة الحقيقية. وهذا يعني، بلا أي مساومة، أن تسعى لسحب سلاح “حزب الله” من كامل الأراضي اللبنانية، وليس فقط من جنوب الليطاني.
في المقابل، سيضطر سلام لمنح وزارة المالية للثنائي الشيعي، لكن المطلوب منه كرئيس للحكومة أن لا يسمح بتثبيت معادلة “التوقيع الرابع”، تلك البدعة التي تخالف الدستور وتهدد النظام الديمقراطي. تطبيق الدستور بحذافيره هو المفتاح لإنجاح أي حكومة جديدة، وأي تنازل في هذا الإطار سيكون بمثابة العودة إلى الوراء.
اليوم، لبنان أمام فرصة جدية قد لا تتكرر. الثنائي جوزاف عون ونواف سلام يقفان على أعتاب اختبار تاريخي. الأول قادر على ضمان الاستقرار الأمني، والثاني قادر على وضع الأسس السياسية لدولة حقيقية. ولكن نجاحهما يتطلب شجاعة غير مسبوقة، ووضوحاً في الأهداف، وابتعاداً عن التسويات التي أبقت لبنان رهينة الانقسامات والدويلات.