مدارس الحافة الأمامية تواجه الإقفال؟

مدارس الحافة الأمامية تواجه الإقفال؟

الكاتب: فاتن الحاج | المصدر: الاخبار
17 كانون الثاني 2025

عادت خريطة التعليم في الجنوب إلى ما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر، أي قبل الحرب الأخيرة على لبنان. فقد لملمت معظم المدارس والثانويات والمعاهد المهنية في القرى المحاذية للقرى الحدودية أوضاعها، بالإمكانات المتوافرة في صناديقها وبدعم من متبرعين، والتحق التلامذة حضورياً بالصفوف. وحدها ثانوية مجدل سلم الرسمية لا تزال تعاني، إذ دمر العدو الإسرائيلي مبناها بصورة شبه كلية، ما عدا قاعات قليلة تنوي الثانوية العودة إليها، في 10 أيام، باعتماد التعليم المدمج (حضوري وأونلاين) لكل المراحل التعليمية. وبمبادرة فردية، أزال عدد من الطلاب المتخرجين في العام الدراسي الماضي، الركام من الغرف ونظفوها بمساعدة آليات من البلدية، وتستكمل الإدارة بعض أعمال الصيانة والإصلاحات وإقفال النوافذ بـ «النايلون» تمهيداً للعودة.

أما المؤسسات التعليمية في قرى الحافة الأمامية فحكاية أخرى. ما عدا ثانوية رميش التي تمكنت من إعادة طلابها إلى الصفوف، لا عودة حضورية مرتقبة لباقي المؤسسات، وسيستمر التعليم «أونلاين» حصراً. ويؤرّق المديرين ما يسمعونه في أروقة وزارة التربية عن أن حال المدارس والثانويات المدمرة في هذه المنطقة لن تستقيم قبل سنتين، وبالتالي لا جدوى من بقائها مفتوحة وعلى طلابها الانتقال إلى مدارس وثانويات أخرى. ورغم أن أعداد الطلاب في هذه المدارس والثانويات زادت بنسبة تلامس 50 في المئة في بعضها وقد أتى الطلاب الجدد من التعليم الخاص على وجه الخصوص، إلا أن المديرين يتحدثون عن أدوات ضغط تمارس ضد مدارسهم لإقفالها مثل عدم السماح للطلاب بالالتحاق بمدارس أخرى في أماكن النزوح، والإبقاء على تسجيلهم في المدرسة الأم كما ينص تعميم الوزير، وهو ما سيؤدي إلى تراجع الأعداد. ومن أدوات الضغط أيضاً الإصرار على التعليم عن بعد عبر منصة «مايكروسوفت تيمز» لاستحقاق بدل الإنتاجية، رغم أن أكثر من نصف الطلاب ليس لديهم حسابات على هذه المنصة، ولم تصلهم باقة الإنترنت 20 ميغابايت.

يتردّد في أروقة وزارة التربية أنّ حال المدارس والثانويات المدمرة لن تستقيم قبل سنتين

اللافت في هذه المنطقة وغيرها من القرى المحاذية أيضاً هو الإحجام عن دفع رسوم التسجيل للمرحلة الثانوية التي لم يعف الطلاب منها على غرار المرحلة الأساسية، وتبلغ 9 ملايين ليرة، علماً أن ثانوية ميس الجبل استوفت 50 في المئة من الرسوم فقط، فيما باقي القرى الحدودية لم تستوف أي رسوم بعد.
في شبعا وكفرشوبا ومرجعيون، هناك نية لدى الإدارات بالعودة الحضورية بعد الانسحاب الإسرائيلي مع انتهاء مهلة الـ 60 يوماً، لكن هذه الرغبة تواجه عدم قدرة التلامذة على الحضور بسبب تضرر المنازل وأزمة السكن. أما المدارس والثانويات في القرى الأخرى، فهي إما مدمرة كما حال ثانوية ميس الجبل ومدرسة حولا وغيرهما، أو متضررة بشكل كبير، ولا سيما في عيتا الشعب والطيبة والخيام وعيترون وبنت جبيل ومروحين وعلما الشعب.

في لقاء عُقد أخيراً مع الإدارة التربوية، سأل أحد المديرين في قرى الحافة الأمامية ما إذا كانت هناك خطة لدى وزارة التربية في المنطقة المدمرة، فكان الرد: «ماذا تقترح من حلول؟». الجواب الوحيد الذي تلقاه المدير من «اليونيسف» هو أن المنظمة تسعى إلى تأمين تمويل لإعادة الإعمار بعد ملء استمارة بالمعلومات عبر رابط وُزّع على المديرين. وكان لافتاً أن الوزارة أرسلت، عبر إحدى شركات المحروقات، 5000 ليتر مازوت لثانوية مدمرة! وهو، كما قال مديرها، «دليل على أن الوزارة ليست مهتمة بأمرنا ولا تعرف احتياجاتنا، وما نفعله هو صراخ في الفراغ».

وكان مدير التعليم الثانوي خالد الفايد قال في مقابلة تلفزيونية إن هناك ثانويتين دمرتا كليّاً هما ثانوية مجدل سلم وميس الجبل، إضافة إلى أربع مدارس ابتدائية ومتوسطة، في حين أن هناك 22 ثانوية و30 مدرسة مهدمة جزئياً تحتاج إلى مبالغ كبيرة تبدأ بـ 15 ألف دولار ولا تنتهي بمليون ونصف مليون دولار هي كلفة إعادة إعمار ثانوية ميس الجبل، وهي عبارة عن صرح تربوي ضخم ومجهز بأحدث التجهيزات. وأشار الفايد إلى أن الوزارة تتواصل مع الجهات المانحة لتأمين التمويل، وفيما أكد على أهمية الحفاظ على كينونة الثانويات في القرى الحدودية، فإن الواقع على الأرض مختلف تماماً، إذ لم تتخذ أي إجراءات لحماية تعميم الوزير، بحسب مصادر المديرين.
بالنسبة إلى المديرين، «الحل التربوي يأتي من وزارة التربية فقط، وهو ليس مفصولاً عن الحلول العامة التي تضعها الحكومة والأحزاب، فإعادة فتح المدارس يجب أن تترافق مع معالجة أزمة السكن على وجه الخصوص».