لا سلاح في المخيمات بعد سنة والتحدي في عين الحلوة
بعد تسلم الجيش المواقع الفلسطينية في البقاع وأنفاق الناعمة في الشوف وغياب أي نقطة عسكرية للفصائل خارج المخيمات، يتواصل العمل على سحب السلاح أيضا من داخلها، وأصعبها في عين الحلوة، في مشهد ينسف كل ما تبقى من “اتفاق القاهرة” الشهير عام 1969.
لا شك في أن مستجدات كثيرة برزت في لبنان والمنطقة، ولا سيما بعد التبدل الكبير في سوريا، وهي عوامل ساعدت لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني على إنجاز هذا الملف بهدوء وعناية شديدتين، ولو أن فئات من اللاجئين الفلسطينيين لا تتقبل هذا المشهد، لأنها كانت تعتبر وجود السلاح “امتيازا” يساعد في تعزيز قضيتها والوقوف في وجه إسرائيل. وبعد كل هذه الموجات من الهزات الارتدادية على مدار أكثر من نصف قرن، أخذ المسؤولون عن هذه الفصائل يعترفون بأن الرياح السياسية والعسكرية لم تعد تصب في مصلحتهم، ولا سيما أن الدولة اللبنانية بأجهزتها تتعامل مع الفلسطينيين بدينامية لجنة الحوار وبمقاربات لا تثير الاستفزاز.
وفي الاجتماع الأخير لممثلي الفصائل مع رئيس اللجنة الدكتور باسل الحسن، تم التوصل إلى نقاط مشتركة يمكن البناء عليها، لأن المسألة لا تتعلق بتنظيم السلاح وسحبه فحسب، إنما ثمة ملفات اجتماعية وإنمائية يجب توفيرها داخل المخيمات، ولا سيما بعد تقليص وكالة “الأونروا” خدماتها.
ويوضح الحسن لـ”النهار” أن الأمور مع الفلسطينيين تعالج بإيجابية عالية، “ولمسنا بالفعل تجاوبا من الفصائل”. ويقول: “بعد نجاح تجربة سحب السلاح خارج المخيمات، يجري التحضير خلال سنة لسحب الأعتدة الثقيلة من داخلها”. ويبقى العمل على السلاح الفردي محل متابعة بين الفصائل والجهات المعنية في الدولة.
في المقابل، تقول مصادر فلسطينية إن كل ما حصل حتى الآن هو تسلم الجيش مواقع “القيادة العامة” خارج المخيمات من دون أي ضجيج، ولم يتم بعد البحث جديا في مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات.
وتضيف المصادر أن “مناخات إيجابية تسود كل الاتصالات بلجنة الحوار”. ولا يمانع أكثر من فصيل في ترتيب السلاح داخل المخيمات وتنظيم السلاح الفردي، مع التساؤل عما إذا كانت الأجهزة الأمنية مستعدة لضبط الأمن في المخيمات حيث لا مهرب من التعامل مع عناصر فلسطينية على شكل شرطة لترتيب يوميات اللاجئين.
في موازاة كل هذه المساحة من التطور بين الجانبين، لا يمكن القفز فوق مندرجات القرار 1701، أقله في جنوب الليطاني حيث لا يمكن سحب سلاح “حزب الله” وإبقاؤه داخل المخيمات في صور، علما أن أصواتا فلسطينية لم تتلقّ هذا الموضوع بارتياح، وكانت “النهار” قد سلّطت عليه الضوء قبل أسبوعين.
ويتحدّث الحسن عن الاتفاق مع الفصائل على تشكيلة لجان مشتركة ستعمل للمساعدة على ترتيب ملف السلاح داخل المخيمات. ولا تقتصر الاجتماعات على هذا الملف، بل يتم البحث في التقديمات الاجتماعية وتحسين البنى التحتية في المخيمات وصولا إلى السماح للفلسطيني بتملك شقة سكنية. وستتابع كل هذه النقاط مع وزارة العدل والإدارات المختصة. وثمة 10 نواب من كتل نيابية مختلفة يحضرون اجتماعات هيئة الحوار ويواكبون عملها ويتعاونون معها.
سيكون موضوع المخيمات في أجندة الملفات الرئيسية للحكومة المقبلة، حيث المطلوب من مجلس الوزراء التواصل مع السلطة الفلسطينية وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، مع التذكير بأن “فتح” تملك الجزء الأكبر من الأسلحة الثقيلة في مخيمات عين الحلوة والرشيدية وبرج البراجنة.
يواجه لبنان ملفا في غاية التعقيدات تعمل لجنة الحوار على تفكيك ألغامه، ولا سيما أن نحو 500 عنصر من المجموعات الإسلامية المتشددة تنتشر في عين الحلوة، ولن تتقبل بسهولة تسليم أسلحتها التي حصدت مئات الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، في اشتباكات زواريب عبثية لم تؤدّ إلى جرح جندي إسرائيلي واحد.