ضرورة إغلاق ملف السلاح غير الشرعي
اقترب موعد إغلاق ملف حرب غزة. وهذا مؤشر على أن المنطقة تتجه صوب مرحلة جديدة مختلفة عما سبق. سبق ذلك بدء اقتراب موعد إغلاق ملف الحرب في لبنان. فانتخاب الجنرال جوزف عون رئيساً للجمهورية، واختيار القاضي نواف سلام رئيساً للحكومة المقبلة، مؤشران كبيران على دخول لبنان عصراً جديداً سيجبر فيه “حزب الله” على العودة إلى القمقم. فمعادلة الغلبة السابقة اضمحلت إلى حدّ بعيد. لكنها لم تختف تماماً لأن الطرف المستكبر في لبنان لا يزال يمتلك وسائل الترهيب والإرهاب التي استخدمها على مدى عقدين من الزمن ضد اللبنانيين. صحيح أنه استخدم وسائل أخرى مثل الترغيب الذي فعل فعله في استقطاب قوى سياسية تواطأت معه طويلاً، وأمّنت له تغطية سياسية ومعنوية وأخلاقية وطائفية ووطنية بناءً على لعبة المصالح والتخاصم، غير أن السلاح غير الشرعي كان ولا يزال حتى هذه اللحظة أداة يمكن استخدام وهجه عند كل مفترق طرق. بمعنى آخر، إن المرحلة تقتضي الإسراع بمعالجة موضوع السلاح غير الشرعي الذي يتمسك به “حزب الله” تحت شعار ما يسمى “المقاومة”. وعندما نقول “معالجة” فنحن نعني نزع السلاح نهائياً، وحل التنظيمات العسكرية والأمنية لـ”حزب الله” على كامل الأراضي اللبنانية. من هنا فإن محاولة فرض الحزب المذكور ومن يتماهى معه قراءة خاصة به بشأن ولاية القرار ١٧٠١، وتفسيره بمندرجاته يهدف إلى الاحتفاظ بالسلاح خلافاً لمنطوق القرار ١٧٠١ والقرارين المرتبطين به عضوياً ١٥٥٩ و١٦٨٠. هذه القراءة هي أكبر انتهاك للقرار ١٧٠١ ولنص اتفاق وقف إطلاق النار، ولإرادة الغالبية الساحقة من اللبنانيين الذين ما عادوا يقبلون بمواصلة العيش تحت تهديد السلاح غير الشرعي الذي يعرف القاصي والداني أنه استُخدم للاغتيالات والغزوات، وإن لم يتم نزعه في هذه المرحلة بالذات فسيبقى سيفاً مصلتاً فوق رؤوس اللبنانيين، وفي النهاية سيُستخدم مرة جديدة لقتل اللبنانيين قبل مقاتلة الإسرائيليين.
إن ما ورد في خطاب القسم للرئيس جوزف عون لناحية حصر السلاح بيد الدولة واضح كل الوضوح. ومن يقبل باستمرار التعايش مع هذا السلاح يفوّت فرصة تاريخية لإنقاذ لبنان وإعادته بلداً طبيعياً ليلتحق بركب التنمية الإقليمية التي تخطو خطوات جبارة في العديد من الدول العربية ولا سيما الخليجية. كما أن التفكير، مجرد التفكير في دمج المسلحين التابعين لـ”حزب الله” في الجيش أو الأسلاك العسكرية والأمنية الأخرى معناه تحويل المؤسسات العسكرية في أحسن الأحوال إلى مربعات حزبية طائفية، وفي أسوأ الأحوال تشظي الجيش إلى ميليشيات طائفية. إن لبنان ليس العراق. ومشروع شرعنة ميليشيا “حزب الله” على النحو الذي حصل في العراق مع الميليشيات المرتبطة بإيران ضمن “الحشد الشعبي” سيخلق واقعاً جهنمياً مؤداه انفجار الدولة من الداخل. وعليه إن المطلوب التعجيل بوضوع ملف السلاح غير الشرعي على طاولة البحث من أجل نزعه وإنهاء كل المظاهر الميليشيوية الأجنبية واللبنانية على حد سواء. انتهى زمن التعايش مع هذه الظاهرة.