تشكيل حكومة اختصاصيين مسألة وقت لن يطول… والثنائي يشارك

تشكيل حكومة اختصاصيين مسألة وقت لن يطول… والثنائي يشارك

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
16 كانون الثاني 2025

بدأ رئيس الحكومة المكلف نواف سلام استشاراته غير الملزمة لتأليف الحكومة وسط قرار ثنائي “أمل”-“حزب الله” مقاطعتها، تعبيراً عن رفضه ما وصفه بالعملية “الانقلابية” لقوى المعارضة على التفاهم المسبق مع رئيس الجمهورية على إعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لترؤس حكومة العهد الأولى.

لكن إلغاء موعد كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” من جدول الاستشارات أمس، والاستعاضة عنه بموعد قبل ظهر غد الجمعة مع رئيس المجلس، يشير، على ما قالت مصادر مواكبة لمسار التأليف، إلى أن معارضة الثنائي للاستشارات لكونها غير ملزمة وبالتالي يمكن عدم المشاركة فيها. لكنها لن تصل إلى حد مقاطعة الحكومة لسببين أساسيين، أولهما الحاجة الملحّة إلى تأمين مشروع إعادة إعمار الجنوب والضاحية في ظل الشح المالي الذي يعاني منه الحزب بعد تقطع إمداداته عبر سوريا أو حتى عبر المطار. وهذا المشروع حيوي وأساسي لاحتواء الشارع الذي بدأ يرفع الصوت حيال مسألة التعويضات. أما السبب الآخر فيتصل بالتهديدات الدولية بفرض عقوبات أميركية ودولية ما لم يستعد لبنان مساره السليم والإصلاحي في تطبيق القرارات الدولية وإعادة انتظام السلطة.
يشبّه أحد النواب في جبهة المعارضة ما يقوم به الحزب اليوم بما فعله في جلسة انتخاب الرئيس، حيث يُتوقع أن تبصر الحكومة النور في الدورة الثانية، بحيث يعيد الثنائي التأكيد أن لا حكومة ميثاقية تحظى بثقة المجلس من دون المكوّن الشيعي الممثل بحركة “أمل” والحزب، كما كانت الرسالة الأولى بترحيل الانتخاب إلى دورة ثانية للتأكيد أن لا رئيس للجمهورية من دون هذا المكوّن.
بخلاصة اليوم الأول للاستشارات، أمكن للنواب تلمّس توجه رئيس الحكومة المكلف نحو حكومة غير فضفاضة، يفضّل أن تكون من الاختصاصيين من أصحاب الكفاءة والاختصاص في حقائبهم، على نحو يبعد كأس التجاذبات السياسية ويفتح المجال أمام تسريع عملية إطلاق عمل الحكومة وتنفيذ المشاريع والبرامج الإصلاحية المطلوبة منها. وفُهم أن الاتجاه يذهب أكثر نحو اعتماد مبدأ فصل السلطات، من خلال فصل النيابة عن الوزارة، وهذا أمر من شأنه أن يبعد الوجوه الاستفزازية أو الإحراج عن الحكومة، بحيث تأتي تسمية الوزراء من خارج الطقم السياسي القائم، من خلال وجوه جديدة تواكب المرحلة، وإن كانت ثمة وجوه لن تكون جديدة كلياً عن المشهد السياسي، ولكن غير منخرطة بالعمل الحزبي.
وتستبعد المصادر أن يطول أمد التشكيل بهدف الإفادة من الزخم الداخلي والخارجي الذي رافق مساري الانتخاب والتكليف، كاشفة أن العوامل المسرّعة لهذين المسارين سيكون لها دورها الضاغط في التشكيل من أجل إطلاق ورشة إعادة الإعمار، لأن لا مصلحة لأي فريق ولا سيما فريق الثنائي في التأخير.
يلاقي خيار حكومة اختصاصيين وفق استشارات اليوم الأول قبولاً أو أقله عدم معارضة في ظل الأجواء السياسية الضاغطة من جهة، والتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية من جهة أخرى، رغم محاذير مثل هذه الحكومات انطلاقاً من تجارب سابقة عجزت فيها حكومات تكنوقراط عن العمل. وتعزو مصادر سياسية هذا العجز إلى سيطرة القوى السياسية على الوزراء التكنوقراط الذين غالباً ما يفتقدون التجربة والممارسة السياسية، ما يجعلهم يدورون في فلك الجهة الحزبية التي سمّتهم، فيتحولون إلى ممثلين لهؤلاء على طاولة مجلس الوزراء. وتستبعد المصادر تكرار هذا المشهد اليوم في ظل وجود رئيس جمهورية يتمتع بالقدر الكافي من الحضور ورئيس حكومة يتمتع بالخلفية القانونية والسياسية الكافية لامتصاص أي ذبذبات سياسية أو احتكاكات، ولا سيما أن أجندة الحكومة العتيدة واضحة في شقيها الأمني المتصل بتطبيق القرار الدولي ١٧٠١ واتفاق وقف النار، والاقتصادي والمالي المتعلق بإطلاق ورشة إعادة الإعمار والدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي لإنجاز الإصلاحات المطلوبة.