بين مقاطعة الاستشارات والمشاركة في الحكومة…
ترك موقف الثنائي من مقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة، أكثر من حيرة وارتباك، وفي الوقت عينه السؤال، هل هناك من ازدواجية ولا سيما في ظل ما قاله عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم “نقاطع الاستشارات ولكن لم نقاطع الحكومة”. وعلمت “النهار” أن الاتصالات لم تنقطع في أي لحظة، وثمة مواقف سُجّلت يُبنى عليها، خصوصاً لدى استقبال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون لرئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ تمنى عليه أن يسير أمامه، وهذه تحمل أكثر من دلالة، إضافة إلى كلمته أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، واستذكاره الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، وصولاً إلى كلمة الرئيس المكلف نواف سلام في قصر بعبدا، حيث قال، “أنا لست من أهل الإقصاء”، وبمعنى آخر، كل الإيجابيات سُجّلت تجاه الثنائي من خلال كلمة ومواقف الرئيس المكلف المعروف عنه الانفتاح.
لذا السؤال المطروح، ماذا يحصل، هل هو تسجيل موقف والمطالبة بضمانات، وتحديداً بعض الحقائب الوزارية؟ إذ بدأت في الكواليس تظهر عملية الاستيزار، وهناك مطالبة واضحة بحقيبة المال، والبعض يقول الصحة والأشغال، وربما سواها، أي خمس حقائب، من هذا المنطلق، وليس بالأمر الجديد عند تأليف أي حكومة، فإن عملية الاستيزار تطغى على ما عداها، وبناءً على هذه المعطيات والأجواء، فالمعلومات تشي بأن الأمور ذاهبة إلى الحلحلة، لأن التعطيل ممنوع ورئيس مجلس النواب نبيه بري من المطالبين الأساسيين بالشروع في الإعمار، وهذه المسألة أخذها على عاتقه، لكن كيف سينتهي هذا الوضع، هل المقاطعة هي لتسجيل موقف أم الثنائي قرر عدم المشاركة في حكومة العهد الأولى؟
في السياق، يقول النائب قاسم هاشم لـ”النهار”، “حتى الآن لن نشارك في الإستشارات النيابية، انطلاقاً من موقف سياسي نتخذه بناءً على كل التطورات والمجريات التي حصلت في الاستحقاقات السابقة، وهذه استشارات نيابية غير ملزمة، لا تقدم ولا تؤخر”.
ويخلص النائب هاشم قائلاً: “إن اللقاء والتواصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف إيجابي، والأمور في خواتيمها، وبناءً على ذلك ليس هناك من ازدواجية باعتبار الاستشارات النيابية غير ملزمة والمقاطعة معنوية، وسجّلنا موقفاً واستنكاراً وشجباً لكل ما حصل من أخطاء كبيرة على صعيد الميثاقية، وفي كل ما رافق وواكب عملية التأليف بصلة، لكن لم نقل إننا سنقاطع الحكومة”.
في سياق متصل، يبقى وفق المعلومات أن الثنائي أراد إيصال رسالة بأن البعض تبدّى له أنه انهزم ويسعى لتغيير الواقع السياسي، وفي المحصلة فمقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة كانت لتسجيل موقف اعتراضي واضح لا لبس فيه، لكن ستكون هناك مشاركة في الحكومة، وهذا بات أمراً شبه محسوم، ويروي أحد أبرز المقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأخير كان يتمنى أن يلتقي به الرئيس المكلف نواف سلام قبل تحديد موعد الاستشارات، لتسوية كل ما حصل في الآونة الأخيرة، راوياً أنه منذ زمن ولدى لقائه مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، قال له الرئيس بري، لماذا ألغيت موعداً مع شخصية لبنانية كنت بصدد لقائها، فردّ عليه بجواب لم يقنع بري، فعاد وقال للأسد: كان يجب أن تلتقيه لأنه عندما يلتقي اثنان بلغة العيون والتواصل والمزاح وأمور كثيرة، يتم التقارب وهذا أمر ضروري في السياسة، فكان عليك أن تلتقي به، ولا تلغي هذا الموعد. هذا ما يُنقل وفق الرواية المذكورة، لذا فما جرى ليس إلا موقفاً سياسي لا يهدف إلى المقاطعة، باعتبار تداعياتها خطيرة على البلد وليس فقط طائفياً أو ميثاقياً، بل على كل المستويات أمنياً وغير ذلك في مثل هذه الظروف الصعبة.