كلام عون عن حصرية السلاح هل يقود الى مواجهة مع “الحزب”؟
لم يكن عون في وارد التخلي عن أي من صلاحيات الدولة في خطاب القسم، لذلك جاء عرضه لمجمل القضايا متماسكا وواضحا، وتجلى في تدرج المهمات التي ستكون ملقاة على عاتق العهد.
العبارة التي ذكرها الرئيس العماد جوزف عون في خطاب القسم عن “حصرية السلاح بيد الدولة”، هل تفتح سجالا، أم أن الأمر من البديهات؟
لم يترك الرئيس الرابع عشر للجمهورية قضية شائكة إلا ذكرها في خطاب القسم بعد انتخابه في مجلس النواب.
كل طرف لبناني سلط الضوء على المسائل التي تتناسب مع خطابه السياسي، وبالتالي تباين التركيز بين تلك الأطراف على بنود القسم من دون أن يأخذ أي منها كل ما أعلنه عون كبرنامج عمل للعهد للسنوات الست المقبلة.
لم يكن عون في وارد التخلي عن أي من صلاحيات الدولة في خطاب القسم، لذلك جاء عرضه لمجمل القضايا متماسكا وواضحا، وتجلى في تدرج المهمات التي ستكون ملقاة على عاتق العهد.
فقد شدد على حصرية السلاح بيد الدولة، وهو أمر بديهي لا يمكن أي مسؤول أن يقفز فوقه، فكيف إذا كان رأس الدولة والوحيد الذي يقسم على الدستور؟
بعد ذكر عبارة “حصرية السلاح بيد الدولة”، اتجهت الأنظار مباشرة إلى “حزب الله”، علما أن أحزابا كثيرة لا تزال تحتفظ بسلاح فردي ومتوسط، حتى إن هناك مجموعات عائلية أو عشائرية تملك السلاح على معظم الأراضي اللبنانية. وتكفي مراقبة الاحتفالات والمناسبات لاكتشاف حجم انتشار السلاح.
ليست كل الأحزاب تملك السلاح الثقيل، الموجود لدى “حزب الله” حصرا، فهل يكون سلاحه بتصرف الدولة؟
لم يصدر تعليق وربما لن يصدر، لكن المعطيات بعد اتفاق وقف النار تختلف عما سبقه، وبالتالي فإن “حزب الله” أعلن التزامه القرار 1701 بما يفسره بعدم وجود السلاح الظاهر في منطقة جنوب نهر الليطاني، وأكدت “المقاومة الاسلامية” أنها ستتعاون مع الجيش اللبناني لتنفيذ بنود الاتفاق. ويُظهر بعض المشاهد مصادرة الجيش صواريخ كاتيوشا في القطاع الشرقي، وسيستمر ذلك المسار ولن يكون هناك صدام أو حتى اعتراض.
إلى ذلك، لم يكن من ظهور مسلح للمقاومة جنوب الليطاني قبل العدوان الإسرائيلي، ولم يسجل ذلك الظهور في السنوات التي تلت تحرير الجنوب عام 2000.
ولكن ماذا عن شمال الليطاني؟ وكيف ستطبق الدولة معادلة حصرية السلاح سواء بالنسبة إلى المقاومة أو الفصائل والتنظيمات الأخرى؟
“حزب الله” أعلن في أكثر من مناسبة على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن الاتفاق الذي بدأ سريانه في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت يلحظ السلاح جنوب الليطاني، وبالتالي لا ينسحب على مناطق خارج الـ1701. فهل يمهد ذلك لخلاف مبكر مع الرئيس عون؟
لا تعتقد أوساط متابعة أن الأمر سيكون على هذا النحو، وفق معادلة واضحة مفادها أن “المقاومة باقية ما دام هناك أراض محتلة وخطر إسرائيلي”. تلك المعادلة ستنتفي مع إقرار الإستراتيجية الدفاعية، وبالتالي ستكون حصرية السلاح وفق سياسة دفاعية ذكرها خطاب القسم، مع التشديد على دور الجيش.
وفي سياق متصل، تظهر التجربة في الجنوب خلال الأسابيع التي تلت وقف النار تعاونا بين الجيش والمقاومة بما يتصل بمعالجة قضية السلاح، ويكمن العنوان الأساسي في التعاون المتواصل من دون أدنى صدام أو خلاف، وهذا الأمر مكرس ولا يحتمل التأويل نظرا إلى عمق العلاقة بين المقاومة والجيش.
ووفق تلك المعطيات، فإن “حصرية السلاح بيد الدولة” لن تكون مادة خلافية بين العهد والثنائي “أمل” و”حزب الله”، والتعاون سيبقى العنوان الأول، وخصوصا أن البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة تحفظ حق اللبنانيين في تحرير أراضيهم المحتلة بالوسائل كافة.
لكن مسألة السلاح ستبقى مادة خلافية بين الأطراف اللبنانيين، وسترتفع وتيرتها بعد المتغيرات الضخمة التي شهدها لبنان ومحيطه.