أي تحديات أمام العهد ومَن سيكون شريكه الحكومي في المرحلة الجديدة؟

أي تحديات أمام العهد ومَن سيكون شريكه الحكومي في المرحلة الجديدة؟

الكاتب: سعد الياس | المصدر: القدس العربي
12 كانون الثاني 2025

أنهى انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية فترة سنتين وشهرين من الفراغ الرئاسي شهدت الكثير من المناكفات السياسية والاتهامات بخطف رئاسة الجمهورية وتعطيل الانتخابات بهدف محاولة فرض رئيس على المسيحيين واللبنانيين، وشكّل هذا الانتخاب بارقة أمل ببدء مرحلة جديدة في لبنان تعيد للدولة هيبتها المفقودة منذ سنوات وتسترد قرار الحرب والسلم ومواجهة إسرائيل، وهذا ما عبّر عنه صراحة الرئيس عون الذي تعهّد أن تمتلك الدولة وحدها الحق بحمل السلاح، قائلاً «عهدي أن أمارس دوري كرئيس للمجلس الأعلى للدفاع لتأمين حق الدولة باحتكار حمل السلاح، وسنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً ومحاربة الإرهاب، وتطبيق القرارات الدولية ومنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، كما سنناقش إستراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه».

وبذلك، يكون الرئيس جوزف عون استهل عهده من حيث انتهى عام 2014 الرئيس ميشال سليمان الذي توترت علاقته بـ «حزب الله» بعد الانقلاب على «إعلان بعبدا» والتنكّر للحياد مع الدول العربية، واصفاً ثلاثية «جيش وشعب ومقاومة بالمعادلة الخشبية». وما بين 2014 و2025 أضاع لبنان 11 عاماً كان فيها النفوذ الإيراني يتمدد على حساب الدولة اللبنانية وعلاقاتها العربية والدولية، ليشكّل انتخاب جوزف عون خطاً فاصلاً بين مرحلة مضت ومرحلة بدأت بعد متغيرات كبيرة في المنطقة، ليكون أول رئيس منذ التسعينات لا يُنتخب في ظل وصاية سورية أو إيرانية بل باحتضان عربي ودولي عبّرت عنه اللجنة الخماسية الممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وفرنسا وقطر ومصر، وليبدأ في ظل هذا الاحتضان التطبيق الفعلي لاتفاق الطائف الذي تم الانقلاب عليه.
ولا شك أن انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون شكّل خسارة لفريق الممانعة الذي كان يتمسك لأكثر من سنة بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من دون التمكن من إيصاله إلى سدة الرئاسة حتى قبل فتح جبهة الإسناد لغزة من قبل «حزب الله» والذي كان يراهن على أن هذه الحرب ستقوّي وضعه في الداخل وستمكّنه من الاستثمار في الرئاسة كما حصل بعد حرب تموز/يوليو 2006، لتأتي النتائج معاكسة وصادمة وتُستتبَع بإنهيار نظام بشار الأسد في سوريا، الأمر الذي عزّز من قوة أوراق المعارضة.
وبين الخاسرين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي لم يستلحق نفسه كما فعل الثنائي الشيعي بالاقتراع للرئيس عون ولو تحت شعار الحصول على تطمينات حول التمثيل الشيعي في المرحلة المقبلة وحول إعادة الاعمار في الجنوب والضاحية وبعلبك. وسيشكل هذا الانتخاب قلقاً لرئيس التيار لأن جوزف عون الخارج من مدرسة ميشال عون سيجمع حوله معظم مَن تركوا التيار أو أخرجوا منه ويمكن أن يشكّل قاعدة شعبية منافسة لقاعدة باسيل الشعبية التي تراجعت أمام صعود شعبية رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يترأس حالياً أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب.
وعلى الرغم من اعتبار البعض أن «القوات» متضررة من انتخاب جوزف عون لأن قواعدها كانوا يرغبون في ترشح جعجع، إلا أن الأوساط القواتية بدءاً من جعجع وصولاً إلى النواب والكوادر عبّروا عن ارتياحهم لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا، ورأوا في خطاب القسَم خريطة طريق العبور إلى الدولة الفعلية لم تكن متاحة حتى بعد انتفاضة الاستقلال وخروج الجيش السوري من لبنان، لأن ميزان القوى المحلي والإقليمي كان لا يزال لمصلحة الممانعة.
وترى القوات «أن الثنائي الشيعي لو نجح في انتخاب المرشح الذي يريد، لكان نجح في إبقاء مشروع الدولة مجمداً ومعطلاً»، معتبرة «أن أكثر ما يخشاه فريق الممانعة هو ان الظروف أصبحت معبدة لمشروع الدولة، وقد جاء تدخل اللجنة الخماسية ليمنع إبقاء لبنان مخطوفاً».
في المقابل، يرفض فريق الممانعة أي حديث عن خسارته ويتمسك بمقولة أنه لولا إنضمام الثنائي الشيعي إلى التوافق حول العماد عون في الدورة الثانية لما تمكن من الفوز والوصول إلى رقم 86 نائباً، ما يعني عدم صحة التعامل مع «حزب الله» وكأنه بات من الماضي. وكان لافتاً تركيز الممانعة على التدخل من قبل الموفدين وسفراء الخماسية للمرشح الذي «أمرت به واشنطن والرياض وسارت به باريس» على حد تعبيرهم.
هذا التجاذب بين الفريقين سيشهد جولة جديدة في استشارات التكليف لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وبعدها في عملية التأليف. ويسعى الثنائي الشيعي مع بعض الحلفاء لاعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي كونهم يرتاحون إليه وإلى أدائه وتعاونه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما قوى المعارضة ترشّح إما النائب فؤاد مخزومي أو النائب أشرف ريفي انطلاقاً من أن العهد الجديد لا يمكن أن يحكم بأدوات من المرحلة الماضية، وهذا سيكون أول التحديات أمام الرئيس الجديد الذي سيواجه تحديات أخرى أبرزها تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية ومضمون البيان الوزاري لجهة خلوّه من كلمة «مقاومة» وإعادة الحركة الاقتصادية وإعادة الإعمار.
وقد أعلن النائب ريفي أنه «مرشح لرئاسة الحكومة في المرحلة الجديدة»، واعتبر «أن الرئيس ميقاتي جزء من المنظومة السابقة التي يرفضها الجميع».
كما أعلن النائب مخزومي «استعداده لتولي رئاسة الحكومة والعمل على الإصلاحات للنهوض بالبلد»، وقال «لم نمنح الثقة للرئيس نجيب ميقاتي في الماضي ويجب علينا الابتعاد عن المشاكل الشخصية».
فمَن سيكون الشريك الحكومي للعهد هل ميقاتي أو مخزومي أو ريفي أو إسم جديد؟