هل تضرب إسرائيل إيران لإنهاء التهديد الحوثي؟

هل تضرب إسرائيل إيران لإنهاء التهديد الحوثي؟

الكاتب: جاد ح. فياض | المصدر: النهار
9 كانون الثاني 2025

رغم التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يبدو أن دوائر القرار في تل أبيب، التي تقف أمام مفترق طرق، قد حسمت خياراتها بشأن مواجهة الجماعة المقرّبة من طهران؛ ويختلف السياسيون الإسرائيليون، ومعهم الباحثون، بشأن المقاربة، بين تيار داعم لمواجهة الجماعة وفق سيناريو مشابه لمواجهة “حزب الله”، وآخر داعم لسياسة “قطع رأس الأفعى” وضرب إيران.

تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إنه “ليس ثمة طرق واضحةً للتعامل مع مشكلة” إطلاق الحوثيين للصواريخ. لكن إسرائيل تتعاطى مع الجماعة كما تعاملت مع “حزب الله”، وهي تستهدف البنية التحتية الأساسية. وبحسب الصحيفة، فإن الخطوة الآتية هي “ضرب قادة الجماعة الكبار، كما ضربت قيادات حماس وحزب الله”، إلّا أن حركة إسرائيل “لا تؤثر كثيراً لجهة وقف الهجمات”.

غياب الجدوى عن السياسة الإسرائيلية حيال الحوثيين قد يكون مردّه إلى “بعدهم الجغرافي، ونقص المعلومات الاستخباراتية عن المجموعة”، بحسب “وول ستريت جورنال” التي تنقل عن شخص مطّلع على تفكير الحوثيين اتّخاذهم “الاحتياطات اللازمة مثل بناء مجمعات قيادية تحت الأرض، وتجنب الهواتف المحمولة، وتغيير مخابئهم وتحركاتهم”.

الحلّ بضرب إيران؟
يؤيّد بعض المتخصّصين في الأمن وجوب تركيز إسرائيل على “راعية الحوثيين، والتهديد الاستراتيجي الطويل الأمد، أي إيران”. ويدعم سياسيون هذا الخيار، بينهم وزير الدفاع السابق بيني غانتس، الذي يعتبر أنّ “الحلّ يكمن في طهران”. وينطلق أصحاب هذا الرأي من مبدأ أن ضرب إيران من شأنه إضعاف الحوثيين، وإن لم يوقف هجمات المجموعة المسلّحة بشكل كامل.

يوئيل جوزانسكي، الخبير في شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقاً، والذي يعمل الآن في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، يرى أن “إيران معرّضة للخطر بشكل غير مسبوق في الوقت الحاضر”. وفي رأيه، ينبغي لإسرائيل “استغلال فرص ضعف المحور قبل أن تتمكّن إيران وحلفاؤها من استعادة قوتهم”.

إبراهيم جلال، الباحث المتخصص في أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن في مركز “كارنيغي”، يرى أن “ضرب إيران مباشرة لن يحلّ أزمة تهديدات الحوثيين التي تتّسم بعدم الانضباط”، والمواجهة تتطلّب مقاربات مختلفة “وإعادة رسم خريطة النفوذ والسيطرة في الداخل اليمني، وتمكين الطرف الآخر، أي الحكومة اليمنية” من أجل تحقيق نتائج فعلية.

يتحدّث جلال إلى “النهار” عن تفاصيل هذا المسار. وفي رأيه أن”الوضع يتطلّب مقاربة يمنية تحظى برعاية إقليمية ودولية، لإرساء ركائز الأمن والاستقرار في الداخل،  بما ينعكس على منظومة الأمن الإقليمي ويؤمن خطوط الملاحة الدولية”، وبالتالي، ينطلق جلال من مبدأ مواجهة الجماعة من الداخل، وبناء دولة يمنية قوية، لكون المجموعات المسلّحة تنمو على ركام الدولة والمؤسّسات الدستورية.

 

تفضيل الخيار الدولي؟
يقول بعض المحلّلين إن الخيار الأفضل لإسرائيل قد يكون التركيز على “بناء” تحالف إقليمي بقيادة الولايات المتحدة مع دول الخليج لمواجهة الحوثيين. وينطلق الديبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس من كون الحوثيين تهديداً للتجارة الدولية، ليقول إن إسرائيل “إذا تصرفت بمفردها فإنها تخاطر بتحويل مشكلة دولية إلى مسؤوليتها الوحيدة”، معتبراً أن “إسرائيل تعمل على أسرلة المشكلة”.

يرغب هذا الاتجاه في الاستفادة من الضرر الدولي التجاري والأمني الذي يتسبب به الحوثيون، وسعي حكومات عديدة إلى إنهاء هذا التهديد. لكن جلال لا يؤيّد هذه السياسة، إذ يرى أن “المقاربات الأميركية والبريطانية، وتحديداً الإسرائيلية، بالغة السوء؛ فالتحالفات الدولية الدفاعية هشّة ولا تتعامل مع مصادر التهديد في سياقه الاستراتيجي”، والتحالف الأميركي – البريطاني لم يخلف نتائج فعليّة.

في المحصّلة، فإن إسرائيل أمام خيارين، فإما الاستمرار في ضرب الحوثيين وتوسيع رقعة القصف، وإما ضرب “الأصيل بدل الوكيل”، لكون الدعم السياسي والعسكري الأول للحوثيين مصدره إيران، وقد تسير إسرائيل في خطين موازيين فتوسّع هجماتها على الجماعة المسلّحة، وتشن هجمات جديدة على إيران، وهو خيار غير مستبعد في ظلّ مساعي إسرائيل لتغيير المشهد في الشرق الأوسط.