خاص- لبنان في زمن الميلاد… هل انتهى من مخاض الألم؟

خاص- لبنان في زمن الميلاد… هل انتهى من مخاض الألم؟

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
23 كانون الأول 2024

في زمن الميلاد، حيث يُفترض أن تتجدد الروح ويشرق الأمل، يقف لبنان مُنهَكًا، جريحًا، يعاني من نزيف لا يتوقف. وطنٌ تمزّقته الأزمات وأثقلته سنوات من الفساد والإهمال، وكأن مخاض الألم بات قدره الذي لا فكاك منه.

لبنان اليوم ليس بحاجة إلى الأمنيات ولا إلى الخطابات الجوفاء. هذا الوطن الذي يُقال عنه إنه “رسالة” أصبح غارقًا في فوضى جعلته أشبه برسالة منسية، تُركت في مهب الرياح. أزمات اقتصادية خانقة حطّمت الطبقة المتوسطة، فساد سياسي لا يكلّف نفسه حتى عناء التخفي، وهجرة شبابية تفقد لبنان أجمل ما يملك: عقله ومستقبله.

في هذا الزمن المبارك، نقول بصوت عالٍ: لبنان لن يولد من جديد ما دام يُحكم بعقلية المحاصصة والطائفية واللامسؤولية. لن يخرج من هذا النفق المظلم طالما أن قادته هم أنفسهم من يدفعونه نحو الانهيار، يسلبون خيرات شعبه، ويزرعون الخوف واليأس في قلوب أبنائه.

إذا كان الميلاد رمزًا للرجاء والتجدد، فإن لبنان اليوم بحاجة إلى ولادة سياسية وأخلاقية. أول خطوات هذه الولادة تبدأ بانتخاب رئيس قوي، شجاع، يمتلك رؤية واضحة وقلبًا صلبًا لمواجهة التحديات. لبنان لا يحتاج إلى رئيس يُدار من خلف الستار أو يسعى لتوازنات هشّة تُرضي الخارج وتخذل الداخل. لبنان يحتاج إلى قائد يواجه الفساد بحزم، يُعيد هيبة الدولة، ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

هذا الوطن لا ينقصه رجال الفكر والإبداع، ولا شعب يرفض الاستسلام. ما ينقصه هو قيادة وطنية شجاعة تحمل رؤية موحدة للمستقبل، قيادة تتجاوز المصالح الضيقة وتؤسس لمستقبل يعيد للبنان مكانته بين الأمم. قيادة تضع الأسس لاقتصاد قوي ومستدام، ولخدمات عامة عادلة، ولعدالة اجتماعية تحقق المساواة بين جميع أبنائه.

فليكن الميلاد دعوة لإعادة إحياء لبنان، لنبني من جديد ما هدمته سنوات من الفساد والتخريب. لبنان بحاجة إلى عمل جماعي حقيقي، ومشاركة فعّالة من جميع شرائحه، كي يستعيد قوته ويستحق المكانة التي يستحقها بين شعوب العالم.