خاص – الحسم الرئاسي يقترب: سمير جعجع أو جوزف عون

خاص – الحسم الرئاسي يقترب: سمير جعجع أو جوزف عون

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
18 كانون الأول 2024

مهما كابر فريق ما كان يسمّى بـ “8 آذار”، فإنّ التغيّرات الهائلة التي طرأت على المنطقة وقد تطرأ بين يوم وآخر، باتت تفرض نفسها على الواقع السياسي الداخلي في لبنان. ولم يعد في يد “الحزب” وحلفائه أن يسمّوا مرشّحاً رئاسياً، أو حتّى مرشّحاً يرتاحون إليه. فالرئيس الذي سيأتي سيلبّي بكلّ وضوح متطلّبات المرحلة الحاليّة، بعد  الضربة الكبيرة التي أصابت “الحزب”، ثمّ سقوط نظام الأسد الذي كان يؤمّن طرق الإمداد.

وإذا كانت على عاتق رئيس الجمهورية العتيد مهمّة أساسية، هي تطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701، وما نصّ عليه اتّفاق وقف النار، والقرار 1559، فإنّ المواصفات المطلوبة لذلك تنطبق على رئيس محسوب على الفريق السيادي، الذي لطالما نادى بسيادة الشرعية وبحصر السلاح بيد الدولة دون سواها.

وصار واضحاً أنّ معراب باتت مرجعاً أساسياً في اختيار الرئيس، أو على الأقلّ في الموافقة على اسمه. فحزب القوّات اللبنانية يمتلك الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان. وتلتفّ حوله معارضة مؤلّفة من31 نائباً، يشكّلون كتلة متراصّة.

وتقول مصادر إنّ الأسماء الوسطية أو التوافقية التي تُطرح، لا تلقى موافقة من القوّات والأحزاب السيادية الأخرى، على اعتبار أن الفرصة متاحة اليوم لإيصال رئيس “قويّ”، فلماذا العودة إلى نغمة الرئيس التوافقي، الذي يقف في الوسط، بينما المطلوب رئيس يصل بأكبر توافق حوله؟ وهناك فرق شاسع بين الحالتين.

وقد طرح رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع اسمه للرئاسة، “إذا كان هناك حدّ أدنى من الكتل النيابية المستعدّة لتقبّل هذا الترشّح”، كما قال. ويبدو أنّ الأسبوع المقبل سيكون حاسماً في التوصّل إلى اتّفاق على اسمين أو ثلاثة، كما أعلن نائب رئيس المجلس الياس بو صعب إثر لقائه رئيس الكتائب سامي الجميّل، الذي أكّد بدوره، في مقابلة على قناة “الحرة”، أنّ “من الممكن التصويت لسمير جعجع”، وهو على تواصل معه للتنسيق.

في أيّ حال، ثمّة من يرى أنّ إعلان جعجع الاستعداد للترشّح إلى رئاسة الجمهورية، هو بمثابة طرح سقف أعلى. فإذا لم يتمكّن من الوصول شخصياً، يكون البديل شخصية أخرى من السياديين، أو قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي يمكنه أن يجمع أكبر عدد من الأصوات المؤيّدة له، كما أنّه مدعوم أميركياً ومقبول عربيّاً. فهو الشخصية البديلة الذي تتوافق مواصفاته مع تحدّيات المرحلة، لكون الجيش هو المؤسّسة التي ستتولّى تنفيذ القرارات الدولية وتحمي الدولة، وتصادر السلاح.

وتميل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لحلّ متكامل في لبنان، يشمل إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، برنامجاً لدعم الجيش عسكريّاً وماليّاً، خصوصاً إذا تمّ تنفيذ القرارات الدولية على أفضل وجه. وهذا يمهّد أيضا لإطلاق عملية إصلاحية، ستشكّل الخطوة الأولى لحلّ الأزمة الاقتصادية، التي صار عمرها خمس سنوات.

وإذا كان اسم سمير جعجع يُعتبر استفزازياً بالنسبة إلى الشيعة، فإن اسم قائد الجيش مقبول لدى أطراف عدّة. كما أنّ السعودية قد تفضّل العماد عون، تحاشياً لتحدي الإرادة الشيعية في هذه المرحلة الحسّاسة.

ولكن، في كلّ الأحوال، سيكون الرئيس المقبل بالتأكيد نتاج تبدّل التوازنات الذي حصل، والذي ستقوده الولايات المتّحدة لأربع سنوات مع ترامب. وهو الرئيس الذي سينفّذ القرارات الدولية، و سيسير في الخطّ المرسوم للشرق الأوسط الجديد، الخالي من أيّ نفوذ لإيران ووكلائها.

في أيّ حال، تُعتبر الفترة الفاصلة عن موعد جلسة الانتخاب المحدّدة في 9 كانون الثاني، فترة طويلة نسبيّاً في المقياس اللبناني، وفي مقياس التطوّرات المتسارعة في المنطقة. وقد تتغيّر معايير إضافية من الآن وحتّى ذلك التاريخ. فأمام لبنان فرصة لبناء الدولة والمؤسسات وللعودة إلى المجتمعين الدولي والعربي. وأمام الفئات اللبنانية المختلفة فرصة للتخلّي عن أوهام الدعم الخارجي، والعمل للبنان أوّلاً وأخيراً.