خاص- الحزب قرّر الانتحار.. فاستعدوا

خاص- الحزب قرّر الانتحار.. فاستعدوا

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: beirut24
15 كانون الأول 2024

بعد نحو ثلاثة أسابيع من توقيع “اتفاق الاستسلام” بين “حزب الله” وإسرائيل، وبعد أسبوع ونيّف من زلزال سوريا الذي أطاح بنظام بشار الأسد ومحوره وحلفائه، بات واضحًا من خلال التصريحات والمواقف، وكذلك من خلال الممارسات على الأرض، أن “حزب الله” بات منفصلا عن الواقع بشكل مرضيّ، وانه اتخذ قراره النهائي بتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار في شقه الإسرائيلي، ليتفرغ الى تحصين موقفه على الساحة الداخلية، على أمل الا يمنى بخسارة مزدوجة على الحدود وفي موقعه ضمن التركيبة الداخلية المرتقبة للسلطة في لبنان.

البداية من المواقف السياسية المتعاقبة لمسؤولي “حزب الله”، وآخرها ما حملته كلمة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي تحوّل ناطقًا باسم الحزب يقرأ نصًا مكتوبًا لا يخرج عنه الا في ما ندر. هذه الكلمة حملت ثلاث رسائل مختصرة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن الحزب أصبح يعيش على كوكب آخر:

-“حزب الله” انتصر في حرب “أولي البأس” لأن اسرائيل لم تحقق أهدافها.

-اتفاق وقف إطلاق النار يشمل فقط منطقة جنوب الليطاني، ولا علاقة له بباقي الأراضي اللبنانية.

-إقفال المعابر البرية الشرعية وغير الشرعية مع سوريا بعد سقوط نظام البعث وفرار الأسد الى روسيا ليس سوى تفصيل في استمرار عمل المقاومة التي ستجد طرقًا أخرى للإمداد.

هذه المواقف- الرسائل تؤكد المؤكد بأن الحزب قرّر عدم الالتزام بالاتفاق بشقه الداخلي، وقرّر بالتالي عدم التخلي عن سلاحه بحجة استمرار عمل المقاومة.

أما بالنسبة الى المواقف التي تؤكد وجود هذا التوجّه لدى الحزب، فلا بد من العودة الى حادثتين: الأولى اكتشاف مخزن للذخيرة في منطقة الحدث- السان تريز، وما أثير من ضجة حول منع قوة من الحزب عناصر من الجيش من مصادرة محتوياته. أما الثانية فهي اكتشاف مخزن أسلحة استحدثه “حزب الله” في أحد مستودعات الجامعة اللبنانية في منطقة المصيطبة وصادرت الأجهزة الأمنية محتوياته، فما كان من الحزب إلا أن نفى علاقته به!

حادثتان صغيرتان لكنهما تحملان دلالات ذات أبعاد كبرى.

أما الحدث الأبرز الذي فضح نوايا الحزب ومخططاته بالتفصيل فهو ما تردد في الإعلام (ولم يتم نفيه) عن زيارة قام بها الناجي الوحيد من قيادة “حزب الله” وفيق صفا الى اليرزة محاولا تكرار ما فعله مع القاضي طارق البيطار عندما زار العدلية وأوقف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت. فقد حاول صفا “ترتيب” اتفاق مع قائد الجيش يقضي بتسليم الحزب بعض المراكز غير الأساسية في منطقة جنوب الليطاني ومثلها في مناطق أخرى للجيش، في محاولة للالتفاف على اتفاق وقف النار والإيحاء بأن “حزب الله” ملتزم بتطبيقه. إلا أن المفاجأة (للحزب طبعًا) كانت برد العماد جوزيف عون على ضيفه بتذكيره أن الرئيس نبيه بري هو من صاغ الاتفاق بتفويض من “حزب الله”، وبأن الحكومة التي تضم وزراء للحزب قد أقرت الاتفاق بالإجماع وكلفت الجيش بتنفيذه، وأنه بالتالي بات ملزمًا بتنفيذ ما تأمره به السلطة السياسية.

كل هذه المواقف والتصريحات والتصرفات، إن دلّت على شيء، فهي تدل على أن “حزب الله” وضع نفسه، ووضع لبنان معه، في مأزق جديد لا يقل خطورة عما سبق من مغامرات. فبمجرد عدم اعتراف الحزب بالهزيمة الكبرى التي مني بها في “حرب الإسناد”، وعدم اعترافه بانهيار محور الممانعة، ومسارعته الى تسليم سلاحه للجيش اللبناني، والتحول بالتالي الى العمل السياسي الداخلي، يعني أمرًا واحدًا لا يحتمل التفسير والتحليل: لقد قرّر “حزب الله” التحوّل أمنيًا، وربما عسكريًا، الى الداخل اللبناني في مهمة انتحارية أخيرة يعتقد مخطئا انها قد تحافظ له على مكتسبات راكمها على مدى أربعين عاما ومكنته بالتالي من إحكام قبضته على مفاصل السلطة.

إلا أن الأخطر في الأمر أن “حزب الله” لم يقرر، بعد هزيمته المدوّية في الحرب، الانتحار بشرف على طريقة “الساموراي” الياباني الذي يغرز السيف في بطنه ليتحمّل مسؤولية افعاله، بل انه اختار الانتحار على طريقة “الكاميكاز” التي اعتمدها طيارون يابانيون في أواخر الحرب العالمية الثانية، فراحوا يفجّرون طائراتهم ببعض قطع الاسطول الأميركي بعدما أدركوا أن بلادهم خسرت الحرب.

الخوف كل الخوف أن يقضي “كاميكاز” “حزب الله” على ما تبقى من مقومات البلاد والوحدة الوطنية.. حتى وإن كان من بعده قيامة.