الدولارات المزورة دخلت المصارف فكيف يتم التعامل معها؟

الدولارات المزورة دخلت المصارف فكيف يتم التعامل معها؟

الكاتب: عزة الحاج حسن | المصدر: المدن
11 كانون الأول 2024
ليس بالأمر المستغرب أن تغزو الدولارات المزوّرة أو حتى الدولارات غير النظيفة (ذات المصادر غير القانونية) السوق اللبنانية، فاقتصاد البلد مفتوح على كافة الاحتمالات منذ بداية الأزمة المالية وحتى اليوم. ويعد اقتصاد “الكاش” الجاذب الأكبر لكل مصادر الأموال المشبوهة والناتجة عن أعمال جرمية. فاقتصاد الكاش يسيطر اليوم على أكثر من 80 في المئة من التعاملات المالية اليومية في البلد.

خلال  الأيام القليلة الماضية جرى التداول في السوق اللبنانية بأوراق مزورة من فئة 50 دولاراً، أحدثت تلك الأوراق حالة من الرعب بين المؤسسات والمواطنين، فتوقفت عشرات المؤسسات وربما المئات عن التداول بالفئة المذكورة (50 دولار) التي لم تنجح أي من آلات كشف العملة المزورة بكشفها.
وعلى الرغم من رمي البعض العديد من أرقام الكميات التي يُعتقد أنها انتشرت بالسوق من العملة المزورة، وتبلغ مئات ملايين الدولارات، إلا أن الوقائع تؤكد بأن الكميات المزورة في السوق قليلة جداً ما يعني ان المبالغ ليست استثنائية. وإن كان من الضرورة تتبعها لحماية السوق منها، من قبل المستهلكين والمؤسسات، ومعاقبة مزوريها ومروجيها.

الكميات ليست كبيرة
العملة المزورة من فئة 50 دولاراً موجودة فعلياً بالسوق وقد وقعت بأيدي العديد من المواطنين، ولكن على الرغم من ذلك تبقى كمياتها غير استثنائية، إذ أن مكتب مكاحة الجرائم المالية وتبييض الأموال التابع لمديرية قوى الأمن الداخلي لم تتوافر لديه معطيات تفيد بوجود  تزوير كبير للـ50 دولار، بمعنى أن المكتب يتابع عمله وعمليات التزوير كالمعتاد ولم يلحظ أي انتشار لتلك الفئة على مستوى واسع.

معطيات مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال يتقاطع وحديث مصدر من جمعية المصارف الذي أكد في حديث إلى “المدن” بأن المصارف لم تلحظ انتشاراً واسعاً للفئة المزورة وإن كانت دخلت فعلياً العديد من الأوراق النقدية المزورة عبر أجهزة الصراف الآلي للمصارف، والأخيرة ستتعامل مع الموضوع كما جرت العادة في ملفات التزوير.
من جهته نقيب الصرافين مجد المصري وإن كان قد استبعد في حديثه إلى “المدن” أن تكون كميات الدولارات المزورة التي يتم الحديث عنها بمئات ملايين الدولارات، إلا أنه أكد في الوقت عينه بأن الكميات المزورة كبيرة بما يكفي لتوقع خسائر بالمؤسسات والتجار وحتى المصارف.

مصدر الدولارات المزورة

ورجح المصري أن يكون مصدر الدولارات من خارج لبنان “فالتزوير تم اكتشافه في تركيا قبل لبنان مباشرة” على ما يقول. مستبعداً كذلك مسألة تنفيذ تزوير في لبنان بجودة عالية كالذي حصل. ويرى المصري بأن لا إمكانات في لبنان لتزوير العملة بهذه الجودة الخارقة لجميع آلات كشف العملة، إلا أن أحد المطلعين على ملف العملة المزورة يؤكد لـ”المدن” بأن بعض التجار في لبنان وهم قلة لديهم القدرة والإمكانات لتزوير العملة بجودة عالية جداً “لكن قلّما يتم التعامل بفئات مزورة بجودة عالية بسبب ضعف الطلب عليها لارتفاع تكلفتها وخطورة عقوبتها في حال تم ضبط مروّجيها أو مزوّريها”.
ويكشف المصدر بأن العمولة على تزوير العملة بجودة عالية تصل إلى 50 في المئة من قيمتها، بمعنى أن تكلفة تزوير 100 ألف دولار على سبيل المثال تبلغ 50 ألفاً. أما ذات الجودة الأدنى فتتراوح بين 10 و30 في المئة بالحد الأقصى بحسب مستوى جودتها ودقتها ونوعية الورق والعلامات الفارقة.

الدولارات المزورة والمصارف
التعاملات المالية في اقتصاد “الكاش” تُسقط مسألة التدقيق بكافة الدولارات وبمصدرها سواء من القطاع المصرفي أو الصيارفة أو الشركات المالية باستثناء تمريرها بآلات كشف العملة المزورة. وبالنظر إلى أن العملة المزورة الموجودة بالسوق حالياً من فئة 50 دولاراً لم يتم ضبطها بآلات كشف العملة فإن دخولها إلى المصارف كان سهلاً عبر الصرافات الآلية.

وبحسب المصدر المصرفي فإن المصارف امتنعت عن التعامل بالـ50 دولاراً، فلا دفع ولا قبول لكن بعض المصارف تمكّنت من تطوير آلات كشف العملة لديها في حين تنتظر مصارف آخرى وصول أجهزتها المحدّثة من الخارج.والمتوقع أن تصل نهاية العام.
ولكن إلى ذلك الحين كيف ستتعامل المصارف مع فئة العملة المزورة؟

كيف تتعامل المصارف مع التزوير؟
عادة عند وقوع أوراق نقدية مزوّرة بيد المصارف يتم العمل على تتبّعها، بحسب المصرفي خالد شاهين،  وفي حال تم التوصل الى مصدر المال المزوّر يتم الذهاب إلى القضاء أما في حال لم يتوصل المصرف الى مصدر الأوراق يتم إرسالهم إلى مصرف لبنان، ليتواصل الأخير مع وزارة الخزينة الإميركية وإبلاغها بالتزوير والطلب إليها سحب الأوراق من التداول. وبهذه الحالة تسجّل الدولارات المزوّرة خسارة على المصرف المعني أي الذي استقبل الدولارات المزورة بداية. كما يمكن للمصرف أن يسلك مباشرة طريق التواصل مع وزارة الخزانة لكن النتيجة ستكون واحدة، وهي تسجيل الأوراق المزورة خسارة على المصرف. بمعنى ان التكلفة النهائية تقع على مَن تصل إليه عملية التتبع للدولارات.

ويستبعد المصرفي وجود كميات كبيرة من الدولارات المزورة في السوق، عازياً السبب إلى أن التزوير الدقيق لا يتم طبعه بكميات كبيرة إذ أن تنفيذه بالغ الصعوبة وتكلفته كبيرة جداً وعقوبته شديدة بخلاف التزوير غير الدقيق.

كيف نميّز الورقة الصحيحة؟
ويبقى الأهم من كل ذلك بالنسبة إلى المستهلك العادي والمواطن تجنّب الوقوع في فخ العملة المزورة، لذلك لا بد من تمييزها يدوياً ما لم تتوفر آلات لكشف العملة المزورة مطوّرة حديثاً.  فالعملة الصحيحة من فئة الـ50 دولار، يمكن تمييزها من دون آلة كشف العملة من خلال ملسها الخشن عند المسح من الأعلى إلى أسفل على ياقة الشخص الموجودة صورته على الورقة (وهو يوليسيس جرانتUlysses S. Grant‏)، كما يمكن النظر بها من خلال الضوء للتحقق من وجود الشريط الذهبي أو الفضي في عرض الورقة. مع الإشارة إلى أن الأرقام الواردة في الصورة المرفقة أعلاه تعود للأوراق النقدية المزوّرة وبذلك يمكن تجنّب التعامل بها.

وبالنظر إلى أن الصرافين ذوي الخبرة يمكنهم تمييزها يدوياً من دون آلات، فقد نصح المصري المواطنين بحصر تعاملاتهم مع الصرافين المرخّصين. بالإضافة إلى طلب الزبون من الصراف منحه الـserial number  للأوراق النقدية وختمها. وبذلك يكون المواطن قد حفظ حقه في حال تبيّن ان الورقة مزورة أي أنه يمكنه إعادتها إلى الصراف أو محاسبته.