خاص- بين المصالح السياسية ومعاناة العائلات… مصير اكثر من ٦٢٢ مخطوف لبناني
*بين المصالح السياسية ومعاناة العائلات… مصير اكثر من ٦٢٢ مخطوف لبناني*
تحرير المواطن اللبناني علي حسن العلي، الذي أمضى ٤٠ عامًا في السجون السورية، يكشف مجددًا مأساة مئات اللبنانيين الذين فُقدوا أو اعتُقلوا في ظل صمت وتخاذل الدولة اللبنانية، التي لم تحسم هذا الملف الإنساني والوطني على مدار عقود.
علي العلي، الذي غادر عكار شابًا وعاد كهلاً، يمثل واحدًا من أكثر من ٦٢٢ لبناني ما زالوا مفقودين أو معتقلين على يد النظام السوري منذ الثمانينيات. عائلات هؤلاء المفقودين عاشت سنوات من الألم والانتظار، بينما كانت السلطة اللبنانية تفتقر إلى الإرادة السياسية الجادة لمعالجة هذه القضية.
في عام ٢٠٠٩، وخلال زيارة ميشال عون إلى دمشق عندما كان رئيسًا للتيار الوطني الحر، أُتيحت فرصة لفتح هذا الملف الحساس مع المسؤولين السوريين. إلا أن تلك الزيارة لم تُثمر عن أي خطوات فعلية لإعادة المفقودين أو الكشف عن مصيرهم. بل أدلى عون بتصريح بعد لقائه المسؤولين السوريين قال فيه: “حلّو عن سما سوريا، لم يعد هناك معتقلون في السجون السورية”، ما اعتُبر تجاهلًا لمعاناة مئات العائلات التي لا تزال تبحث عن الحقيقة.
وعندما استلم ميشال عون سدّة الرئاسة في عام ٢٠١٦، لم يتم وضع ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ضمن أولويات العهد الرئاسي، مما ترك هذه القضية الإنسانية دون حلول تُذكر، على الرغم من المناشدات المتكررة من عائلات المفقودين والجمعيات الحقوقية.
على مر السنين، توفيت العديد من الأمهات بحرقة فقدان أبنائهن، وآباء رحلوا وهم ينتظرون عودة فلذات أكبادهم. هذه العائلات لا تزال تعيش معاناة لا يمكن وصفها، فيما الدولة لم تقم بواجبها الأخلاقي والقانوني في متابعة هذا الملف الشائك مع الجانب السوري.
تحرير علي حسن العلي يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو تحرك وطني شامل لإعادة إحياء ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية. يجب أن يُوضع هذا الملف على رأس الأولويات الوطنية، بعيدًا عن أي مساومات سياسية أو اعتبارات مصالح ضيقة.
إن المأساة مستمرة، والعدالة لا تزال غائبة. ولكن إذا كانت الدولة قد أخفقت في الماضي، فلا يزال أمامها اليوم فرصة للعمل من أجل كشف الحقيقة وإنصاف العائلات التي تحملت عقودًا من الألم والمعاناة. فلا كرامة لوطن يترك أبناءه خلف القضبان، ولا احترام لدولة لا تحمي شعبها.