رادار- القرض الحسن.. وقصة جحا وحمار الملك
كعادته كل صباح، مر نعيم بمنزل صديقه فهيم ليرتشفا معًا قهوة الصباح ويتبادلا الأخبار المحلية والدولية، من دون أن يغفلا التطرّق الى الجانب التحليلي منها. إلا أن الأمر كان مختلفا بعض الشيء لأن فهيم كان مكفهرّ الوجه وعلامات التوتر بادية عليه. سارع نعيم الى سؤال صديقه: ما الأمر يا صديقي؟ هل اشتعلت الحرب مجددا؟
تنهّد فهيم بعمق وأجاب: كلا يا صديقي، ولكن يبدو أن نتائج الحرب قد بدأت.
كيف؟ لم أفهم.
ألم تسمع الأخبار؟
بلى، ولكن ما من شيء يدعو الى مثل هذا التجهّم.
كيف ذلك؟ ألم تسمع أن مؤسسة “القرض الحسن” عادت الى العمل؟
بلى. وماذا في ذلك؟
ألا تعرف أنني منذ أشهر عدة استلفت من المؤسسة مبلغا من المال لأستبدل سيارة التاكسي القديمة التي أعمل عليها بواحدة جديدة، ورهنت ذهب زوجتي للمؤسسة في مقابل المال الذي اقترضته؟
بلى أعرف. لقد أخبرتني ذلك. وماذا في الأمر؟
لقد اتصلوا بي البارحة طالبين أن أسدّد السندات المتوجبة علي، ولما سألتهم عن مصير ذهب زوجتي قالوا انه في الحفظ، وعندما تسدد سنداتك يمكنك استرجاعه.
جيد. ماذا تريد أكثر من ذلك؟
حتى الآن كل شيء جيد، لكن الخوف، كل الخوف، أن يكون “القرض الحسن” قد تعلم الدرس من المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها تحت القصف لتستوفي من الأهالي القسط الأول عن السنة الدراسية، وهي حتى لا تعلم ماذا سيحصل بعد أيام.
لم أفهمك يا صديقي. لماذا تتكلم بالألغاز؟
بالختصر: كل خوفي يا صديقي أن يكون الذهب قد تبخّر بفعل الضربات المعادية للمركز الرئيسي لـ”القرض الحسن” وفروعه ولم يتبق لديهم إلا المعلومات عن المقترضين، فنكون بذلك قد خسرنا ذهبنا ودفعنا ثمنه مجددا.
لا يمكن ذلك، أجاب نعيم. وماذا يفعلون عندما تسدّد السند الأخير؟
عندها يا صديقي تنطبق علينا قصة جحا الذي أراد تعليم حمار الملك الكلام أو يكون مصيره الإعدام. وافق جحا طالبًا مهلة خمس سنوات لتحقيق الأمر. فالسند الأخير بعد ثلاث سنوات، وحتى ذلك الوقت يكون أحد الثلاثة، جحا والملك والحمار، قد مات فتنتهي القضية.