هذه رسالة “الضمانات الأميركية” لتل أبيب
يرى مصدر سياسي على اطلاع واسع بمجريات الأمور، أنّ لبنان دخل العصر الأميركي من خلال الدور الذي أدّته واشنطن في فترة الحرب الصهيونية الأخيرة على لبنان، والتوصل إلى الاتفاق الاخير المرتكز إلى قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701.
ويقول المصدر نفسه، إن رسالة الضمانات الأميركية إلى إسرائيل هي على مقدار من الخطورة، لأنّها تعطي للكيان العبري حقاً لم يحصل عليه يوماً، ولو لم يكن للرسالة مفاعيل المعاهدة الدولية. وعلى رغم من أنّ هذه الرسالة موجّهة من واشنطن إلى تل أبيب حصراً، فإنّ لبنان معني بها، لأنّه سيكون مسرح عمليات البنود الثمانية التي تضمنتها.
وفي ما يأتي النص الكامل لرسالة الضمانات الاميركية إلى إسرائيل:
1- تعتزم إسرائيل والولايات المتحدة تبادل معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بانتهاكات، بما في ذلك أي اختراق من «حزب الله» داخل الجيش اللبناني.
2- يحق للولايات المتحدة مشاركة المعلومات التي تقدّمها إسرائيل مع أطراف ثالثة متفق عليها (الحكومة اللبنانية/أو اللجنة) لتمكينهم من التعامل مع الانتهاكات.
3- تلتزم الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم من إيران.
4- تعترف الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الردّ على التهديدات القادمة من الأراضي اللبنانية وفقاً للقانون الدولي.
5- في المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك في أي وقت ضدّ الانتهاكات للالتزامات .
6- خارج المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك ضدّ تطور التهديدات الموجّهة إليها إذا لم تستطع أو لم يرغب لبنان في إحباط هذه التهديدات، بما في ذلك إدخال أسلحة غير قانونية إلى لبنان عبر الحدود والمعابر.
7- إذا قرّرت إسرائيل إتخاذ مثل هذه الخطوات، ستبلغ الولايات المتحدة في كل حالة ممكنة.
8- ستنفذ الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط، وستكون غير مرئية للعين المجردة قدر الإمكان ولن تكسر حاجز الصوت.
إنّ هذه الرسالة تعطي إسرائيل تغطية تتيح لها انتهاك السيادة اللبنانية في أي وقت بذريعة احتمال: «وجود أخطار تهدّد أمنها» وهذا يعني استمراراً للتوتر، ويعطي في الوقت عينه حجة للمقاومة للردّ على أي استهداف من باب الدفاع المشروع عن النفس والتصدّي لانتهاك السيادة اللبنانية، وإبقاء حال عدم الاستقرار في المنطقة المشمولة بالقرار الرقم 1701 وما بعدها. وهنا يبرز دور الجيش اللبناني الذي ستناط به الأمرة العسكرية والامنية لبسط سيادة الدولة على كل أراضيها، وخصوصاً في المنطقة التي نص عليها القرار الدولي 1701.
ويرى هذا المصدر السياسي، أنّ المرحلة التي تفصلنا عن نهاية اليوم الـ60 الذي حدّده الاتفاق لانسحاب الجيش الإسرائيلي، هي في غاية الاهمية، لأنّه يسهل تعريضها للاهتزاز. ولا يستبعد المصدر إياه أن تفرض واشنطن رئيساً للجمهورية وتؤمّن انتخابه، مشيراً إلى خلو الساحة من مرشحين أقوياء، تعوزهم الصلابة، على رغم من أنّ عدداً من بين الذين تُطرح أسماؤهم من «الأوادم»، والنزهاء والأكفياء.
ويلفت المصدر الواسع الإطلاع إلى أنّ «ضمور» الدور المقاوم لـ«حزب الله» أو حتى انتفاءه كما يحلو للبعض أن يعتبر، لا يعني إضعافاً للشيعة، فهم موجودون، وما من أحد يستطيع ترحيلهم، وتهميشهم، وهذا ما يجب أن يتنبّه إليه المراهنون على تحقيق ذلك في الداخل والخارج.
وإذ يجدد المصدر السياسي تأكيد ضرورة انتظام عمل المؤسسات الدستورية بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، يشير إلى ضرورة إجراء تعديلات دستورية تساعد في عمل المؤسسات بصورة سليمة إنطلاقاً من توازن السلطات وتعاونها وتصحيح المهل الخاصة بتشكيل مجلس الوزراء، فإنّه لا يأمن لجانب إسرائيل مئة في المئة بالنسبة إلى الالتزام بالاتفاق من دون خروقات تُقدم عليها في فترة الـ60 يوماً. ويلفت إلى وجوب وعي خطورة الوضع ومعرفة طريقة التعاطي مع جمهور المقاومة والطائفة الشيعية في هذه المرحلة بالذات، لأنّه وقت تفهّم وتضامن، إذا كان الهدف الحفاظ على الاستقرار والوحدة الوطنية.
وأكّد المصدر المطلع الذي سبق أن نبّه إلى محاذير «حرب الإسناد» وتداعياتها، أنّ التباين في الرأي حول أي موضوع مهما كانت درجة خطورته لا يلغي إطلاقاً نقاط التقاء اختيارية وليس ظرفية، تجسّد التقاطع حول اقتناعات مشتركة حيال كثير من الموضوعات.