تحديات كبيرة لوضع لبنان على الخريطة الصحية العالمية

تحديات كبيرة لوضع لبنان على الخريطة الصحية العالمية

المصدر: الأنباء الكويتيّة
29 تشرين الثاني 2024

إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» بعد 66 يوما من التطورات العسكرية والحربية التي تسببت في إصابة نحو 16500 جريح، عدا القتلى الذين بلغوا قرابة 3800.. كان لا بد للقطاع الصحي من «استراحة محارب»، وللجنود بـ«اللباس الأبيض» الاستكانة، خصوصا بعدما خسر القطاع الطبي 234 من أفراده.

كان القطاع الطبي بأجهزته وعناصره محط أنظار المجتمع اللبناني، لجهة تعاطيه مع ظروف الحرب الاستثنائية التي مر بها لبنان وتعامله الطبي والاستشفائي مع حجم الإصابات، التي نتجت عن شهرين ونيف من العدوان الإسرائيلي الأكثر دموية، عدا المجازر البشرية على أنواعها وأهميتها كتفجيري «البيجر» و«اللاسلكي»، قبل توسع الحرب الإسرائيلية بأيام في 23 أيلول الماضي.

وقدر العارفون في القطاع الصحي كلفة علاجات المصابين بنحو 100 مليون دولار كرقم تقريبي خلال الأزمة. ويسجل للأطباء في غمرة الحالات الطارئة عدم طلب بدل المعاينات، او التردد في الانتقال إلى مستشفيات ثانية وغيرها من الحالات التي تطلبتها الظروف.

نقيب الأطباء يوسف بخاش قال لـ «الأنباء»: «أهم التحديات من 17 أيلول حتى اليوم الأخير من الحرب، النقص في بعض الاختصاصات في المستشفيات، خصوصا في المناطق الحدودية في الجنوب والبقاع والشمال. فنسبة الأطباء في لبنان قياسا الى عدد السكان هي 2.5 طبيب لكل ألف مواطن، والعدد كاف وأكثر مما تطلبه منظمة الصحة العالمية التي تنصح بطبيب واحد لكل ألف مواطن. وضمن الاختصاصات التي تعنى بمعالجة جرحى الحرب، ثمة نقص حصل منذ ما قبل الأزمة لكنه ظهر خلال الحرب أثناء الذروة والحاجة له. وهنا كان دور نقابة الأطباء ولجنة معالجة الأزمات في تأمين بعض الاختصاصيين إلى مستشفيات كانت بحاجة اليهم، فمثلا مستشفى«النجدة الشعبية»في النبطية احتاج إلى جراحين في العظم وأطباء طوارئ، وعملنا على توفير طبيبين. كذلك احتاج مستشفى «دار الأمل» في دورس بالبقاع الشمالي إلى طبيب شرايين، لحاجة الجريح عندما يصل بحالة نزيف إلى معالجة فورية، لذا وجود الاختصاصات الكافية تحد كبير للمستقبل».

وكشف بخاش عن «توقف 8 مستشفيات عن العمل خلال الحرب في الجنوب و«مستشفى المرتضى» في البقاع ومستشفيات الضاحية، التي اتخذ قرار إقفالها بسبب تهديدها واستهدافها، وظلت تركز في عملها على معالجة الجرحى والحالات الطارئة، في حين ان الحالات الباردة تم نقلها إلى مستشفيات المناطق».

وعن التعاطي مع المصابين بتفجيرات «البيجر»، قال بخاش: «أثبت القطاع الطبي في عمله جدارة استثنائية بالمسؤولية وكانت معبرة جدا، إذ برهن على تماسكه وتضامنه إلى أقصى الحدود، فإدخال نحو 2500 مصاب إلى مراكز الطوارئ في المستشفيات خلال 4 ساعات فقط. وقد احتاج جميع المصابين إلى دخول المستشفيات وتلقوا علاجا جيدا، علما ان القطاع الاستشفائي في لبنان يضم 8 آلاف سرير، في الوقت الذي كانت الحاجة تتطلب ادخال 2500 مصاب فورا لعلاج أمر في غاية الأهمية. وجرى علاج المصابين مرحليا خلال خمسة أيام تلت الانفجار. وللإشارة فإنه في اليوم الذي تلا حصلت انفجارات أجهزة اللاسلكي، والتي أدت إلى إصابة نحو 900 جريح. وفي 23 أيلول بدأت الحرب الموسعة على لبنان… كل التحديات جاءت في فترة زمنية متقاربة، وبرهن القطاع قدرته الاستيعابية».

وأضاف بخاش: «انطلقنا من مبدأ مع وزارة الصحة العامة في استيعاب الصدمة ومعالجة المريض، ثم نقله إلى أحد المستشفيات أو المراكز الصحية أو إلى منزله، بعيدا عن منطقة الأحداث». وأسف «لسقوط 225 شهيدا بين مسعفين وممرضين و9 شهداء من الأطباء أثناء ممارسة عملهم المهني».
وختم بخاش: «أنا فخور بالجنود باللباس الأبيض على مستوى لبنان والشرق والعالم. القطاع بخير رغم التحديات الكبيرة. وعندما كنا نعالج أثناء الحرب كان الطب يتطور، وأمامنا تحديات كبيرة لوضع لبنان على خريطة الشرق الأوسط والخريطة الطبية العالمية. نحتاج إلى القرار السياسي والاستقرار الأمني، وهذا ما يجري العمل عليه في الدوائر والمجالس المسؤولة لتعزيز وإعادة فتح لبنان على المحيط الإقليمي والدولي والعربي والعالمي».