حصاد اليوم- الجيش جنوب الليطاني لتطبيق القرار 1701 وبري يتحدث عن لحظة امتحان للشيعة وللبنان
مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل حيّز التنفيذ صباح اليوم شهدت شوارع الضاحية الجنوبية وقرى وبلدات الجنوب والبقاع نزوحًا معاكسًا لعائلات سارعت الى تفقد بيوتها وأرزاقها التي تركتها قبل نحو عام. وبغض النظر عن تقييم الاتفاق الذي ظلت جوانب منه غير معلنة، لا يختلف اثنان بأن هذه الحرب كلفت لبنان غاليًا موتًا ودمارًا وتهجيرًا وخلفت كارثة إنسانية واقتصادية قد تتكلف سنوات للخروج منها.
واذا كانت فرحة اهالي الضاحية والجنوب بالعودة الى قراهم ومنازلهم طبيعية، فإن غير الطبيعي هو كمّ الرصاص الابتهاجي الذي اطلق ابان العودة واصاب بعضه شبانا نقلوا الى المستشفيات، في ظل تساؤلات عن نتائج هذه الحرب التي بلغت تكلفتها على لبنان ما يناهز 4000 الاف قتيل و16 الف جريح والاف المنازل المهدمة واقتصاد متهالك، وما اذا كانت شروط اتفاق وقف إطلاق النار تتناسب مع هذه التكلفة الباهظة.
زحمة مواقف وسيارات
ومنذ ساعات الصباح الأولى، ازدحمت الساحة المحلية بالمواقف السياسية والخارجية المرحّبة بالاتفاق، ومثلها الطرقات التي ازدحمت بسيارات العائدين الى ديارهم، كما سماءُ الضاحية الجنوبية بالرصاص ابتهاجا بالنصر، في وقت اجتمعت الحكومة لـتصادق مجتمعة على قرار وقف النار.
المصادقة على الاتفاق
في السياق، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كلمة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، أن “اليوم نبدأ مرحلة تعزيز حضور الجيش في الجنوب، اليوم نبدأ مسيرة إعادة إعمار ما تهدم”، مشيراً إلى أن “الحكومة ملتزمة بتحقيق الاستقرار على الخط الأزرق”. ولفت إلى أننا “ملتزمون بتطبيق القرار 1701 وتعزيز حضور الجيش في جنوب لبنان”، مطالبا “إسرائيل بالانسحاب من كل المناطق التي احتلتها”. ورأس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء قبل الظهر في السرايا ، ووزع على الوزراء نسخة عن اتفاق وقف إطلاق النار لمناقشته. وصدر محضر جلسة مجلس الوزراء، وتم التشديد على الالتزام بتنفيذ القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة.
تعزيز انتشار الجيش
وكان ميقاتي استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي واطلع منه على الوضع الامني وخطة تعزيز انتشار الجيش في الجنوب.
التزام بالقرارات
ليس بعيدا، أكد وزير الدفاع موريس سليم أن عدد قوات الجيش اللبناني المنتشرة في الجنوب سيرتفع إلى 10 آلاف عسكري، وشدد على التزام لبنان بالقرارات الدولية. و شدد سليم على أن الجيش اللبناني “يلتزم دائما بما تنص عليه القرارات الدولية في هذا الإطار، وكان لبنان دائما داعما وملتزما بالقرارات الدولية”، مؤكدا أن “سيادة لبنان تتمثل في وصول جيشه إلى الحدود الدولية”.
مقاومة سرّية
من جهته، قال وزير العمل مصطفى بيرم: “حق الدفاع عن النفس مشروع للبنان ولإسرائيل وإذا تحرّك نتنياهو فنحن سنردّ والمقاومة هي ردّة فعل على الاحتلال”، فيما أكد النائب حسن فضل الله على التعاون الكامل مع الدولة ومع الجيش لتعزيز انتشاره في جنوب لبنان. واردف: نحن مقاومة سرية ولا سلاح ظاهرا أو قواعد لنا في جنوب لبنان ولا أحد يستطيع إخراج أبناء الحزب من قراهم جنوب الليطاني.
التشييع الاستفتاء
ايضا، اعتبر نائب رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” محمود قماطي “أننا حققنا الإنتصار اليوم بعد شهرين من الجهاد المتواصل والصمود والإرادة، والعدو لم يحقق أي هدف من أهدافه”. وأشار إلى “أننا نحضّر لتشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين الذي سيكون استفتاء شعبيا وسياسيا لتبني نهج المقاومة”.
لودريان راجع
وسط هذه الاجواء، وفي وقت يعود المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت اليوم لاجراء محادثات حول حل الازمة السياسية الرئاسية، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمة ألقاها في أعقاب إعلان وقف اطلاق النار “ان لبنان تمكّن من إحباط مفاعيل الإعتداء الإسرائيلي والبدء بمرحلة جديدة بعد الاتفاق. وقال انها لحظة الحقيقة وليست لمحاكمة مرحلة ولا للقفز فوق الجراح ولا للرقص عليها. هذه لحظة امتحان لكل اللبنانيين وللشيعي قبل اي لبناني اخر، ولا بد في هذه اللحظة من الاسراع في انتخاب رئيس جمهورية يجمع ولا يفرق ولا يشكل تحديا لأحد”. وأكد بري ان “هذه المرحلة كانت الأخطر على لبنان الذي هدده العدوان بكل مقوماته وحانت لحظة الحقيقة لوحدة لبنان”.
لا عودة ولا مساومة
من جهته، عرض رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، في المقر العام للحزب في معراب، مع سفيرة السويد الجديدة في لبنان جيسيكا سفاردستروم للتطوّرات السياسيّة والأمنية على الساحة اللبنانية، لا سيما بالنسبة لوقف إطلاق النار في الجنوب. وأشار جعجع إلى أن لا عودة الى الوضع الذي كان سائداً في لبنان قبل السابع من تشرين الاول 2023، و”لن نقبل بأي تسوية أو مساومة مع السلاح غير الشرعي بعد كل ما أدت اليه استراتيجية “حزب الله” الخاطئة من دمار وموت وتهجير وخراب على البلد”.
انتصار للجميع
ومن بكركي التي زارها وفد من “اللقاء الديمقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط قال النائب هادي ابو الحسن “في ظل الوفاق الحاصل وتطبيق الطائف ودور الجيش والـ 1701 وانتخاب رئيس توافقي، نحن لا ننتظر الا الخير، واليوم هناك وعي أكثر عند الشعب اللبناني الذي احتضن أهلنا من الجنوب والضاحية والبقاع”.وعن رسالته لـ “حزب الله”، قال: “ان حزب الله بما يمثّل هو مكوّن لبناني، والعودة الى كنف الدولة اللبنانية هو انتصار لنا جميعًا”.
الميدان للجيش
اما المشهد الميداني فاختلف كليًا اليوم بعدما اعلنت قيادة الجيش ان “الجيش باشر تعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة بالتنسيق مع اليونيفل، وذلك استنادًا إلى التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار 1701 بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة. وفي هذا السياق، تُجري الوحدات العسكرية المعنيّة عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني، حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها”.
رحلة العودة
ومع غياب الاعمال الحربية، عاد النازحون الى الضاحية الجنوبية التي شهدت اطلاقا كثيفا للنار ابتهاجا بالعودة، والى البقاع لتفقد منازلهم وارزاقهم، وسط تحذيرات وجهها الجيش اللبناني لتفادي الاجسام الغربية غير المنفجرة. ايضا دعت قيادة الجيش “المواطنين العائدين إلى القرى والبلدات الحدودية في الجنوب، بخاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، إلى التجاوب مع توجيهات الوحدات العسكرية وعدم الاقتراب من المناطق التي توجد فيها قوات العدو الإسرائيلي، حفاظًا على سلامتهم، لا سيما وأنهم قد يتعرضون لإطلاق نار من القوات المعادية”.وقطع الجيش الطرقات نحو القرى التي لا يزال الاسرائيليون موجودين فيها حماية لاهلها.
وافيد بعد الظهر ان القوات الاسرائيلية في بلدة الخيام اطلقت النار على مجموعة من الصحافيين خلال تغطيتهم عودة الأهالي والانسحاب الاسرائيلي من البلدة، مما ادى الى اصابة اثنين بجروح. وأقدم الجيش الإسرائيلي على إطلاق رشقات رشاشة باتجاه بعض الأهالي الذين قدموا لتفقد منازلهم.