“الحزب” يُسلّم بسقوط “حرب المساندة” وإعصار إسرائيلي حارق يستبق وقف النار

“الحزب” يُسلّم بسقوط “حرب المساندة” وإعصار إسرائيلي حارق يستبق وقف النار

المصدر: النهار
27 تشرين الثاني 2024

لم يسبق أن عرفت معظم المناطق اللبنانية جحيماً حربياً كذاك الذي شهدته يوم أمس، حتى في اليوم الأخير من حرب تموز 2006، في اللحظات الأخيرة التي سبقت إعلان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بعد حرب طاحنة مدمّرة لعلها الأشرس التي شنتها إسرائيل منذ شهرين وأربعة أيام بعدما استدرجها إليها “حزب الله” بفعل “حرب المساندة” لغزة منذ 8 تشرين الأول 2023. والحال أن الاعصار الحربي المخيف غير المسبوق الذي أرادت من خلاله إسرائيل مواكبة إعلان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو موافقة حكومته الأمنية المصغرة على الاتفاق، وبصرف النظر عن الاجتهادات والانقسامات الداخلية في إسرائيل حيال “تفوّقها” العسكري في هذه الحرب، لم يحجب الدلالات الشديدة القسوة لبنانياً للكلفة الفظيعة التي تكبدها لبنان دماراً وضحايا ونزوحاً جراء ما سمي “ربط الساحات” الذي دفع بـ”حزب الله” إلى المضي بقراره الآحادي بفتح المواجهة مع إسرائيل والتي كبدته أفدح الأثمان بشرياً وقيادياً وعسكرياً وقدرات واضطراره قسراً إلى الانسحاب من جنوب الليطاني، ناهيك عن تعميق غير مسبوق للانقسامات العمودية بينه وبين معظم الفئات اللبنانية التي عارضت تعريض لبنان لحرب كانت الأشرس اطلاقاً.

كان اتفاق “الهدنة” أو وقف النار “التجريبي” الذي بدأت “مراسم “إعلانه تباعاً من إسرائيل بمثابة اسقاط بالنار والاحتلال المباشر وبالمجازر الإنسانية لربط لبنان قسراً بحرب غزة مهما قيل في تجميل هذه الحقيقة أو تبرير الكارثة المتدحرجة التي أصابت مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وأخيراً بيروت نفسها. وإذ أحصي أمس فقط، اكثر من 180 هدفاً استهدفه الاعصار الإسرائيلي لبث الذعر الشامل في “جهنم” حربي قبيل إعلان اتفاق وقف النار، بدا المشهد اللبناني مثيراً للرعب أمام تداعيات ما بعد الحرب التي ستبدأ بالاتضاح والانكشاف من اليوم تباعاً.

وعلى وقع اليوم الأخير قبيل إعلان وقف النار دُعي رسمياً مجلس الوزراء اللبناني بهيئة تصريف الأعمال، إلى عقد جلسة في التاسعة والنصف من صباح اليوم الأربعاء في السرايا الكبيرة، برئاسة رئيس الحكومة “لبحث التطورات الراهنة والأوضاع المستجدة” علماً أن الاتصالات توسّعت وتركزت على حضور جميع الوزراء وتحديداً الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” لكي تصدر موافقة مجلس الوزراء بالإنابة عن رئيس الجمهورية على اتفاق وقف النار بالإجماع.

الموافقة الإسرائيلية

المجلس الوزاريّ الإسرائيلي المصغّر اجتمع برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وتزامن مع تصعيد أوسع موجة غارات وإنذارات إسرائيلية منذ بداية الحرب، وفاق عدد التحذيرات والغارات المئات نفذ عدد كبير منها في وقت متزامن، إضافة إلى مناطق أخرى استهدفت من دون سابق إنذار في العاصمة والجنوب والبقاع.

وبعد ساعات من الاجتماع أفيد أن مجلس الوزراء الإسرائيلي وافق على اتفاق وقف النارمع لبنان. وأعلن نتنياهو موافقة المجلس الوزاري المصغر على وقف النار في لبنان متعهداً بالرد على كل خرق له من “حزب الله”، وقال “إننا أعدنا “حزب الله” سنوات إلى الوراء وقتلنا نصرالله الذي هو محور المحور”. واعلن “أننا سنحافظ على حريتنا العسكرية الكاملة في لبنان إذا تحرك حزب الله ضدنا”، لافتاً إلى أنه بعد اتفاق وقف النار في لبنان ستصبح حماس وحدها. واعتبر أننا نغير وجه الشرق الأوسط.

واعترف مسؤول سياسي إسرائيلي بأن هذه “صفقة هشة”، لكنه أشار إلى أنها “مصلحة إسرائيلية واضحة”. وقال إنها “ليست نهاية الحرب، إنها اتفاقية وقف إطلاق النار التي ستتم مراجعتها كل يوم. يمكن أن تستغرق يومين، ويمكن أن تستغرق عامين أيضًا”. وبحسب المصدر، فإن وثيقة جانبية من الإدارة الأميركية ستسمح لإسرائيل بالعمل ضد أي انتهاك لوقف إطلاق النار، بما في ذلك تصعيد “حزب الله”.

إعصار تصعيدي

وبالرغم من الإعلان عن اقتراب موعد وقف إطلاق النار، استمر التصعيد الجنوني.

في الضاحية الجنوبية لبيروت، شن الطيران الإسرائيلي غارات متزامنة واستهدف برج البراجنة والرمل العالي- تحويطة الغدير. وبعد الظهر أصدر الجيش الاسرائيلي إنذاراً باخلاء 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، قبل أن يستهدفها بصورة متزامنة.

ومن دون انذار مسبق، بدأ الطيران الإسرائيلي استهدافات متعاقبة ومفاجئة لبيروت بدءاً بمبنى في منطقة النويري في قلب العاصمة، متسبباً بانهياره بالكامل في غارة عنيفة. وأُفيد عن سقوط سبعة شهداء في الغارة. ثم وجّه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي تهديدات لـ4 مبانٍ للمرّة الأولى في بيروت في مناطق المزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط ورأس بيروت وشنت غارة على شارع الحمراء قرب وزارة الداخلية ومصرف لبنان كما استهدفت شقة في منطقة بربور في بيروت حيث سقط ثلاثة شهداء وستة جرحى. وتجدّدت الغارات ليلاً على النويري.

بقاعاً، سجلت غارات على رسم الحدث حيث سقط ثلاثة شهداء وجرود قوسايا وجنتا وقصرنبا وبدنايل ومدينة بعلبك حيث حصلت مجزرة لدى استهداف منزل في حي آل وهبي في محلة الشراونة. كما أفيد عن مجزرة في مزرعة بيت مشيك أودت بـ15 شهيداً. وأُفيد عن سقوط عشرة شهداء في بريتال من آل طليس.