الفاتيكان لم ينسَ إساءة بري
ما أعلنه أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في حزيران الماضي في ختام زيارته للبنان عاد إلى الواجهة قبل أيام. فهو قال قبل خمسة أشهر، إثر لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة: “نقلنا لرئيس المجلس رغبة قداسة البابا وسعادته بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن”. وبعد مضي أشهر على تلك الزيارة، كشف مصدر دبلوماسي لـ “نداء الوطن” أن الهدف منها كان إعطاء بري فرصة لملاقاة “رغبة” البابا فرنسيس فيدعو إلى إجراء الانتخابات الرئاسية، لكنه لم يفعل ذلك حتى اليوم. ولفت المصدر إلى أن عدم تجاوب رئيس البرلمان مع دعوة البابا أثارت “استياء” في حاضرة الفاتيكان منذ ذلك الوقت. وقال المصدر: “كانت دوائر الفاتيكان تعتقد أن زيارة الكاردينال بارولين للبنان سيكون لها تأثير، بعدما بلغها تعهد من بري باستعداده لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، لكن اعتقادها خاب بعدما نكث الأخير بتعهداته”.
وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى الفاتيكان، عادت نتائج زيارة الكاردينال بارولين للبنان إلى بساط البحث. وبدا أن المواقف الأخيرة التي أطلقها البطريرك الراعي من الانتخابات الرئاسية وكأنها تمت بصلة إلى زيارته لروما. وتشير المعلومات إلى أن هناك تصعيداً مرتقباً في المواقف النيابية والسياسية من أجل الضغط على بري كي يعود عن نهج تعطيل الاستحقاق الدستوري في لبنان.
وسئلت أوساط نيابية بارزة عن موقف الفاتيكان من عدم تجاوب بري مع دعوة البابا فأجابت: “إن استياء الفاتيكان كان كبيراً ولا يزال. لكن الحاضرة البابوية تعتمد السرية الدبلوماسية، ولا ترغب في الذهاب إلى هذا التعبير عن هذا الاستياء بوضوح. إلا أنها واثقة بأن هناك مسؤولية يتحملها رئيس مجلس النواب الحالي، بعدما تلكأ في الدعوة إلى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية بعد الوعود التي قطعها للكاردينال بارولين. كما أن الاجتماع بين الأخير وبري لم يكن موفقاً”.
هل سيتحرك الملف الرئاسي مجدداً في ضوء تطورات الحرب الإسرائيلية وبلوغها مرحلة وقف إطلاق النار؟ على ما يبدو أن بري قطع على نفسه “تعهداً” في هذا المجال. وأفصح عن هذا الأمر قبل يومَين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، إذ صرّح الأخير بعد انتهاء اجتماع هيئة مكتب المجلس برئاسة رئيس المجلس بري، أنه بعد “وقف إطلاق النار قد نصل قريباً إلى جلسة انتخاب رئيس”.
ومن وحي “خذوا أسرارهم…” قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى: “هل يليق بأحد أن يأتي الرئيس على صهوة الإسرائيلي”؟
ما قاله وزير الثقافة لفت الانتباه إلى أن هناك من يعتقد أن البرلمان بات إسطبلاً لنزلاء ساحة النجمة، كما كان الحال في العصور الماضية عندما كانت الخيول وسيلة النقل وتمضي براكبيها إلى النزل حيث للخيول مقر إقامة. ما يعني أن هناك أيضاً صهوات متعددة الجنسية بينها الإيرانية والسورية التي وصلت بفضلها مرجعية الوزير السياسية إلى رئاسة البرلمان منذ 32 عاماً.
في أي حال، قطع بري عهداً لبارولين ولم يفِ به. فهل فعلها مجدداً بعهد قطعه، كما يستفاد من تصريح بو صعب الأخير، للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين حامل الجنسية الأميركية والإسرائيلية معاً؟
يقال إن “الكنيسة القريبة لا تشفي”؟ فهل بات كنيس هوكستين هو موئل الشفاء؟ حقاً، إن اللبنانيين بغالبيتهم الساحقة في حالة استياء وليس الفاتيكان وحده.