هل سيؤدي الاتفاق إلى إسقاط فيتو “الحزب ” الرئاسي؟
ستعلن إسرائيل مساء اليوم موافقتها على قرار وقف إطلاق النار. هذا القرار الذي أفادت الرئاسة الفرنسية مساء أمس بأن المناقشات بشأنه أحرزت «تقدماً كبيراً»، صاغه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر والذي ينص على مهلة 60 يوماً كي يجري إنجاز ترتيبات صارمة لتنفيذ القرار 1701 في الجنوب تؤدي إلى إنهاء وجود «حزب الله» عسكرياً جنوب الليطاني ولاحقاً شمال النهر.
إنه ببساطة ومن خلال المعطيات، سيكون بمثابة «إذعان إلهي» على نسق «الانتصار الإلهي» الذي تباهى به «حزب الله» بعد حرب عام 2006. وإذا كانت إسرائيل ستعلن قرارها وقف النار بعد انعقاد مجلس الوزراء الإسرائيلي، فإن لبنان الذي دارت رحى الحرب المدمّرة على امتداد أراضيه، لن يكون هناك أي مجلس رسمي لينعقد في هذه المناسبة. فقط، هناك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اختزل الدولة ولا داعي لسؤاله ماذا ينتظر لبنان من الاتفاق المرتقب؟
ما لا يمكن معرفته اليوم أو غداً من عين التينة، تفيد معلومات «نداء الوطن» من مصادر دبلوماسية بأن جوهر الاتفاق هو الآتي: لا سلاح ولا تواجد عسكرياً لـ»حزب الله» جنوب الليطاني، حرية التحرك الإسرائيلي وراء جنوب الليطاني، لجنة المراقبة يرأسها جنرال أميركي، وسيكون الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في نهاية الـ 60 يوماً إلى ما بعد الخط الازرق، أي الخط الذي جرى رسمه عام 2000 تنفيذاً للقرار 425.
من هذه المعطيات، تضيف الأوساط نفسها أن وقف النار إذا ما أعلن اليوم سيكون على تحقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي شروطه ألا وهي إنهاء الساحة اللبنانية التي تشكل خطراً على أمن شمال إسرائيل ، وأن لا يتحقق ذلك فقط في جنوب نهر الليطاني حيث ستتخذ تدابير صارمة جداً بل بمنع عودة «حزب الله» إلى مراكمة قوته العسكرية بما يهدد الاستقرار على الحدود الشمالية ولو بعد 10 او عشرين سنة». وسألت هذه الأوساط: «لماذا تذهب إيران إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار؟ وتجيب «اذا لم يذهب الإيراني إلى الموافقة على هذا الاتفاق الذي هو بمثابة استسلام سياسي، سيضطر بعد فترة للذهاب إلى استسلام عسكري في ظل التوغل العسكري البري الإسرائيلي المتواصل في الجنوب ما يؤدي بمنطقة جنوب الليطاني لتصبح ساقطة بالمعنى العسكري. من هنا تريد إيران حفظ ماء الوجه بعدما باتت مقاليد «حزب الله» بالكامل بيدها بعد رحيل كل قيادات «الحزب» وفي مقدمهم حسن نصرالله».
كيف سيترجم اتفاق الإذعان الإيراني في السياسة؟ هل سيسقط فيتو «حزب الله « الرئاسي؟ هل سيتحرر قرار السلطة والدولة من سلطة «الحزب»؟ هل يبدأ فك الاشتباك من بعبدا قبل الليطاني؟ هل يبدأ انتشار الجيش من قصر بعبدا بانتخاب قائد الجيش رئيساً؟ بعد جلسة التمديد هل تكون جلسة انتخاب؟ هل سيعمل «الحزب» على نقض الاتفاق والاحتفاظ سلاحه؟ وهل ينتقل من الحرب ضد إسرائيل إلى حروب في الداخل كما حصل في 7 أيار بعد حرب تموز؟ ومن يضبط تنفيذ القرار والحدود وبالتالي هل يشمل التنفيذ القرارات 1701 و 1559 و1680؟
إنها أسئلة كثيرة، لكن غيضاً من فيض سيتدفق تباعاً بدءاً من اليوم وعلى مدى شهرين متتاليين.
في الانتظار، وعشية الحدث المرتقب كان لبنان من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى البقاع وعدد من المعابر البرية بين لبنان وسوريا مسرحاً لعمليات عسكرية إسرائيلية لم تهدأ سقط فيها عشرات الضحايا.
سياسياً، قال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لـ»رويترز» إنه لم تعد هناك «عقبات جدية» أمام بدء تنفيذ هدنة اقترحتها الولايات المتحدة، «ما لم يغير نتنياهو رأيه». وأوضح بو صعب أن المقترح ينص على انسحاب عسكري إسرائيلي من جنوب لبنان ونشر قوات نظامية من الجيش اللبناني في منطقة الحدود في غضون 60 يوماً. وأضاف أن إحدى نقاط الخلاف بشأن من سيراقب وقف إطلاق النار تسنى حلّها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بالموافقة على تشكيل لجنة من خمس دول، منها فرنسا، ترأسها الولايات المتحدة.
وقال دبلوماسي غربي إن هناك نقطة خلاف رئيسية أخرى تتعلق بتسلسل انسحاب القوات الإسرائيلية وانتشار الجيش اللبناني وعودة النازحين إلى منازلهم في جنوب لبنان.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لبنانية رفيعة المستوى أن الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن سيعلنان عن تفاصيل الاتفاق في غضون 36 ساعة.
وفي واشنطن، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أن «وقف إطلاق النار في لبنان أولوية بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن». وأشار إلى أن «الاتصالات بشأن التوصل لاتفاق مستمرة، لكن لا تطور يمكن الحديث عنه». ولفت الى أن « آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأميركي عاد إلى واشنطن، والنقاشات تسير بشكل إيجابي».
وكان موقع أكسيوس الأميركي السباق في إعلان مسار الاتفاق .وقال أربعة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين للموقع إن الاتفاق شبه نهائي.
وقال الموقع « ان الولايات المتحدة وافقت على إعطاء إسرائيل خطاب ضمانات يتضمن دعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، والعمل لتعطيل أمور مثل إعادة تأسيس وجود عسكري لـ»حزب الله» بالقرب من الحدود أو تهريب الأسلحة الثقيلة، كما يقول مسؤولون إسرائيليون وأميركيون. وبموجب الاتفاق، ستتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء بعد مشاورات مع الولايات المتحدة، وإذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد».
على صعيد آخر، ووفقا لـ»رويترز»، قالت شرطة الأمن النرويجية أمس إنها لم تجد أي أساس للتحقيق في صلات نرويجية بتوريد أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) الملغومة لجماعة «حزب الله» في لبنان والتي انفجرت في أيلول الماضي. وأطلقت شرطة الأمن النرويجية تحقيقاً أولياً حول أي صلة نرويجية بالقضية، بعد أن تبين أن شخصاً نرويجيا أُدرج على أنه مالك شركة بلغارية تخضع للتحقيق في بلغاريا بشأن صلات محتملة بالقضية. وقالت وكالة الأمن الوطني البلغارية يوم 20 أيلول إنها «تأكدت بشكل لا يقبل الجدل» من أن أجهزة البيجر المستخدمة في الهجوم في لبنان لم يتم تصنيعها في بلغاريا ولا تصديرها من الدولة.