إيران تريد إنقاذ الحزب بمعزل عن النووي!
استبق مستشار المرشد الايراني علي لاريجاني حصول تطورات مرتقبة على الملف النووي بنقله رسالة الى ” حزب الله ” بضرورة قبول وقف النار والتراجع الى شمال نهر الليطاني وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701 بجهود الموفد الاميركي آيموس هوكشتاين . في الايام القليلة التي تلت ذلك تبنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا انتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في اطار برنامجها النووي ثم صعّدت مواجهتَها ضد الوكالة معلنة أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي “الجديدة والمتطورة ” وصولا الى تقديم لاريجاني عرضا للادارة الأميركية الجديدة يقضي بعدمَ امتلاك ايران سلاح نووي مقابلَ تعويضات وامتيازات. لم ينس لاريجاني التعريج ما بين هذه المواقف حول البرنامج النووي على الحرب في لبنان من زاوية التهديد بإن ” حزب الله ” لم يستخدم أسلحته المهمة، وإذا فعل ذلك فإن المعادلة ستتغير إلى حد كبير ” معلنا أن بلاده ” واثقة تماماً من انتصار (حزب الله) على إسرائيل”.
جرى كل ذلك على هامش مفاوضات اجراها الموفد الاميركي آيموس هوكشتاين في بيروت لوقف النار وانتقل بعدها الى اسرائيل ليغادر الى واشنطن فيما تزايد القصف الاسرائيلي لبيروت وتوغل في الجنوب الى حد كبير . تسود التوقعات التشاؤمية الاوساط السياسية في لبنان على خلفية مراقبة المواجهة بين اسرائيل ومعها الولايات المتحدة وايران واذا كانت هذه الاخيرة تسعى الى حصر الاضرار اللاحقة بالحزب راهنا تمهيدا لدعمه واعادة تمكينه لاحقا وفقا لما وعد لاريجاني واعلنه خلال زيارته لبيروت ، فان الخشية من تواصل الضغط الاسرائيلي على رغم جهود هوكشتاين وفي موازاتها من اجل تليين مواقف ايران من البرنامج النووي وربما لدفعها الى الاقلاع عن التفكير باعادة بناء الحزب عسكريا لا بل تفكيكه. فهذه هي المخاوف الكبرى وراء عدم تخلي ايران لا بل تأكيدها باصرار الاستمرار في دعم الحزب . وهذا مفهوم من حيث المبدأ باعتبار ان الرسالة الايرانية الاساسية تتجه الى عدم التخلي عن وكلائها او حلفائها باعتبار ان لاريجاني قال انه نقل رسالة من المرشد الايراني لكل من نبيه بري وبشار الاسد ، ولكن هذا يعني ان ايران تحاول ان تترك ورقة التخلي عن الحزب الى التفاوض لاحقا وليس تبعا لضرورات مرحلة وقف النار راهنا. وترجمة ذلك عملانيا ان تنفيذ القرار 1701 سيبقى جزئيا بمعنى اعطاء اسرائيل ضمانات في صدد تراجع الحزب جنوبا ولكن دون سائر البنود الاخرى التي تتعلق بمنع وصول اسلحة الى اي من التنظيمات في لبنان من دون موافقة الحكومة في لبنان او ضبط المعابر بما يمنع دخولها من سوريا . هذا اولا . وثانيا ان ايران تتفاوض عبر لبنان وتستخدم وقائعه السياسية من اجل تعزيز موقفها او شروطها في الملف النووي على عتبة تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب الرئاسة الاميركية .
وتاليا فان عض الاصابع الجاري بين اسرائيل والولايات المتحدة من جهة وايران من جهة اخرى تزيد من الاقتناعات بان ما يجري في لبنان ابعد من مجرد اتفاق لوقف النار بحيث يضع حدا فعليا للحرب. فهذه المعطيات ترجح استمرار الحرب بالضغط على ايران وعلى اهم اذرعتها في لبنان اي ” حزب الله” فيما ان الانطباعات السائدة ان ” مهمة ” اسرائيل في اضعاف الحزب لم تنته بعد . وهو امر يسود الصمت حياله في كل العواصم الاقليمية وحتى الدولية على خلفية ان المواجهة ايرانية اسرائيلية اولا ثم ان الاهداف الاسرائيلية تطاول موقع الحزب وبنيته العسكرية والامنية ولم تطاول مؤسسات الدولة اللبنانية فيما ان الاعتداءات على الجيش اللبناني وجدت اعتراضات قوية من واشنطن وكذلك الحال بالنسبة الى اليونيفيل وكذلك الامر بالنسبة الى دول اخرى مشاركة في هذه القوى ، انما دون ادانة الاستهدافات الاخرى على رغم انها تطاول مدنيين وقطاعات صحية ومدنية في موازاة استهداف الحزب او مسؤوليه.
ليس واضحا حتى الان مدى ” التنازل ” المطلوب من ايران لقاء اقناع هوكشتاين اسرائيل بوقف النار والقبول بالضمانات التي تقدمها واشنطن حفاظا على ما تبقى من قدرات الحزب. فما يجري هناك على هذا الخط هو الاهم فيما يستمر لبنان على رغم كارثية ما يجري فيه مشهدا جانبيا اذا صح التعبير ، حتى اشعار اخر .