خاص- استقلالٌ مفقود ووطنٌ شهيد!

خاص- استقلالٌ مفقود ووطنٌ شهيد!

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
21 تشرين الثاني 2024

عيد الاستقلال اللبناني، الذي يفترض أن يكون مناسبة للاحتفاء بالحرية والسيادة الوطنية، أصبح اليوم ذكرى مشوهة في ظل هيمنة “حزب الله” وأجندة إيران الإقليمية.

لبنان، الذي كان يومًا رمزًا للتنوع والتعايش، أصبح رهينة بيد مليشيا مسلحة تُحكِم قبضتها على قرار السلم والحرب، دون أي اعتبار للدولة أو لمصالح الشعب اللبناني.

منذ تأسيسه، لم يعرف لبنان أزمات وجودية كالتي يعيشها اليوم. “حزب الله”، الذي “يقاوم” الاحتلال الإسرائيلي، حول البلاد إلى ساحة صراع مفتوحة لخدمة مشاريع إيران التوسعية في المنطقة، هذا الحزب، الذي يسيطر بقوة السلاح، يفرض قراراته على الدولة اللبنانية، متجاهلًا دور المؤسسات الرسمية، وخاصة الجيش اللبناني، الذي يفترض أن يكون القوة الوحيدة المخولة الدفاع عن البلاد.

الحروب التي أشعلها “حزب الله” دون أي تفويض من الشعب أو الحكومة دمّرت الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وحوّلتها إلى مناطق منكوبة.

عشرات الآلاف لا بل مئات الآلاف من اللبنانيين فقدوا منازلهم وأحباءهم بسبب قرارات عسكرية اتخذها الحزب لخدمة طهران، وليس لحماية لبنان. هذه الحروب لم تأتِ إلا بالكوارث الاقتصادية والاجتماعية، حيث تسببت في عزلة لبنان الدولية وزادت من انهيار اقتصاده الذي أصبح اليوم في الحضيض.

الأحداث الأخيرة على الحدود اللبنانية مع إسرائيل تعكس مدى خطورة الواقع. الحزب زج بلبنان في مواجهة عسكرية جرّت البلاد إلى دمار شامل، دون أي اعتبار لمعاناة الشعب الذي يكافح للبقاء وسط أزمة اقتصادية خانقة.

الجنوب، الذي دفع الفاتورة الأكبر في حروب الحزب السابقة، وجد نفسه مرة جديدة في قلب الدمار، في وقتٍ لم تتعافَ فيه البنية التحتية بالكامل من آثار العدوانات السابقة.

إيران، التي تدعم “حزب الله” بالمال والسلاح، لا تهتم لمصير لبنان وشعبه. لبنان أصبح ورقة في يد طهران تستخدمها للضغط على إسرائيل وأميركا في صراعها الإقليمي.

أما اللبنانيون، فليس لهم نصيب إلا الموت والدمار والتهجير، فبعض شباب لبنان خُدع بشعارات المقاومة، فقتلوا في معارك لا علاقة لها بوطنهم، وأريقت دماؤهم في خدمة مصالح دولة أجنبية.

لبنان اليوم ليس دولة ذات سيادة، السلاح الخارج عن سلطة الجيش والدولة جعل من البلاد أرضًا مستباحة، وفقدان القرار الوطني المستقل حوّل الاستقلال إلى كذبة كبيرة، حتى اصبح عيد الاستقلال مناسبة مريرة، تُذكرنا بالمسافة الشاسعة بين حلم الـ١٩٤٣ وواقع الـ٢٠٢٤، حيث السيادة اللبنانية تُباع في سوق المصالح الإقليمية.

ختامًا، لا خلاص للبنان إلا بنهاية حقبة الهيمنة الإيرانية وخروج “حزب الله” من المعادلة العسكرية، يجب أن يعود القرار العسكري إلى الجيش اللبناني وحده، وأن تتوقف الحروب العبثية التي دمرت البلاد. فلن يستعيد لبنان عافيته إلا بسيادة حقيقية تجعل من عيد الاستقلال مناسبة للاحتفاء بوطن حر، وليس مناسبة للبكاء على وطن يُنحر يوميًا.

نحن شعب يستحق حياة طبيعية في بلدٍ لا تلطخ أرضه بدماء شهداء ماتوا ليحيا لبنان، وشبابٍ زُج بهم في أيديولوجيات قتلتهم في سبيل مشاريع لا تخصنا. آن الأوان لنستعيد لبنان، وإلا فإن نزيفه لن يتوقف.