اليونيفيل تكشف على مخزن أسلحة: هل بدأت بتوسيع مهامها؟
تبادل إطلاق النار
إذ أعلنت اليونيفيل مساء الخميس الفائت، عن تعرض إحدى دورياتها لإطلاق نارٍ من مجهولين عقب اكتشاف مخزن ذخيرة قرب بلدة قلاوية في الجنوب. موضحةً أنّ جنودها ردّوا بإطلاق النار من آلياتهم من دون تسجيل إصاباتٍ أو أضرار. البيان أشار إلى أن الدورية أبلغت الجيش اللّبنانيّ بموقع مخزن الذخيرة، مؤكدةً التزامها بالتنسيق مع القوات المُسلّحة اللّبنانيّة، لكنها لم تصادر الأسلحة بشكلٍ مباشر. وسبق هذا الحادث إعلان اليونيفيل تكرارًا استعدادها للدفاع عن نفسها في حال التعرض لها من طرفيّ الاقتتال، وتحديدًا بُعيد الاعتداءات والتهديدات الإسرائيليّة المستمرة للقوّات، وآخرها كان سقوط قذيفة في باحة قيادتي القطاع الغربيّ والوحدة الإيطاليّة في قوات اليونيفل في بلدة شمع، جراء قصف مدفعيّ إسرائيليّ.
كما وأصدرت اليونيفيل، بيانًا صباح اليوم الأحد، شجبت فيه الاعتداءات المستمرة عليها من قبل قوّات مسلّحة في لبنان، قائلةً إنّه: “بعد ظهر أمس (السبت)، واجهت دورية تابعة لليونيفيل تضمّ جنود حفظ سلام فرنسيين وفنلنديين -أثناء قيامها بدورية في قرية بدياس- منعًا لحرية الحركة من قبل مجموعة من الأفراد كان واحدًا منهم على الأقلّ مسلّحًا”، وأضافت: “تمكنت الدورية من تجاوز المعوقات وأكملت مسارها المخطط له. بعد حوالى ساعة، وفور عبور الدورية بلدة معركة، أُطلقت عليها حوالى 40 طلقة من الخلف، وكان ذلك على الأرجح من قبل أفراد تابعين لجهات غير حكومية. وبعد وقت قصير من أمر قائد الدورية بالإسراع للخروج من المنطقة، مع المحافظة على المسار المخطط له، وصلت الدورية إلى برّ الأمان في قاعدة لليونيفيل في دير كيفا. وقد تمّ إبلاغ القوات المسلحة اللبنانية على الفور بالحادث”، داعيةً السّلطات اللّبنانيّة لفتح تحقيقٍ بالموضوع.
تثبيت الولاية
اللافت بهذه التطورات أنها تزامنت مع تجدّد المفاوضات، حيث تُطالب مسودات اقتراحات الهدنة بمنح اليونيفيل حرية حركةٍ مستقلة عن التنسيق مع الجيش اللّبنانيّ. فهل بات دور اليونيفيل يتغير تدريجيًّا مع تراجع انتشار الجيش اللّبنانيّ في مناطق عدّة في الجنوب؟
تقول مصادر “المدن” في اليونيفيل، تعليقاً على حادث “تبادل النار مع مجهولين”: “كانت الدورية تقوم كعادتها بدوريّة، وتمّ رصد مخزن الذخيرة بمحاذاة الطريق العامّ، وفور إيجاده ومداهمته، أطلق مسلحون على الدوريّة النار، وردّت الدورية بالمثل، ونحن لم نقم بهذه العلميّة لإقناع أحد وللفت الانتباه، نحن ببساطة كنا نقوم بواجباتنا لتنفيذ القرار الأمميّ 1701، ودعينا الجانب اللّبنانيّ لمشاركتنا في التحقيق الذي تمّ فتحه”.
فيما رفضت المصادر التعليق على ما سُمي بـ”حادث سير” أدّى إلى وفاة أحد عناصر الكتيبة الفرنسيّة وجرح آخرين في بلدة شمع الجنوبيّة، منذ اليومين.
وإن كان هذه القوّات تتمتع بحقّ “الدفاع عن نفسها”، وقادرة تقنيًّا على الردّ في حال الهجوم عليها وفقًا لولايتها الّتي تنصّ على أن “عناصرها قد يمارسون حقّهم الذاتيّ في الدفاع عن النفس” ويمكنهم استخدام “القوّة التدريجيّة والمتناسبة” لحماية المدنيين المعرضين لتهديد وشيك بالعنف الجسديّ. يرى مراقبون في المقابل، أن هذا التصعيد يحمل دلالات سياسيّة تتجاوز كونه مجرد دفاع عن النفس، وتُشير تحليلات إلى أن الخطوة تعكس قدرة اليونيفيل على تنفيذ المهام المتعلقة بالكشف عن الأسلحة في حال توفر غطاء دوليّ. بينما اعتبرت هذه التحليلات أنّ فرنسا، الّتي تشارك بقوّات في البعثة، تقف وراء هذه الرسالة لتأكيد عدم الحاجة إلى أي بديلٍ عن اليونيفيل في الجنوب. فيما يرى آخرون أن هذه الخطوة هي محاولة لدحض “السّرديّة الإسرائيليّة” بإنحياز اليونيفيل، والّتي كانت الذريعة لمهاجمتها والاعتداء عليها تكرارًا.
الاعتداءات الإسرائيليّة
وثّقت القوات ثمانية اعتداءات متعمدة على مواقع وأفراد “القبعات الزرقاء”، كان آخرها استخدام حفارتين وجرافة لتدمير جزء من سياج وهيكل خرساني تابع لليونيفيل، في منطقة رأس الناقورة. وللمرة الأولى، وجهت اليونيفيل اتهامًا مباشرًا لإسرائيل، مدعومًا بصورٍ ومقاطع فيديو، مؤكدةً أن تدمير الجيش الإسرائيلي لممتلكات واضحة المعالم تابعة لها، يُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدوليّ ولقرار مجلس الأمن رقم 1701. وأشارت اليونيفيل إلى أن الجيش الإسرائيلي، منذ 30 أيلول الماضي، يطالب مرارًا جنودها بمغادرة مواقعهم بالقرب من الخط الأزرق “لضمان سلامتهم”. وأكدّت أن جنودها سيواصلون أداء مهامهم في المراقبة والإبلاغ وفقًا للقرار المذكور، التزامًا بمسؤولياتهم تجاه الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
ومنذ إعلان الجيش الإسرائيليّ عن التوغّل البريّ في لبنان، أطلقت قواته النار بشكلٍ متكرّر على مواقع اليونيفيل. وقد ألقت يونيفيل باللوم على الجيش الإسرائيليّ في سلسلةٍ من الانتهاكات، بما في ذلك اقتحام قاعدة بالقوّة منذ نحو الأسبوع. وقد طالبت إسرائيل قوات حفظ السّلام بإخلاء المنطقة، مما يعني عمليًا تقليص فعالية القوّة الّتي تفرضها.
يعتبر البعض أن سبب استهداف إسرائيل لقوّات اليونيفيل، يعود إلى علاقتها العدائيّة مع الأمم المتحدة. فلطالما اتهمت إسرائيل الأمم المتحدة بالتحيز ضّدها. ووصف نتنياهو المنظمة بأنّها “بيت الظلام” و”مستنقع مليء بالكراهيّة ضدّ السّامية”. وتقول مصادر لبنانية في حديثها إلى “المدن”، إن الاستهداف المتكرّر يعود إلى ما سُمي بتآكل الثقة الإسرائيليّة والأميركيّة باليونيفيل (رغم أن الشكّ الأميركيّ قد تباين بين الإدارات المختلفة)، بزعم أن يونيفيل فشلت في منع مقاتلي حزب الله الذين خاضوا حربًا مع إسرائيل لسنوات من التواجد في جنوب لبنان. في وقتٍ تحاول فيه فرنسا دومًا احتواء هذه المزاعم، ما قد يُبرّر تكثيف العلميات وتوسيعها في الآونة الأخيرة.
القوّات الألمانيّة
أما بما يتعلق بالتقارير والتصريحات الّتي صدرت عن جهاتٍ لبنانيّة، زعمت فيها تورط الجنود الألمان المشاركين في مهمة اليونيفيل بالتعاون مع إسرائيل، فيما يتعلق بعملية الإنزال الّتي نفذتها قوات كوماندوز إسرائيلية في البترون، فقد نفت الحكومة الألمانيّة هذه التهم وقالت وزارة الدفاع الألمانيّة في بيان إنّ “وسائل الإعلام المقربة من حزب الله في لبنان تنشر رواية مفادها أن ألمانيا وقوة المهام البحرية التابعة للأمم المتحدة التي تقودها ألمانيا تدخلت في عمليات القتال في لبنان لصالح إسرائيل. الحكومة الألمانية تنفي بصورة قاطعة هذه الاتهامات”. وأضاف البيان: “هيئة الرادار الساحلية اللبنانية الممولة من ألمانيا يديرها جنود لبنانيون، والجيش اللبناني هو الذي يحدد ويسيطر على ما يحدث للمعلومات التي يتم الحصول عليها من محطات الرادار ومن يستقبلها، ليس لدى فرقة العمل البحرية أي اتصال مباشر مع الجيش الإسرائيلي، لا يتم تمرير معلومات عن الوضع”. وأشارت الوزارة إلى أن “مبدأ الحياد مطبق على أطراف النزاع في بعثات الأمم المتحدة”، مضيفة: “نحن نتمسك بهذا بصرامة. يتم تحديد مهمة فرقة العمل البحرية بموجب تفويض الأمم المتحدة، وهذا يشكل الإطار الملزم لمشاركتنا”. وأكدّت أن عمل الفرقة “شفاف في جميع الأوقات وكذلك تجاه الدول الأخرى المشاركة في قوات اليونيفيل”.