الـMEA “الأكثر شجاعة في الكوكب” بحسب “الفايننشال تايمز”
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، يكاد لا يخلو يوم واحد من القاذفات الإسرائيلية التي تدكّ الأبنية والمجمعات السكنية بأطنان القذائف والصواريخ الذكية، فتدمرها كليا أو جزئيا. ولكن حتى اليوم لا تزال المنشآت المدنية للدولة اللبنانية، والبنى التحتية من محطات مياه، وبقايا كهرباء، وجسور وطرق ومرافق عامة وبينها مطار بيروت مستثناة من هذه الاعتداءات.
يبدو أن الضمانات الدولية والعربية لعدم إقدام إسرائيل على قصف المطار تحديدا، لا تزال سارية، علما أن إسرائيل سبق أن فعلت ذلك منذ عقود، وهو ما قد يحصل مجددا في أي وقت، إذا توسعت مساحة الحرب أكثر. فبعد يوم واحد من بدء الحرب في 13 تموز (يوليو) 2006، قصف الطيران الإسرائيلي مطار بيروت ودمر ثلاثة مدرجات، ما أخرجه عن الخدمة، وأبقاه مغلقا حتى 17 آب من العام عينه. بيد أن حاجة المجتمع الدولي إليه لإجلاء رعاياه، واستقبال المساعدات الدولية الإنسانية والصحية، دفعت إلى منع إسرائيل من الاعتداء عليه.
إحدى طائرات الميدل تحلق وسط نيران القصف الاسرائيلي.
وعلى الرغم من الغارات العنيفة التي تشنها إسرائيل على تخوم المطار، لا تزال “الميدل إيست” وإدارة مطار رفيق الحريري الدولي صامدتين وتعاندان الإصرار الإسرائيلي على تقطيع أوصال البلاد مع الخارج. هذا الإصرار لا يعني تعريض المرفق للخطر، إذ يؤكد رئيس مجلس إدارة “طيران الشرق الاوسط” محمد الحوت لـ”النهار” أن الشركة تحرص على تأمين السلامة للأطقم والركاب والموظفين في المطار والمتعاملين معه، إذ ثمة لجنة لتقييم الأخطار، وما إن نستشعر أي خطر حتى نتخذ الإجراءات الحمائية اللازمة فورا”.
وعلى الرغم من الإشادات الكثيرة التي تلقتها “الميدل إيست” محليا وعالميا على خلفية بسالة طياريها ومضيفيها وحرصها على ربط لبنان بالخارج، وآخرها المقال في مجلة “الفايننشال تايمز” الذي وصفها بأنها “الشركة الأكثر شجاعة في الكوكب”، يعتبر الحوت أن ما تقوم به الشركة يضاف إلى تاريخها المشهود له وطنيا وعالميا، إذ كانت ولا تزال تحرص على عدم تقطيع أوصال لبنان مع الخارج في كل الحروب التي شهدها لبنان، في وقت لم تستمر أي شركة طيران في تسيير رحلاتها من لبنان وإليه.
ويقول: “الميدل إيست كانت وستبقى الوسيلة لوصل لبنان واللبنانيين بالعالم، وتتحدى كل الظروف في سبيل هذا الهدف”.
وفي حين ذاع صيت طياري الشركة لشجاعتهم، يحرص الحوت على “توجيه التحية إليهم، وإلى المضيفين والمضيفات وكل موظف في الشركة والمطار عموما والمتعاملين معهما. فكل يؤدي واجباته على أكمل وجه. وحتى اليوم لم يقصروا في أداء مهماتهم رغم المخاطر المحيطة بهم. فوتيرة العمل التي اعتادوها قبل الحرب لم تتغير في أحلك الظروف الأمنية”، فيما الهدف وفق ما يقول مستشار رئيس مجلس الإدارة الكابتن محمد عزيز هو “إبقاء المطار مفتوحا والمحافظة على سير الأمور بأقصى ما نستطيع من أجل المساهمة في صمود البلاد”.
وردا على الشائعات التي رافقت عمل “الميدل ايست” هذه الفترة لناحية ارتفاع اسعار التذاكر، يؤكد الحوت أنها “لم تعمد إطلاقا إلى رفع أسعارها، بل على العكس بقيت على حالها منذ تموز (يوليو) الماضي على الرغم من أن رحلاتها بقيت لفترة تغادر بيروت ممتلئة وتعود بثلثيها فارغة. بيد أن هذا الواقع تغير اليوم، وإن لم تعد الملاءة في رحلات الشركة إلى طبيعتها”.
الى ذلك، ليس خافيا حجم المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها طائرات “الميدل إيست” جراء قرب الاعتداءات الإسرائيلية من المطار، “لكن الشركة تعمل على تقييم الأخطار قبل إقلاع الطائرات أو هبوطها وتأخذ في الاعتبار الأخطار المحسوبة (Calculated Risk)، خصوصا أنها تأخذ على عاتقها مسؤولية سلامة طاقم الطائرة والركاب”، وفق الحوت.
ومنذ توقف شركات الطيران العربية والأجنبية عن تسيير رحلاتها من لبنان وإليه في 24 أيلول (سبتمبر) 2024 وحتى 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2024 وضعت “الميدل إيست” مهمة نقل الركاب على عاتقها. فقامت بتسيير 2368 رحلة بينها 1184 ذهابا و1184 إيابا، نقلت فيها 223000 راكب منهم 175000 خرجوا من لبنان و57000 عادوا، في حين أن كل عمليات الإجلاء التي قامت بها السفارات الأجنبية والعربية التي ناهزت الـ 600 رحلة لم يتخطّ عدد الركاب فيها الـ15 ألفا.
ومعلوم أن حركة المطار انخفضت إلى 30% عما كانت عليه قبل الحرب، فيما تسيّر شركة طيران الشرق الأوسط رحلات أقل من متوسطها الموسمي البالغ 45 رحلة. ووفق نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود ثمة “55 أو 60 شركة طيران كانت تصل إلى مطار بيروت، لكن اليوم ليس هناك سوى شركة واحدة، “فإذا كانت طائرة “الميدل إيست” تأتي من الخارج بملاءة تراوح بين 80 و90%، فإنها تمثل 20% حدا أقصى مما كان عليه الحال في الأعوام السابقة خلال هذا الموسم من الأعياد، مع الاخذ في الاعتبار أن التراجع في سوق السفر في البلاد بلغ 80% مقارنة بالأعوام السابقة”.