في هشاشة الثلاثية: الجيش اللبناني هدف لـ “الحزب”
ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها الجيش اللبناني فيُتّهم بالتقصير والتقاعس عن حماية لبنان. ولن تكون المرّة الأخيرة التي يُتوقّع أن يُستهدف فيها العماد جوزيف عون بالمباشر من باب معضلة التمديد له، ثم يتبيّن التجنّي والغرض منه. ولعلّه ذو دلالةٍ أن إعلام الممانعة بوسائط الميديا الخاصة به غالباً ما يكون المصدر الأول لأنباء تأنيبية كهذه. فما القصد من تظهير الامتعاض من المؤسسة العسكرية الصامدة الجامعة، في زمن الحرب؟
“التمديد لقائد الجيش سيُزعج حزب اللّه حتماً، بقيادته المراقبة في إيران، فليس خافياً أن غريمَ التنظيم المسلّح هو الشرعية المتمثلة بالجيش اللبناني وبأدائه الرصين”، يقولها العميد جورج نادر لـ “نداء الوطن” ويتابع “أما وقد علا شأن الحزب داخلياً على حساب المؤسسات، بعد سنوات من المواظبة على إضعاف الجيش اللبناني، فلا يمكن أن يقبل بسهولة إعلاء شأن المؤسسة العسكرية على حساب إضعاف سيطرته. فلا شكّ أن حزب اللّه يراهن حالياً على الترميم الداخلي وإعادة التموضع واستعادة السلطة، لا بل من الطبيعي جداً أن يكون هدفه في هذه المرحلة تحديداً: التصويب الممنهج على شخص العماد جوزيف عون، ومحاولة السيطرة على الجيش من كرسي القيادة من ضمن بروباغندا استحالة حماية لبنان إلّا ببندقية الحزب”.
وفيما ينتظر الإعلام الموجّه لـ “حزب الله” من جنبلاط وبرّي إسناداً أوضح لخياراتهما كرؤساء كُتل ضد التمديد، ويستطيب صمت الأكثرية السنيّة عن اتخاذ المواقف… يؤكد العميد نادر أن “مؤسسة الجيش اللبناني قادرة على إنتاج قائد آخر، وأن التمديد لعون ليس محبّباً إنما هو ضرورة في الظروف الحالية، تحت خط النار، وبوجود السلاح وما يستتبعه من حكومة خاضعة”.
تحمّل تبعات “جبهة الإسناد”
لا يسمح القاع الذي تقيم فيه حكومة تصريف الأعمال الحالية بأي تغيير إيجابيّ يعيد للجيش اللبناني وهجه. وليس من إرادةٍ سياسيةٍ لدى رئاسة الوزراء باتجاه الحدّ من التدهور الأمني المتسارع الذي يفترض دعماً للمؤسسة العسكرية لا فتح الباب أمام خرقها. وفي هذا الإطار، يعتبر العميد نادر أنه “من المجحف أن يتحمّل الجيش تبعات جبهة الإسناد أو التلويح بسيرة ابراهيم طنّوس للعماد عون من ضمن الحملة المبرمجة ضده، أو حتى استغلال الخرق الأمني الذي حدث في البترون مع أن حادثة “البيجر” سجّلت أهم حوادث الخرق الأمني في التاريخ المعاصر وقد رفض حزب اللّه ـ الذي يطرح نفسه تنظيماً أكثر كفاءة وتحصيناً- التعاون مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية للتحقيق فيها”.
فحص “طهران”
يُساء إلى قيادة الجيش اللبناني عندما يُنظر إليها بعين داعمي اللاشرعية، بخاصة لجهة اتّهام العماد عون بأنه يتجاوز منفرداً قرارات جميع الوزراء المتعاقبين على وزارة الدفاع وبأنه يحمل في تصرّفاته تبعية للسفارة الأميركية بما يحمل هذا الادّعاء من تزوير للحقائق واختلاق الشكوك. وهنا يثني العميد نادر على صمود العماد جوزيف عون أمام ما حيك للمؤسسة العسكرية من محاولات سيطرة سابقة من قبل “التيار الوطني الحر” وغيره. الأمر الذي يؤكد أن هذه المحاولات لم تتوقّف ولن تتوقّف لما يشكّله من منافسة كذلك على مرشح “حزب اللّه” الرئاسي سليمان فرنجية. إذ يبدو أن اختيار قائد جديد للجيش تحت ضغط ثلاثية “جيش شعب مقاومة” يفترض الخضوع المؤكد لفحص في طهران على غرار فحوصات الطاعة في عنجر في زمن الوصاية السورية.
وفي ختام تحليل التصويب على الجيش اللبناني في زمن الحرب مع إسرائيل، نغادر حكاية “السيّئ والأكثر سوءاً”، بحسم الأخير نصره الدائم في المعارك القائمة مهما حدث، فنعبر إلى ترقّب ما ستصنعه النسخة الجديدة من “حزب اللّه بعد نصرالله” من ضياع متواصل.