خاص- خطاب نعيم قاسم… استهتار سافر بمستقبل لبنان وتدمير متعمد لمؤسسات الدولة

خاص- خطاب نعيم قاسم… استهتار سافر بمستقبل لبنان وتدمير متعمد لمؤسسات الدولة

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
6 تشرين الثاني 2024

في خطاب ينضح بالتحدي والغرور، أطل الشيخ نعيم قاسم ليكرر ذات الأسطوانة القديمة، متجاهلًا كليًا صرخات اللبنانيين الذين سئموا الحروب والمآسي. يظهر قاسم كمنفصل تمامًا عن واقع شعب يعاني من انهيار كامل على كافة الأصعدة، ليقدم لهم مجددًا شعارات جوفاء ووعودًا بالتصعيد، وكأن اللبنانيين قدرهم أن يكونوا وقودًا في معركة لم يختاروها، ولا تعود عليهم سوى بالعزلة والفقر. لقد بات واضحًا أن قادة حزب الله يفضلون رؤية لبنان كركام على أن يتنازلوا عن مشاريعهم التي تُغرق البلاد يومًا بعد يوم.

وفي واحدة من أخطر النقاط التي تطرق إليها قاسم، وجه رسالة فيها انتقاص صريح للجيش اللبناني، مطالبًا إياه “بتوضيح دوره” حول حادثة الإنزال في البترون ودور اليونيفيل، وكأن الجيش مؤسسة تحتاج لإذن من حزب الله للقيام بواجباتها. هذا الأسلوب يعكس احتقارًا واضحًا لأهم مؤسسة وطنية في البلاد، كما يكرس نظرة الحزب التي تعتبر الجيش اللبناني مجرد تابع، في حين يعتبر الحزب نفسه القائد الفعلي لحماية لبنان.

إن حديث قاسم لا يترك مجالًا للشك بأن حزب الله يرى نفسه فوق الدولة، متجاهلًا أن الجيش هو المؤسسة الشرعية الوحيدة المخولة بالدفاع عن سيادة البلاد. تهميش الجيش بهذا الشكل ليس إلا خطوة ضمن خطة أوسع تهدف إلى تقويض المؤسسات اللبنانية بشكل ممنهج، وإحلال الحزب محل الدولة، ليصبح لبنان مجرد دمية بيد قادة لا يرون في الوطن سوى قاعدة خلفية لمشروعهم، مهما كانت تبعاته الكارثية.

الحزب يضحّي بلبنان ويبيع البلاد للأجندات الخارجية

خطاب نعيم قاسم لا يعدو كونه ترويجًا لخطة تدميرية تُبقي لبنان أسيرًا لحروب لا تنتهي. ففي الوقت الذي يعاني فيه الشعب من انهيار اقتصادي ومعيشي شامل، لا يجد قاسم حرجًا في دعوته إلى “حرب استنزاف مهما طالت”. إن هذا الموقف يكشف حقيقة مؤلمة: حزب الله على استعداد لتدمير البلاد بأكملها في سبيل تنفيذ أوامر تأتيه من الخارج، ودفع لبنان ليكون ساحة صراع لا يعرف السلام أبدًا.

هل تحمّل حزب الله المسؤولية عن تردي الاقتصاد وانهيار العملة وعزلة لبنان المتزايدة؟ لا، بل يستمر بتجاهل الواقع المرير، ويدفع بالبلاد نحو المزيد من المواجهات التي لا تنتهي، وكأن الهدف هو إفقار اللبنانيين وتجويعهم حتى يعتادوا على حياة الهوان والعزلة. إن التضحية بلبنان كله في سبيل مشروع المقاومة لم تعد شعارًا؛ بل أصبحت حقيقة يومية يدفع ثمنها الشعب.

شعارات جوفاء لا قيمة لها أمام الجوع والفقر

يتحدث قاسم عن “الصمود” و”الميدان” وكأن اللبنانيين يعيشون في رفاهية تجعلهم قادرين على تحمل المزيد من الويلات. بينما يواجه المواطن البسيط صعوبة في تأمين قوته اليومي، يظهر قاسم بمنتهى البرود ليدعوهم إلى “حرب استنزاف” كأنهم جنود في معركة لا نهاية لها. ألا يدرك حزب الله أن هذا الشعب قد انهار اقتصاديًا ونفسيًا؟ أم أن الحزب يرى في معاناة الشعب وسيلة لتحقيق طموحات لا تمت بصلة لمصلحة لبنان؟

خطاب قاسم، يشكل إهانة للكرامة اللبنانية، إذ ينكر حق الشعب في السلام والأمن، ويضعه في مواجهة خيارات لا إنسانية، حيث يكون الخيار الوحيد إما الخضوع لأجندات الحزب أو مواجهة شبح الحرب والعزلة. لم تعد هذه الشعارات الجوفاء تقنع أحدًا، ولم يعد اللبنانيون مستعدين للتضحية بأنفسهم في سبيل مشروع لم يجلب لهم سوى الخراب.

*هيمنة الحزب… قضاءٌ على مفهوم الدولة*

في خطابه، يظهر قاسم كزعيم لدولة داخل دولة، متجاهلًا كافة المؤسسات الوطنية، ومهمشًا لدور الدولة اللبنانية بأكملها. خطاب قاسم لا يترك أي مجال للتساؤل؛ لبنان في نظر “حزب الله” ليس إلا قطعة أرض تُستخدم لأغراضه الخاصة، وكأن لا وجود لمؤسسات، ولا لدولة، ولا لحقوق شعب. اللبنانيون في نظر قاسم ليسوا الّا مجرد أرقام تُستخدم لتحقيق أهداف الحزب، وكأن الوطن بأكمله وُجد ليكون رهينة بيد قوة تفرض إرادتها فوق كل اعتبار.

في الختام، ما قدمه نعيم قاسم ليس إلا استهتارًا سافرًا بمستقبل لبنان وتهديدًا صريحًا لكل مواطن يسعى للسلام والاستقرار. هذا الخطاب هو بمثابة تذكير بأن حزب الله يرى في لبنان ساحة مفتوحة لصراعات لا تخدم سوى قادته وأجنداتهم. يجب على كل لبناني أن يعي أن هذه الشعارات لم تجلب سوى الخراب، وأن التمسك بها يعني استمرار حالة الانهيار، وتحويل لبنان إلى مجرد ورقة في لعبة إقليمية تهدد وجوده.