إنعاش مهمة هوكشتاين في ظل “الرئيس المنتخب” لبنان يترقّب بتحفظ وإسرائيل تمضي في التدمير
قد يكون أفضل ما تناهى إلى اللبنانيين في ساعات حبس الأنفاس في “الثلاثاء الكبير” ترقباً لنتائج أكثر الانتخابات الرئاسية الأميركية إثارة للتشويق أن الادارة الأميركية الحالية تزمع إعادة تنشيط مهمة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى الشرق الاوسط، وتحديداً إلى إسرائيل ولبنان، فور انتهاء العمليات الانتخابية في الولايات المتحدة الأميركية. ذلك أنه رغم تراجع نسبي طفيف في شراسة واتساع الإغارات الجوية الإسرائيلية مقارنة بالأيام السابقة، فإن العنف عاد يطبع المواجهات الميدانية على الحدود الجنوبية بين القوات الإسرائيلية و”حزب الله” كما في الغارات الاسرائيلية بعد ظهر أمس على عدد من المناطق.
ولكن المعطيات المتصلة بالميدان اتسمت بتناقضات واسعة من الجانب الإسرائيلي عكستها وسائل الاعلام والصحافة الإسرائيلية، إذ نشرت بعض التقارير عن “انسحاب الوية إسرائيلية من الجنوب اللبناني”، ومن ثم اتبعت بتقارير عن مواجهات داخل الحدود وعلى محور رميش. واقترنت هذه التناقضات بما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر إسرائيلية بقولها “نستعد لاحتمال زيادة الضغوط بعد الانتخابات الأميركية لدفعنا إلى إنهاء الحرب وإدارة بايدن ستضغط للتوصل إلى صفقة كبيرة تشمل إنهاء الحرب بغض النظر عن الفائز في الانتخابات”.
غير أن الحذر والتحفظ طبعا الموقف اللبناني الرسمي “المفاوض” حيال احتمالات إعادة تحريك الجهود الديبلوماسية الأميركية في الأيام القليلة المقبلة. وقال مصدر بارز معني بمتابعة هذه الجهود رداً على سؤال لـ”النهار” عما إذا كانت ثمة معطيات أُبلغت إلى بيروت في هذا الشأن “إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ونحن لدغنا مرات ومرات “. وكان المصدر يلمح إلى أن الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي يلتزمان التحفظ الشديد في انتظار تبلّغ ما إذا كانت ثمة عودة وشيكة من عدمها للمبعوث الأميركي في قابل الأيام، ناهيك عن ترقب ما يمكن أن يحمله من إسرائيل في شأن التسوية لوقف النار وتنفيذ القرار 1701 وسط اجواء تشاؤمية حيال تصعيد إسرائيل لشروطها غير القابلة للنقاش أو القبول لبنانياً.
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم ويتضمن جدول الأعمال 24 بنداً، أبرزها بند تطويع 1500 جندي في اطار ترجمة التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 في الجنوب بعد وقف النار. وسيلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا قبل الجلسة، الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة الذين اصدروا الأسبوع الماضي “وثيقة بكفيا” التي تضمنت توجهات مشتركة لإنهاء الحرب ومعالجة الأزمة الداخلية.
تدمير القرى
على الصعيد الميداني تتكشف تباعاً فداحة الحرب التدميرية لبلدات وقرى الحافة الأمامية في الجنوب التي تمضي فيها إسرائيل من دون هوادة. وفي هذا السياق، افادت أمس “الوكالة الوطنية للاعلام” الرسمية أنه في إطار هذه الحرب التدميرية يقوم الجيش الإسرائيلي بتفخيخ وتدمير أحياء في مدن وبلدات بكاملها، بحيث أن أكثر من شارع وحيّ في 37 بلدة تم مسحها وتدمير منازلها، وأكثر من 40 ألف وحدة سكنية دمرت تدميراً كاملاً، وهذا يحدث في منطقة في عمق ثلاثة كيلومترات تمتد من الناقورة حتى مشارف الخيام.
وتواصلت أمس الغارات على الجنوب والبقاع حيث تم استهداف سيارة على طريق طليا- حورتعلا ما أدى إلى استشهاد 5 أشخاص بينهم ثلاثة أشقاء، كما استهدفت غارتان شقة سكنية بالقرب من مجمع المصطفى في الجية أدتا إلى سقوط شهيد و20 جريحاً. وبعد الظهر أفيد عن انتشال 12 جثة لشهداء من وطى الخيام.
في المقابل، أعلن “حزب الله” استهدافه تجمعاً للقوات الإسرائيلية في ثكنة دوفيف كما ثكنة معاليه غولاني وتجمعًا للقوات الإسرائيلية في موقع الرمثا في تلال كفرشوبا، وأعلن أنه قصف مصنعاً لمواد متفجرة في الخضيرة جنوب مدينة حيفا برشقة صواريخ نوعية. وأطلقت مساء أمس رشقة صاروخية كبيرة من لبنان في اتجاه الجليل الغربي. وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه هاجم مستودعات أسلحة لـ”حزب الله” في منطقة القصير في وسط سوريا.
وفي اطار التداعيات التي تركها حادث الانزال والخطف في البترون ردّ حزب “القوات اللبنانية” على منتقدي الجيش اللبناني في محور الممانعة، معتبراً أن “الفريق الذي صادر قرار الدولة واستجر الحروب على لبنان، ما زال يواصل ضرب ما تبقى في هذه الدولة التي من دونها يعني المراوحة في الحروب والفوضى والخراب”. وأدرج “الحملة التي يشنها محور الممانعة على الجيش اللبناني في اطار محاولة للإنقضاض على آخر المؤسسات التي تعطي أملاً للبنانيين، وكأن هذا الفريق أفسح في المجال أصلاً أمام الجيش ليتحمل مسؤولياته”. واعتبر “أن مسؤولية الاختراقات كلها تقع على من ادّعى القوة وتوازن الرعب والردع، علماً أن القاصي يعرف والداني أيضا، بأن ما استخدمته إسرائيل من تكنولوجيا غير قابل للرصد، وما قامت به في البترون قامت بالشيء نفسه في سوريا وداخل إيران نفسها، لا بل داخل بنية “حزب الله” نفسه، ومن يريد أن يلوم الجيش عليه أن يلوم نفسه بسبب حجم الاختراقات التي طالته بدءاً من استهداف معظم كوادره، وصولاً إلى اغتيال أمينه العام وخليفته”.