فرنسا ترفض تمديد التأشيرات للبنانيين: خطر محل الإقامة شرطاً

فرنسا ترفض تمديد التأشيرات للبنانيين: خطر محل الإقامة شرطاً

الكاتب: وليد حسين | المصدر: المدن
6 تشرين الثاني 2024
ظن اللبنانيون الذين شارفت تأشيرة دخولهم على الانتهاء في فرنسا، أن التعميم الذي صدر عن شرطة مقاطعة باريس سيسمح لهم تمديد مدة اقامتهم ريثما تنتهي الحرب في لبنان. ليتبين أن التعميم الذي صدر يوم أمس، هو مجرد جمع بيانات ومعطيات عن اللبنانيين لدراسة كل حالة على حدة، واتخاذ القرار المناسب بشأنها. بمعنى آخر، لم يصدر أي قرار بتمديد إقامة اللبنانيين الذين انتهت مدة تأشيرة دخولهم إلى الأراضي الفرنسية. بل ستدرس طلبات المتقدمين لاتخاذ القرار المناسب بشأن عودتهم، بحسب مكان سكنهم في لبنان، ومدى قربه أو بعده عن مناطق النزاع.
تعميم شرطة باريس
منذ مدة يعاني اللبنانيون الذين قصدوا فرنسا هرباً من الحرب، من الضغوط القانونية التي تلزمهم مغادرة الأراضي الفرنسية قبل انتهاء مدة تأشيرة الدخول. وقد تواصل العديد منهم مع السفارة اللبنانية في باريس ومع شرطة المقاطعات حيث يسكنون، بغية تمديد فترة الإقامة إلى حين انتهاء الحرب في لبنان. لكن الجواب جاء برفض شرطة المقاطعات التمديد، كما أكد أكثر من مواطن لبناني لـ”المدن”.

يفيد التعميم الصادر عن شرطة مقاطعة باريس، أنه بإمكان اللبنانيين الذين دخلوا إلى فرنسا بتأشيرة دخول تخولهم البقاء لمدة أقل من ثلاثة أشهر، أو بتأشيرة دخول للإقامة الطويلة، وشارفت على الانتهاء، تقديم طلب تمديد مدة الإقامة قبل انتهاء صلاحيتها بـ15 يوماً. وقد استبشروا خيراً بهذا التعميم، ليتبين أن الأمر مرتبط بشروط محل الإقامة في لبنان.

المواطنة اللبنانية سارة س. التي مضى على هجرتها إلى فرنسا 15 عاماً، رأت أن التعميم أتى ليريحها من مغبة التعب في مواكبة  طلب تمديد الإقامة لوالديها. فقد اعتاد والداها زيارتها كل عام في مطلع شهر أيلول. وهذا ما حصل هذا العام. لكن توسع الحرب على لبنان دفع سارة إلى طلب تمديد مدة إقامة أهلها لأنها تخاف من عودتهما إلى لبنان في الوقت الحالي.
وقبل انتهاء مدة الإقامة، تواصلت مع شرطة مقاطعة باريس، وكان الجواب أنه لا يمكن تمديد مدة التأشيرة. ثم تواصلت مع السفارة اللبنانية التي وعدت بمتابعة الموضوع. لذا تعتبر أن تعميم الشرطة أتى في الوقت المناسب لأنها كانت بين ناري بقاء والديها في إقامة غير شرعية في فرنسا أو ذهابهما إلى لبنان مرغمين، ويكون مصيرهما مجهولاً. لكن حصل العكس بحيث لم يعد بإمكانهما البقاء في فرنسا إلا بعد أن تتأكد السلطات الفرنسية من خطر محل إقامتهما في لبنان.

طلب مغادرة الأراضي الفرنسية
ندين ن. من بيروت أيضاً اعتاد والديها المجيء كل عام لتمضية عيد الميلاد برفقتها، حيث يجتمعون في باريس مع باقي أفراد الأسرة الذين يحضرون من اسبانيا. لكن توسع الحرب على لبنان، وعمل والدها كمدير في إحدى مدارس الضاحية الجنوبية، دفعها لإحضاره ووالدتها في نهاية شهر أيلول. وأسوة بباقي اللبنانيين تخاف من عودة والديها إلى لبنان في ظل عدم اليقين من الحرب الحالية.

العديد من اللبنانيين تواصلوا مع شرطة المقاطعة لعرض مشكلة قرب انتهاء مدة الإقامة، لكن الجواب كان أنه طالما أن مطار بيروت يعمل وشركة طيران الشرق الأوسط تواصل رحلاتها، فلا مبرر لتمديد مدة الإقامة. هذا الرفض القاطع دفع الشابة ل.ح. إلى مغادرة فرنسا. فقد حاولت كل ما في وسعها لتجنب خيار العودة إلى لبنان. وأقدمت على إلغاء حجز الطيران وتقدمت بطلب متذرعة أنها  لا تملك بطاقة سفر تخولها العودة. لكن الجواب كان أنه عليها مغادرة الأراضي الفرنسية. ولم تجد أمامها سوى خيار المغادرة.

هذه الأزمة التي تسبب بها توسع الحرب على لبنان، دفعت باللبنانيين المقيمين في فرنسا للتواصل مع السفارة اللبنانية في باريس، وأكد القائم بأعمال السفارة زياد طعان “تشكيل خلية أزمة للمتابعة”. وشرح لـ”المدن” أنه بناء على تعليمات وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان تواصل مع السلطات الفرنسية في وزارتي الداخلية والخارجية، لحل هذه الإشكالية، بعدما أبلغتهم شرطة المقاطعات باستحالة تمديد مدة الإقامة، ولذا يتوجب عليهم المغادرة قبل انتهاء صلاحية تأشيرة الدخول. ثم تواصلوا مع السفارة اللبنانية التي بدأت بجمع البيانات”. مشيراً إلى أن عدد اللبنانيين الذين تقدموا بطلبات لتمديد إقامتهم  بلغ نحو 500 لبناني، وهناك العديد من اللبنانيين الذين لم يتواصلوا مع السفارة بعد، وذلك في انتظار قرب انتهاء تأشيرة الدخول”

وأكد طعان “أن تعميم شرطة مقاطعة باريس، الذي سيُستتبع بتعاميم مماثلة من شرطة باقي المقاطعات، لا يعني أن المشكلة حلت نهائياً”. وشرح “أن الأمر ما زال يقتصر على إنشاء منصة لتلقي الطلبات لدراستها. بمعنى آخر، لم تقدم فرنسا على إصدار أي قرار تمدد بموجبه إقامة اللبنانيين إلى مدة محددة، كما فعلت العديد من الدول”.

وشرح طعان أنه “بعد تقديم الطلب تدرس شرطة المقاطعة كل طلب على حدة، وترى إذا ما كان الشخص المعني يمكنه تمديد الإقامة من عدمها”. أي أن السلطات الفرنسية ستدرس بيانات المتقدمين لمعرفة أماكن سكنهم في لبنان لتحديد المخاطر الممكنة بحسب قربهم أو بعدهم عن المناطق التي تتعرض للقصف. ما يعني أن تمديد الإقامة ليس حتمياً للجميع.