عطّلت الرادارات البحرية: ماذا تُريد إسرائيل من عماد أمهز؟

عطّلت الرادارات البحرية: ماذا تُريد إسرائيل من عماد أمهز؟

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
5 تشرين الثاني 2024
عطّلت القوات البحريّة الإسرائيليّة غرفة العمليات البحرية والمراكز الرادارية التابعة للجيش اللبناني على طول الشاطئ اللبناني، تمهيدًا لتنفيذ عملية الإنزال على شاطئ البترون لاختطاف القبطان اللبناني عماد أمهز من داخل غرفة نومه واقتياده إلى إسرائيل للتحقيق معه.

بين الدقة والهشاشة
ووصفت مصادر أمنية مُتابعة لمجرى التحقيق، أن خطوة إسرائيل تعتبر من أكثر العمليات العسكرية والأمنية الدقيقة التي حصلت على الأراضي اللبنانيّة، والتي طرحت تساؤلات عديدة حول الطريقة التي اعتمدتها القوات الإسرائيليّة لاجتياز الشاطئ البحري والدخول لأحد شاليهات البترون وتنفيذ عملية اختطاف لم تتجاوز مدتها الأربع دقائق فقط، والخروج من المنطقة من دون أي ضوضاء.

بل وأكثر، فإن عملية الاختطاف لم تُكشف عبر الأجهزة الأمنية اللبنانية إلا من خلال زوجة المخطوف، التي اعتادت على التواصل معه هاتفيًا بشكل يوميّ. الأمر الذي عرّض قيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية كلها لسيلٍ من الانتقادات لكون الرادارات البحريّة لم تكشف أو تُسجل أي عملية إنزال على طول الشاطئ اللبنانيّ.

وعليه، زار قائد الجيش العماد جوزف عون، رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، وأطلعه على التحقيق الداخلي الذي تقوم به قيادة الجيش بشأن عملية الخطف التي حصلت في البترون. وحسب معلومات “المدن” قدّم عون تقارير مفصلة عن حركة الرادارات البحريّة التابعة لقيادة الجيش، التي لم تُسجل أي حركة مُريبة داخل البحر.
وأفادت مصادر أمنية لـ”المدن” أن هذه التقارير والصور تثبت أن إسرائيل عطّلت عمل الرادار البحري، فمُسح ما بداخله أو تعرض للتشويش بشكل مقصود، لذلك لم تتمكن الأجهزة الأمنية من كشف أي تفاصيل حول هذه العملية.

من جهتها، علّقت نائبة الناطق الرسمي باسم اليونيفيل، على حادثة البترون قائلة “أن اليونيفيل ليس لها أي علاقة في تسهيل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك آخر للسيادة اللبنانيّة”. وعلمت “المدن” من مصادر قضائيّة إلى أن المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار، سيوجه كتابًا لقوات اليونيفيل لمطالبتها بإطلاعه على التحقيقات التي تُجريها بهذا الخصوص، وعما إن كانت إسرائيل قد عمدت على تشويش الرادارات التابعة لهم أيضًا.

مسح الداتا
إذن، بحسب الرواية الأمنية الحالية، فإن زوجة المخطوف هي التي أبلغت الأجهزة الأمنية بانقطاع تواصلها مع زوجها. أما أصحاب الشاليه في البترون، فأكدوا سماع ضوضاء في  ساعات الفجر من يوم الجمعة الماضي، ولدى فتح الباب طُلب منهم البقاء في الداخل، لكونهم عناصر من أمن الدولة. وحاولت الأجهزة الأمنية الكشف على كاميرات المراقبة الموجودة في الشاليه، لكنها لم تعثر على أي مشهد يوثق الحادثة، ولفتت مصادر أمنية لـ”المدن” إلى أن إسرائيل اخترقت كاميرات المُراقبة عن بُعد ومسحت كل “الداتا” المسجلة.

أما المعلومات التي توصلت إليها التحقيقات، فإن الشاب أمهز يحمل باسبورًا من دولة باناما (panama)، وتحاول الأجهزة الأمنية التواصل مع السفارة للتأكد من صحته، كما أنه يمتلك الكثير من الخطوط الأجنبية، بحجة أنه يرفع علم “باناما” على سفينته التجارية ويدخل لعدة بلدان خلال رحلته البحرية.

وتوقعت مصادر أمنية إلى أن التحقيقات، وإن توسعت، لن تؤدي إلى الحقيقة الكاملة، إذ لم يتبين بعد أسباب اختطاف هذا الشاب، ولم يُعرف أي معلومات عن طبيعة عمله في البحر. ولفتت المصادر إلى أن دقة هذه العملية تُؤكد أن إسرائيل هدفها الحصول على معلومات من المخطوف، وهي بدأت بالتحقيق معه منذ اللحظات الأولى لاختطافه، ولو أرادت قتله لفعلت، وهذا الأمر طرح تساؤلات كبيرة حول أهمية هذا الشخص بالنسبة لإسرائيل، خصوصًا بعد أن زعمت مصادر أمنية إسرائيليّة أن أمهز هو “عضو رئيسيّ في حزب الله، وشخصية منخرطة بالكامل في نشاطات حزب الله”.

وأفادت مصادر أمنية لبنانيّة مُتابعة للتحقيق عن وجود فرضيات كثيرة حول أسباب عملية الاختطاف، وأبرزها أن تنفيذ عملية دقيقة بهذا الشكل، يعود لارتباطه بحزب الله، مرجحةً أن تكون طبيعة عمله في تهريب ونقل السلاح من سوريا إلى لبنان عبر البحر، وتوقعت المصادر أنه في حال أثبتت التحقيقات هذا الأمر، هذا يعني أن جهات استخباراتية خارجية أبلغت إسرائيل عن طبيعة عمل أمهز ومدّتها بالمعلومات الكاملة عنه.