ضياع لبناني حيال تأثير الانتخابات الأميركية… الحكومة تطلب مجدداً حماية مجلس الأمن
استقبل رئيس الحكومة أمس كل من سفراء الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، فرنسا هيرفي ماغرو، روسيا الكسندر روداكوف، الصين تشيان مينجيان، القائمة بأعمال السفارة البريطانية فيكتوريا ديون، وسلمهم رسالة أكد فيها ضرورة التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر.
مع أن المجريات الدامية والتدميرية للحرب الجارية على لبنان تملي التعامل بحذر شديد مع أي معالم طارئة في سياق هذه الحرب المتدحرجة بلا أي أفق منظور، بدا لافتاً الانحسار ولو النسبي المحدود الذي سجل في الغارات والعمليات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة، علماً أنه انحسار لا يعتد به في أي دلالات محتملة لتخفيض مستويات التصعيد الحربي.
ولعلّ حبس الأنفاس الذي يعيشه العالم مترقباً نتائج “الثلاثاء الكبير” في الولايات المتحدة اليوم، انعكس أكثر على لبنان الذي يعيش حالة رهانات متضاربة ومعقدة على من ستحمله الانتخابات إلى البيت الابيض، وهل سيكون لانتخاب كامالا هاريس الديموقراطية أم دونالد ترامب الجمهوري فعل تأثير عاجل على لجم الحرب الجارية على لبنان بعدما أخفقت كل مشاريع وقف النار السابقة بوساطة الإدارة الأميركية الحالية. ويبدو واضحاً أن لا مكان بعد للتوقعات المتفائلة في هذا السياق، وفق ما تؤكده مصادر دبلوماسية معنية، باعتبار أن حسابات الحرب والتسوية في إسرائيل تتصل أولاً وأخيراً بحسابات بنيامين نتنياهو وليس بأي ضغط أميركي محتمل عليه وهو ما ثبت بوضوح منذ اشتعال الحرب في لبنان في أيلول (سبتمبر) الماضي. كما أن التصعيد المستعاد بين إسرائيل وإيران الذي ينذر بمواجهة جديدة قريباً لن يسمح بتوقع مرونة في موقف “حزب الله” بعد الانتخابات الأميركية خصوصاً إذا فاز دونالد ترامب الذي تتوجس منه طهران بشدة.
سفراء الدول الخمس
وسط هذه الأجواء المعقدة والغامضة طرق لبنان الرسمي مجدداً أبواب الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي سعياً إلى تحفيزها لممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف مسارها التدميري للقطاعات اللبنانية. وعقد أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سلسلة لقاءات مع السفراء الخمسة كما مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب. وأكد ميقاتي خلال هذه اللقاءات “أنّ تمادي العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان والجرائم التي يرتكبها قتلاً وتدميرا، هي برسم المجتمع الدولي الساكت عما يجري، في الوقت الذي ينبغي أن تمارس الدول التي تحمل لواء الإنسانية وحقوق الإنسان أقصى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها”.
ولفت إلى أن “الحكومة اللبنانية أعلنت صراحة التزامها بالقرار 1701، وعزمها على تعزيز الجيش في الجنوب، ورحبت بكل المواقف التي تدعو إلى وقف اطلاق النار، إلا أن العدو الإسرائيلي انقلب على كل الحلول المقترحة ومضى في جرائم الحرب بحق مختلف المناطق اللبنانية وصولاً إلى استهداف المواقع الأثرية، وهذا في ذاته جريمة إضافية ضد الإنسانية ينبغي التصدي لها ووقفها”. وجدّد المطالبة “بالضغط لوقف العدوان تمهيداً للبحث في السبل الكفيلة بتطبيق القرار 1701 بحرفيته، وكما أُقر، من دون أي إضافات أو تفسيرات”.
وأشار ميقاتي إلى أنه سلّم السفراء التقرير الصادر عن وزارة الصحة بالأضرار التي لحقت بالقطاع الصحي نتيجة الغارات الإسرائيلية، كما سلّم السفراء رسالة أكد فيها أن “العدوان الإسرائيلي المستمر، وخاصة الهجمات على مدن مثل بعلبك وصور، أدت إلى نزوح قرى باكملها وتهديد مواقع تراثية وثقافية لا تقدر بثمن، ونحن ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لوقف العنف العبثي وحماية التراث الثقافي لبلادنا، بما في ذلك المواقع الأثرية القديمة في بعلبك وصور”. وطالب “مجلس الأمن باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لحماية هذه الكنوز التاريخية”. وطلب رئيس الحكومة من وزارة الخارجية تعميم نص الرسالة أيضاً على الأعضاء غير الدائمين في مجلس الامن.
وفي اطار مواجهة تحديات الوضعين العسكري والأمني خصوصاً ملابسات عملية الانزال الإسرائيلية في البترون وخطف عماد أمهز، زار قائد الجيش العماد جوزف عون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأطلعهما على التحقيق الداخلي الذي تقوم به قيادة الجيش في شأن عملية الانزال والخطف. وأفادت معلومات أن قائد الجيش حمل معه إلى عين التينة والسرايا أكثر من خريطة وصوراً التقطها الرادار فجر يوم تنفيذ العملية الجمعة الماضي.
انحسار نسبي
على الصعيد الميداني تواصلت أمس الغارت الاسرائيلية على لبنان لا سيما على الجنوب في مقابل عمليات لـ”حزب الله” ولو بوتيرة أخف من الأيام السابقة. وأعلن “حزب الله” في بياناته أنه “في إطار التحذير الذي وجّهته المقاومة الإسلامية لعددٍ من مستوطنات الشمال، استهدف مجاهدو المُقاومة الإسلاميّة ليل الأحد – الإثنين مستوطنات اييليت هشاحر وشاعل وحتسور ودلتون، بالإضافة الى وحدة المراقبة الجويّة في قاعدة ميرون بصلية صاروخيّة”.
كما أعلن الحزب أنه “شن هجوماً جويا بسربٍ من المسيّرات الانقضاضيّة على تجمع للقوات الإسرائيلية في مستوطنة المنارة وشنّ هجوماً جويا بسرب آخر على تجمعٍ للقوات الإسرائيلية في مستوطنة يفتاح، واستهدف تجمعاً للقوات الإسرائيلية شرق بلدة مارون الراس بمُسيّرة انقضاضيّة وقصف مستوطنة نهاريا بصلية صاروخية كبيرة كما قصف بصلية كبيرة قاعدة ميرون للمراقبة الجوية واستهدف مدينة صفد بصلية صاروخية كبيرة”.
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قضى على أبو علي رضا القيادي في “حزب الله” في منطقة برعشيت جنوب لبنان. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن 8 طائرات مسيّرة اخترقت أجواء إسرائيل منها 5 أطلقت من لبنان و3 من جهة الشرق منذ صباح أمس. وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن “قوات الهندسة التابعة للواء 188 تواصل كشف وتدمير البنية التحتية لـ”حزب الله” في المناطق الوعرة بالجنوب”، وأشار إلى أن “قوات اللواء 188 تمكنت من الكشف عن مخزن قذائف صاروخية يحتوي أيضًا على ذخائر وأسلحة مخبأة في المناطق الوعرة وفي بنية تحتية تحت الأرض”.