رادار- بين جمع الرصاص الفارغ وجمع الذهب

رادار- بين جمع الرصاص الفارغ وجمع الذهب

الكاتب: beirut24
23 تشرين الأول 2024

بعد ساعات من أنباء عن استهداف طيران العدو لفروع جمعية القرض الحسن في لبنان، توجه فهيم مسرعًا الى منزل صديقه نعيم ليطمئن على سلامته وعائلته كونه يقيم في شارع يضم فرعًا للجمعية المستهدفة.

ما ان دخل فهيم من الباب حتى أصابه الذهول. فقد وجد صديقه مستلقيًا على الأريكة أمام التلفاز، يرتشف القهوة ويسحب ما أمكنه من نيكوتين سيجارته، ودموعه تتدحرج على خديه لشدة الضحك.

صمت فهيم لفترة قبل أن يبادر الى ما يشبه تعزية صديقه نعيم قائلًا: هوّن عليك يا صديقي ولا تحزن كثيرًا على ذهب زوجتك الذي أودعته في القرض الحسن عندما احتجت أن تدفع القسط الجامعي لابنتك. المهم أنك وعائلتك بخير، وكل شيء قابل للتعويض.

حاول نعيم أن يتوقف لبرهة عن الضحك المبكي ليرد على صديقه: كلا يا صديقي لم أصب بالجنون، ولست حزينًا على ذهب زوجتي. كل ما في الأمر أنني أتابع مشهدًا سورياليًا على التلفاز.

ماذا تشاهد إذًا؟

أنظر يا صديقي الى الناس ترفع الأنقاض عن أحد فروع الجمعية الذي دمرته إحدى الغارات.

وما الغريب في ذلك؟ ربما يكون من مصابين تحت الأنقاض.

كلا يا صديقي إنهم يبحثون عن فتات ذهبهم وذهب مودعين آخرين وقد تناثرت في المنطقة.

وتابع: لقد أعادني هذا المشهد سنوات طويلة الى الوراء. أتذكر يا صديقي عندما كنا أولادًا نقصد خطوط التماس بعد كل جولة في الحرب الأهلية لنجمع الرصاص والقذائف الفارغة ثم نذهب ونبيعها لأحد تجار الخرضوات في المنطقة ونتوجه فورا الى السينما بعد أن نشتري كل ما لذ وطاب؟

سالت دمعة من عين فهيم بعدما فهم قصد صديقه. بين جمع الرصاص وجمع الذهب نصف قرن من الأزمات المتعاقبة. في أية حال  إنها الحرب في كل زمان ومكان.