مسيحيو القرى الحدودية يتعلقون بـ”قشّة الدرك” لبقاء مناطقهم لبنانية

مسيحيو القرى الحدودية يتعلقون بـ”قشّة الدرك” لبقاء مناطقهم لبنانية

الكاتب: وليد حسين | المصدر: المدن
23 تشرين الأول 2024

تلقى كاهن رعية بلدية رميش الحدودية اللبنانية ،نجيب العميل، تعهداً شفهياً من المسؤولين بعدم سحب مخفر قوى الأمن الداخلي من البلدة، وذلك بعد الصرخة التي أطلقها يوم أمس. وأكد لـ”المدن” أن هناك تطمينات من المسؤولين بإبقاء نقطة قوى الأمن الداخلي بعد مناشدة الأهالي للحفاظ على وجود الدولة اللبنانية في منطقتهم.

تخلي الدولة عن المنطقة
كان أهالي رميش، الذين استنجدوا بكاهن الرعية نجيب العميل أشبه بـ”غريق يستنجد بقشة”. لا يريدون من الدولة إلا الإبقاء على مخفر قوى الأمن الداخلي كي يشعروا أن الدولة موجودة وللحفاظ على هويتهم اللبنانية. فبعد قرار إعادة تموضع الجيش اللبناني وانسحابه إلى بلدة بيت ياحون (تبعد عن بلدة رميش نحو 5 كيلومترات) صدر قرار عن مدير قوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، بسحب عناصر وآليات مخفر رميش منذ يومن، فشعر سكان البلدة أن الدولة اللبنانية تتخلى عنهم وتجبرهم على النزوح من أرضهم، أو البقاء تحت رحمة جيش العدو.

تجمع الأهالي في باحة الكنيسة مساءً، وأطلق كاهن الرعية نجيب العميل صرخة أعاد فيها نكأ جروح الماضي. واعتبر أن انسحاب عناصر وآليات قوى الأمن الداخلي من البلدة يعيد التذكير بتخلي الدولة اللبنانية عن المنطقة: “ما يحصل اليوم شبيه بالعام 1969 عندما سلمت الدولة المنطقة “لفتح لاند”. لقد سحبت الدولة الجيش الذي كنا مرتاحين لوجوده لأنه يحمينا، واليوم طلبوا سحب مخفر الدرك. ما يعني أن الدولة تتخلى عنا مثل السابق. حينها أتى الاحتلال واستمر لنحو 25 عاماً. وعندما تحررت الأرض باتوا ينظرون إلينا على أننا عملاء. نحن نرفض هذا الأمر. لا نقبل إلا أن نكون لبنانيين وأن تكون الدولة اللبنانية مسؤولة عنا… انسحاب الجيش كان لأسباب أمنية ولأن ليس لديه أوامر بالقتال. لكن لماذا يسحبون الدرك الذي يحافظ على أمننا؟ لن نقبل بهذا الأمر وسنعتصم أمام المخفر صباحاً لمنع سحب الاليات”. وصباح يوم أمس الإثنين، اعتصم الأهالي أمام مخفر الدرك. وكرر العميل نداءه للدولة اللبنانية وقيادة قوى الأمن الداخلي بعدم سحب العناصر. وحذر من أن انسحاب الدرك من البلدة يعني ترك قرابة 6 الاف نسمة في البلدة لمصيرهم المجهول.

في حديثة لـ”المدن” أكد كاهن الرعية عن تلقيهم تطمينات من بعض المسؤولين بعدم سحب المخفر. لكنها تطمينات شفهية فيما كانوا يطالبون بأن تكون خطية.

بدوره أكد رئيس البلدية ميلاد العلم أنه تابع الأمر مع المسؤولين وحصل على تأكيدات بأن لا يتم سحب مخفر الدرك من القرية. ولفت إلى أن رميش تأوي العديد من سكان المناطق المجاورة ولا سيما من عين إبل ودبل والقوزح ويارون. وهم يرفضون ترك المنطقة رغم صعوبة تأمين المستلزمات الأساسية من مياه وغذاء، التي كانت تتم عبر قوافل للجيش اللبناني.

الحفاظ على لبنانية المنطقة
بعد تهديدات الجيش الإسرائيلي لسكان القرى المجاورة لإخلاء مناطقهم، نزح العديد منهم (مثل عين أبل ودبل والقوزح ويارون) إلى رميش (لم تصلها تهديدات بالإخلاء)، فيما فضّل الآخرون النزوح إلى بيروت. وقد اختار أهالي رميش والنازحين إليها كاهن الرعية للنطق باسمهم للقول للدولة إن الحفاظ على المسيحيين في تلك المنطقة يعني الحفاظ على لبنانية الأراضي. فتوسيع العدو الإسرائيلي نطاق الحرب منذ نحو شهر كان يهدف إلى تهجير السكان أو تطهير القرى المصنفة شيعية. وتمسك سكان تلك القرى المسيحية ببقاء ولو مخفر درك بمثابة تمسكهم بالدولة اللبنانية.
يقول الكاهن نجيب العميل: “بقاء الدرك يشعرنا أن الدولة موجودة. فنحن نريد الحفاظ على لبنانية هذه المنطقة. نريد أن نبقى في بلدتنا ولن نرحل عنها”.

وحول صعوبة تأمين مستلزمات العيش في المنطقة قال العميل: “لدينا مخزون من الغذاء يكفي لنحو ثلاثة أشهر. الأدوية والطبابة مؤمنة من مستوصف مالطة ومن أطباء البلدة الخيرين والصامدين. لدينا صعوبة في تأمين أدوية الأمراض المزمنة، التي كنا نحصل عليها من بيروت. وإلى حد يوم أمس كان الجيش اللبناني يؤمن قافلات الغذاء والدواء. وبعد انسحابه لنحو 5 كيلومتر عن المنطقة سنرى ماذا سنفعل. لكن الأهم من كل ذلك أننا نريد أن نبقى في منطقتنا ونحافظ على وجودنا. ونريد من الدولة عدم التخلي عنا”.