شهر على الحرب الأشدّ شراسة تصعيد جنوني رداً على هوكشتاين

شهر على الحرب الأشدّ شراسة تصعيد جنوني رداً على هوكشتاين

المصدر: النهار
23 تشرين الأول 2024

 بمرور شهر اليوم على اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان، بدا الفارق هائلاً مقارنة بحرب تموز (يوليو) 2006 التي انتهت بعد 33 يوماً من المواجهات بالقرار 1701 وبحجم الدمار والخسائر البشرية في الجانب اللبناني. إذ أن الشهر المنصرم من الاجتياح التدميري الجوي الذي تشنّه إسرائيل على “حزب الله” ومناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وصولاً إلى كسروان وأيطو، رسم حتى اليوم فقط الحصيلة الأشدّ فداحة، إن على صعيد المجازر البشرية التي ترتكبها إسرائيل أو على صعيد الدمار المخيف في المناطق المستهدفة لا سيما منها الضاحية الجنوبية وعلى امتداد بلدات وقرى الشريط الحدودي وفي العمق الممتد إلى النبطية وصور ومعظم البقاع الشمالي والكثير من البقاع الأوسط والبقاع الغربي، ما يستنسخ غزة – 2 تماماً، علماً أن وزارة الصحة أفادت أمس أن الحصيلة الاجمالية للضحايا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان حتى يوم الاثنين الماضي ارتفع إلى 2546 والجرحى إلى 11862.

أما في الجانب العام للمشهد الحربي والاتجاهات المحتملة في الفترة المقبلة، فبدا واضحاً وفق المعطيات التي أعقبت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت، أن أي أمل باختراق وشيك يتمثل بوقف النار لم يحن أوانه بعد، ولو أن ثمة من ينتظر في بيروت اتصالات جديدة يجريها هوكشتاين مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بعد أن يكون تبلّغ من إسرائيل أجوبة على طرح يقترحه لتنفيذ القرار 1701 بحذافيره كما صرّح في بيروت.

وهذه المعطيات تشير إلى عقم توقع أي اختراق ايجابي راهناً، بل أن الاوساط المعنية في بيروت اعتبرت أن التصعيد الجنوني الذي شنّه الطيران الحربي في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في غارات تدميرية ودموية شكلت الجواب الوحيد الذي تقدمه حكومة بنيامين نتنياهو حيال أي مشروع حل.

كما أن اكثر من ثلاثين عملية لـ”حزب الله” طاول بعضها مشارف تل أبيب كان الجواب الحاسم للحزب على ما تبلّغه من الرئيس بري حيال مهمة هوكشتاين ومشروعه لتنفيذ القرار 1701. ورسمت هذه الاوساط تالياً صورة شديدة التخوف من التصعيد المتدحرج في الفترة المقبلة التي لن تنتهي عند حدود الانتخابات الرئاسية الأميركية كما يتوقع كثيرون في ظل سقوط لبنان تحت حسابات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية مباشرة بما يرجح تمادي التصعيد المفتوح.

التصعيد في الاعماق

وقد اتسمت الغارات الإسرائيلية أمس بمنحى جنوني مع تجددها على الضاحية الجنوبية كما في النبطية فيما أرتفعت حصيلة المجزرة في منطقة الجناح – محيط مستشفى الحريري التي حصلت مساء الاثنين إلى 18 شهيدا والجرحى إلى 60.

في المقابل، كانت سلسلة عمليات لـ”حزب الله” إلى العمق الإسرائيلي أبرزها صباحاً، وتسببت بوقف حركة الطيران بالكامل في مطار بن غوريون، وقصف قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 في ‏ضواحي تل أبيب وقصف شركة تاع للصناعات العسكرية في ضواحي تل أبيب. كما جدّد القصف الصاروخي مساء في اتجاه شمال اسرائيل. وأعلنت اذاعة الجيش الإسرائيلي مساءً أن عملية بحث عن مسيّرة تسللت من لبنان جرت من دون جدوى.

وعقد مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” محمد عفيف مؤتمراً صحافياً في الضاحية، فحمل بشدة على “الاعلام المحرّض على المقاومة”، واعتبر أن “الولايات المتحدة شريك كامل الشراكة في العدوان على لبنان وشعبه ولن يغير وصول موفدها إلى بيروت من القول إنّ أميركا هي أم الإرهاب، وإنّ الأفكار التي طرحها لم تكن سوى استطلاع أولي بالنار لموقف المقاومة على وقع المجازر والدماء. إنّ ثقتنا بدولة الرئيس بري تامة وكاملة ونؤكد موقفه القاطع أن لا مفاوضات تحت النار وما لا يؤخذ بالنار لا يُعطى بالسياسة”. وقال إن “المقاومة الإسلامية تعلن مسؤوليتها الكاملة والتامة والحصرية عن عملية قيساريا واستهداف منزل مجرم الحرب وزعيم الفاشية الصهيونية”.

وسط هذه الاجواء لم يكتمل نصاب الجلسة النيابية أمس لانتخاب أميني سر وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابية، وتقرر على الاثر اعتبار هيئة المكتب واللجان قائمة باعضائها الحاليين. وانتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع المتغيبين بحدة “عن القيام بالواجب الذي ائتمنهم عليه الشعب اللبناني”. وقال: “إذا كانت الحجة أن لبنان في حالة حرب، فهذه حجة ساقطة تماماً، لأنه في حالة الحرب يُطلب من المؤسسات الدستورية القيام بدورها أكثر من الأيام العادية. وإذا كانت الحجة أن هناك نواباً عليهم خطر أمني، وبالتالي لا يستطيعون الحضور إلى المجلس النيابي، فهذا مفهوم بالنسبة لهؤلاء النواب الذين في أقصى الحالات لا يتعدى عددهم الخمسة عشر نائباً، ولكن لا يحق للآخرين التخلُّف عن الحضور، خصوصا وأن المسألة هي مسألة تكوين الإدارة الداخلية للمجلس النيابي. لقد صُمّت في الأشهر والأسابيع والأيام الماضية أذاننا من سماع العديد من النواب الذين يصرّون وبصوت عال على الوسائل الإعلامية كافة على أنهم يريدون انتخابات رئاسية اليوم قبل الغد، ويريدون انتظام عمل المؤسسات الدستورية، ويريدون ويريدون ويريدون، بينما هم انفسهم تخلفوا اليوم عن مجرد حضور جلسة عادية لمجلس النواب لإعادة تكوين مكتبه ولجانه. إن الكتل والنواب الذين لم يساهموا بتأمين نصاب جلسة اليوم لم يتصرفوا انطلاقاً من الأمانة التي حملّهم إياها الشعب اللبناني، وخذلوه ليس في منتصف الطريق، بل من أوله”.