خاص – هوكشتاين للّبنانيّين: تحمّلوا مسؤوليّة أنفسكم!
ما زالت إيران التي تدير عمليّات “حزب الله”، مصرّة على عدم تقديم أيّ تنازل، لا بل ترفع السقف، وتضع الشروط، طالما أنّها تحارب على أرض لبنان، وبدماء اللبنانيين، الحلفاء منهم والخصوم. وعلى رغم الضربات الكبيرة التي لحقت ببنية الحزب، والدمار الهائل في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب والبقاع، وتهجير أهالي القرى الحدودية، أغمضت طهران عينيها عن كلّ هذا الخراب، واستمرّت في رفض الشروط الإسرائيلية للحلّ، والتي تصبح أكثر فأكثر تشدّداً، خصوصاً بعد كلّ جولة من الغارات الكثيفة المدمّرة.
لذا، أُبلغ الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي زار بيروت والتقى رئيسي المجلس نبيه برّي والحكومة نجيب ميقاتي، رفض الشروط الإسرائيلية التي يحملها لوقف الحرب، على اعتبار أنّها تشكّل مساساً بالسيادة اللبنانية. ولكن لم تقدّم الحكومة اللبنانية، ومن يقف وراءها، أيّ بديل يضمن تنفيذ القرار 1701، أي الانسحاب الفعليّ لعناصر الحزب وسلاحه حتّى نهر الليطاني، من دون عودة، وعدم إدخال صواريخ جديدة عبر الحدود، وبالتالي سحب السلاح من الحزب عمليّاً، وتحويله إلى حزب سياسي، على غرار الاحزاب اللبنانية الأخرى.
وأفهم الموفد الأميركي المسؤولين اللبنانيين أنّ القرار 1701 من دون ضمانات فعليّة وموثوقة لتنفيذه بكلّ مندرجاته، لم يعد ينفع، لأنّ أحداً لم ينفّذه في الأساس منذ العام 2006. فاستمرّت الخروقات الإسرائيلية، بينما قام الحزب بتعزيز ترسانته وحفر الأنفاق، ليصبح أقوى ممّا كان عليه عند صدور هذا القرار.
فما هي الضمانات التي طلبها هوكشتاين، حتّى يصار إلى تنفيذ القرار 1701، مع إضافة ملحق ينصّ على آليّة التطبيق؟
يعتبر الموفد الأميركيّ أنّ الطرح اللبناني لكيفيّة تنفيذ القرار الدولي لا يفي بالغرض. إذ إنّ نشر الجيش وقوّات اليونيفيل في الجنوب غير كافٍ، لأنّ هذا السيناريو هو نفسه الذي جرى في العام 2006. ولكن، لم يكن في قدرة الجيش أو القوّات الدولية حينها منع عناصر الحزب من التحرّك وبناء التعزيزات وتكديس الأسلحة.
أمّا الشرط الثاني، فهو تأمين الحدود البرّية والجوّية والبحرية، ومنع دخول أسلحة لصالح الحزب. وهو الوضع الذي لم تستطع الدولة اللبنانية القيام به حتّى الآن. إذ إنّ القوّة التي كان يتمتّع بها الحزب، والتي تفوق قدرات الدولة، سمحت له بالسيطرة على كلّ المنافذ الحدودية والمطار والمرفأ من دون أيّ رادع. فمن هي القوّة التي سيمكنها اليوم تأمين مراقبة الحدود، وما هي الظروف التي تسمح للجيش بالقيام بذلك؟
وحسب الطرح الذي حمله هوكشتاين، يشكّل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ثمّ إعادة تكوين السلطة عبر حكومة جديدة، المدخل الأساسي إلى قيام دولة قويّة وقادرة على فرض سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، ومنع أيّ فريق من أن يكون مسلّحاً. وقد طرح بالفعل اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، على أساس أنّه الأنسب لهذه المهمّة التي تتطلّب دوراً محوريّاً للقوى العسكرية في المرحلة المقبلة. لكن رئيس المجلس نبيه برّي أوضح له انّ انتخاب عون يحتاج إلى تعديل دستوري غير متاح الآن، بمعنى إبلاغه الرفض لهذا الاسم.
وتريد واشنطن أن تتزامن الإجراءات الأمنية، مع دور فاعل للحكومة اللبنانية والبرلمان، لمواكبة هذه الإجراءات وإضفاء الصفة الشرعية عليها. كما أنّها تتطلّع إلى القوى المناهضة للحزب والممثّلة في البرلمان، للمطالبة بالبحث في سلاح الحزب، بحيث لا يكون هناك سلاح سوى ذاك التابع للسلطات الشرعية.
ولكن، بما أن طرح الموفد الأميركي لم يلقَ التجاوب الكافي، فقد غادر هوكشتاين قائلاً للبنانيين: تحمّلوا مسؤولية أنفسكم. وعليه، فإنّ مسار الأمور ذاهب إلى مزيد من التصعيد الإسرائيلي لتدمير الحزب ولبنان معه. ولكنّ الأخطر، في حال عدم تدارك الوضع، أن إسرائيل ستدخل إلى القرى الجنوبية التي سحقتها، وستحتلّها إلى أجل غير مسمّى، حتّى تتمكن من الإشراف بنفسها على منع الحزب من إعادة التعافي.